مع تزايد أعداد الشركات الصينية في المجر، قامت السلطات الصينية بفتح مدرسة لتعليم أبناء الصينيين العاملين هناك. وتعتبر هذه المدرسة بتمويلها الحكومي والتي تغيرت كثيراً منذ فتحها في 2004، الوحيدة من نوعها في شرق أوروبا. والتعليم ليس هو الطريق الوحيد الذي تسلكه الصين للدخول إلى وسط وشرق أوروبا، حيث تقوم الشركات الصينية الغنية بشراء العقارات والمنافسة في الفوز بالتعاقدات الخاصة بالبنية التحتية من دول البلطيق إلى البلقان، خاصة وأن بولندا وأوكرانيا تسابقان الزمن لاستضافتهما معاً بطولة الأمم الأوروبية في 2012. كما تستثمر الشركات الصينية أيضاً في صناعة منتجات مثل الالكترونيات والكيماويات وذلك لكسب موطئ قدم في السوق الأوروبية المعروفة بغلائها. وفازت مجموعة شركات صينية العام الماضي بعقد لتشييد مرحلتين لطريق سريع يربط بين لودز ووارسو في بولندا. وبالرغم من أن هذه الصفقة ليست بالكبيرة إلا أنها تمثل المرة الأولى التي تفوز فيها شركة غير بولندية أو أوروبية بعقد مثل ذلك يتم تمويل جزء منه من قبل الاتحاد الأوروبي. وتقول هينريكا بوشنيارز رئيس “اتحاد أصحاب العمل الخاص” البولندي :”يبدو أن بعض الشركات البولندية غير راضية عن هذه الصفقة ويقولون أن الشركات الصينية مدعومة من حكومتها. لكن وبصراحة طالما أنهم يوفرون الشروط المطلوبة فمن الصعب استبعادهم”. وتضيف هينريكا أن الشركات الصينية تقوم بتوظيف عمال ومهندسين بولنديين. ويساعد الشركات الصينية العاملة في بولندا، القدر الكبير الذي تحظى به القوى العاملة البولندية من التعليم فضلاً عن انخفاض معدلات الأجور مقارنة بدول أوروبا الغربية. وتغيرت التدفقات التجارية أيضاً، علماً بأن صادرات الصين الرئيسية لبولندا كانت من الملابس والأحذية والشاي. وأصبحت الصين الآن المصدر الرئيسي للمنتجات الإلكترونية. وكانت الاستثمارات الصينية في بولندا وفي دول أخرى من شرق أوروبا حتى وقت قريب في 2007 لا تمثل ذلك القدر الكبير. ويقول توماس أوستاسويز مدير “إدارة التعاون الاقتصادي الثنائي” في وزارة الاقتصاد البولندية “بلغت الاستثمارات الصينية في بولندا في العام 2007 نحو 70 مليون يورو (92 مليون دولار). وتخطط الصين لأن يبلغ حجم استثماراتها في 2010 نحو 500 مليون يورو”. ومن شأن ذلك أن يوفر نحو 3,230 فرصة عمل. وانتشرت الاستثمارات الصينية في القطاع الصناعي على وجه الخصوص مثل الإلكترونيات والآليات والتغليف، وصناعة الورق والبلاستيك، في شكل شراكات في معظمها. واستحوذت مجموعة وانهوا الصناعية الصينية مؤخراً على حصة كبيرة من شركة “بورسود للكيماويات” التي تعتبر من الشركات الرائدة في صناعة البولي يوريثين في وسط وشرق أوروبا. وتعتبر “وانهوا” أكبر شركة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لصناعة الأيزوسيانات المادة الخام للبولي يوريثين المستخدمة في قطاعي الانشاءات وصناعة السيارات بالإضافة إلى صناعة الأجهزة المنزلية والأحذية. وتسوق الشركة لأميركا والشرق الأوسط وتسعى لدخول سوق أوروبا. ويقول هوارد دينج نائب مدير الشركة “منحتنا بورسود للكيماويات أرضية صناعية ننطلق منها لأوروبا، مما يعني تحسن إمكانية الدخول والوسائل الخاصة بخدمة عملائنا هناك”. وتقع “بورسود للكيماويات” في مدينة كازينكبارسيكا في شمال شرقي المجر، ويعود تأسيسها لعام 1949 كمركز لإنتاج المخصبات والكيماويات. وتم شراؤها من قبل اثنين من صناديق الأسهم الخاصة في 2006. وبما أن الشركة كانت تبحث عن ممول لبناء مصنعها ولتسديد قروضها البالغة ما يقارب مليار يورو، قدمت لها “وانهوا” 140 مليون يورو في يونيو الماضي مقابل حصولها على حصة قدرها 38% من شركة “فيرست للكيماويات” القابضة ل “بورسود”، بالإضافة إلى خيار شراء النسبة المتبقية خلال العامين المقبلين. وتبحث السلطات الصينية وشركاتها عن فرص الدخول في بلدان أخرى من المنطقة حيث وقعت الصين في العام الماضي مذكرة تفاهم يتم بمقتضاها تقديم قرض مليار دولار لدولة مولدوفيا أفقر الدول الأوروبية. كما وافق البنك المركزي الصيني على مقايضة نقدية لروسيا البيضاء (بيلاروسيا) قدرها 2,3 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات. ويبدو أن الصين تخطط لاستغلال المنطقة كنقطة انطلاق لبقية دول الاتحاد الأوروبي. واتخذت بلد مثل المجر باقتصادها المتهالك حتى قبل حلول الأزمة المالية، خطوات بعيدة في علاقتها الاقتصادية بالصين. ويغطي المجمع التجاري الصيني الذي يضم محلات تجارية ومدرسة ومركز آسيا التجاري، نحو 1,35 مليون قدم مكعب وتستثمر فيه شركة “ستار باج” كبرى شركات الإنشاءات في أوروبا نحو 200 مليون يورو. وبالمقارنة، فإن الحكومة والقطاع التجاري في بولندا ليس بذلك الحماس الكبير للحصول على مستثمرين صينيين. ويعزى ذلك لقلة المعرفة المتوفرة لكلا البلدين عن بعضهما البعض، فضلاً عن الفوارق الثقافية واللغوية وهي أشياء يحاول الميجريون القضاء عليها. نقلاً عن “إيكونومي واتش” ترجمة: حسونة الطيب