حاتم فاروق (أبوظبي)
لم يأت شعار «صنع بفخر في دولة الإمارات» من فراغ، بل جاء باعتراف وإجماع دولي، وبعد جهود مكثفة وحثيثة استمرت لعقود، جعلت من المنتج الصناعي الإماراتي «أيقونة» الأسواق العالمية، لما يتمتع به من جودة صناعية تعتمد على أحدث التقنيات، وقدرة تنافسية وضعته على رأس قائمة المنتجات التي تعتمد المعايير والمواصفات الصناعية العالمية، بحسب رجال صناعة ورؤساء تنفيذيين.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»: «قبل ثماني سنوات من الآن، اعتمد مجلس الوزراء المبادرة الوطنية التي تحمل شعار (صنع بفخر في دولة الإمارات)، والتي تهدف إلى تطوير المنتجات الوطنية، وتعزيز الفخر بجودة هذه المنتجات، سواء كانت هذه المنتجات خدمية أو شركات وطنية، أو غيرها»، مؤكدين أنه تم تخصيص علامة جودة يتم طباعتها على جميع المنتجات أو المشروعات أو الخدمات الوطنية، ويمثل المنتج بموجبه جودة المنتجات الإماراتية، ويحقق معاييرها المتميزة عالمياً.
وأضافوا أن الصناعة الإماراتية لها سمعة عالمية، لما تتمتع به من ميزات صناعية تعتمد على أحدث التقنيات في مختلف المجالات الصناعية، حتى وصلت تلك الصناعة إلى مناطحة كبريات الشركات العالمية العاملة في صناعات دقيقة وفي مقدمتها صناعة الطيران والمحركات العملاقة، فضلاً عن الصناعات الثقيلة التي تستخدم في الصناعات التحويلية، ومنها صناعة الألمنيوم والحديد والصلب.
وأوضح رجال الصناعة ورؤساء الكيانات الصناعية الوطنية، أن المنتج الصناعي الوطني استطاع خلال فترة زمنية قياسية اقتحام كبريات الأسواق العالمية لبلدان صناعية متقدمة ومنها الأسواق الأوروبية والأميركية، ما يشير بوضوح إلى الأهمية الاستراتيجية لتلك المنتجات في الأسواق، مؤكدين أن تلك الأسواق الدولية لن تسمح بدخول منتجات صناعية «معيبة» أو غير مطابقة للمواصفات القياسية العالمية، بل إن دخول منتجات الصناعة الإماراتية لهذه الأسواق يعد شهادة اعتماد كبرى لجودة الصناعة الوطنية في مختلف المجالات.
سمعة عالمية
وقال المهندس جمال الظاهري، الرئيس التنفيذي لمجموعة «صناعات»، إن المنتجات الصناعية الإماراتية أصبحت تتمتع بسمعة عالمية بالأسواق الدولية، نظراً لتميزها في المطابقة والمواصفات العالمية والتي تخضع لمعايير الجودة الشاملة، وهو ما يجعل الدول المتقدمة في القطاعات الصناعية تعتمد دخول تلك المنتجات لأسواقها، منوهاً بأن مثل هذه المنتجات تخضع لرقابة وتدقيق شامل، من مختلف الجهات، في الدولة وخارجها.
وأكد الظاهري أن حكومة أبوظبي تبنت رؤية واضحة، تهدف إلى تطوير وتمكين القطاع الصناعي من خلال تشجيع الإنتاج المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي، من خلال الاعتماد على أعلى مقاييس جودة الإنتاج ومطابقة تلك المنتجات لاشتراطات الصناعة على المستويين المحلي والعالمي، مؤكداً أن تواجد المنتج الصناعي الإماراتي في مختلف أسواق العالم المتقدم، ما هو إلا دليل واضح على جودة المنتج وتميزه عن المنتجات المنافسة بضوابط الإنتاج والتصدير.
وأضاف: «تنطلق استراتيجية صناعات في الاستثمار من هذه الرؤية، حيث لا نعمل فقط على ضمان نجاح شركاتنا، بل نهتم أيضاً بتنمية القدرات الصناعية لإمارة أبوظبي، والإسهام في تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي»، مؤكداً حرص الشركات التابعة لـ«صناعات» على اعتماد شروط الإنتاج ومقاييس الجودة، بهدف دعم الأهداف الاستراتيجية للصناعة الوطنية، من خلال التواجد الحقيقي في الأسواق العالمية، فضلاً عن إقامة شراكات مع كبريات الشركات الصناعية، والمساهمة في بناء الازدهار الصناعي العالمي.
جودة شاملة
بدوره، قال بدر سليم سلطان العلماء، رئيس وحدة صناعة الطيران والدفاع في شركة مبادلة للاستثمار، ورئيس اللجنة التنظيمية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع، إن الصناعة الوطنية أصبحت من العلامات المميزة في الأسواق العالمية، نظراً لما تتمتع به من جودة شاملة في المطابقة والمعايير القياسية، منوهاً بأن حكومة دولة الإمارات لم تدخر جهداً في دعم القطاع الصناعي بجميع المبادرات التي تضعها في مقدمة الصناعات العالمية، ومنها اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي كأساس في العمليات الإنتاجية والتشغيلية.
وأضاف العلماء أن الاستثمار في توطين تقنية عالمية رائدة ونادرة، مثل تقنية الذكاء الاصطناعي، شكلت دفعةً قوية للقطاع الصناعي الإماراتي، في إطار جهوده لتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في تعزيز دوره كمساهم أساسي في سلاسل القيمة المضافة العالمية للصناعات المتقدمة، وفي رفع قدراته التنافسية على المستوى العالمي، منوهاً بأن اعتماد تطبيقات الذكاء الاصطناعي وفر للقطاع الصناعي بيئة متكاملة لابتكار تطبيقات صناعية عززت من صادرات دولة الإمارات إلى أنحاء العالم.
وأوضح العلماء أن خطط واستراتيجيات دولة الإمارات للتنويع الاقتصادي ورؤية الإمارات 2021 ورؤية أبوظبي 2030، وضعت القطاع الصناعي في مكانة الصدارة بين القطاعات القادرة علي قيادة النمو الاقتصادي المستدام خلال العقود المقبلة، باعتبار القطاع الصناعي محركاً استراتيجياً للاستدامة، مؤكداً أن البيانات والأرقام تشير بوضوح إلى اهتمام الأسواق العالمية بالمنتجات الصناعية الوطنية، نظراً لما تتمتع به تلك المنتجات من جودة الإنتاج.
وأوضح أن الإمارات تقود في الوقت الراهن، حراكاً عالمياً في تنفيذ خطط واستراتيجيات الثورة الصناعية الرابعة، بعدما أصبحت أول دولة في العالم تطلق حكومتها مجلساً وزارياً لمستقبل الصناعة، مؤكداً أن إطلاق هذا المجلس يعد رافداً مهماً للغاية من روافد تكريس موقع الإمارات كوجهة للثورة الصناعية الرابعة، على المستوى العالمي، مشيراً في هذا للصدد إلى نجاح حكومة أبوظبي في بناء قاعدة صناعية متطورة، لتكون تجسيداً ملموساً لأرقى تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة على المستوى العالمي.
أساطيل الطائرات
بدوره، قال إسماعيل علي عبد الله، الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتا للتصنيع»: إن شعار «صنع في الإمارات» أصبح من الشعارات الصناعية الموسومة على أجنحة وأجزاء الطائرات المصنعة في شركة «ستراتا»، والتي تشكل في الوقت الراهن نحو 8% من إجمالي أساطيل الطائرات التجارية حول العالم، مؤكداً أن عدد الطائرات التي تحمل أجزاء هذا الشعار تجاوز 3000 طائرة من طرازات مختلفة، مصنعة في كبريات الشركات العالمية لتصنيع الطائرات.
وقال عبد الله: إن شركة «ستراتا» استطاعت التواجد بقوة ضمن قائمة الشركات العالمية العملاقة المصنعة للطائرات خلال فترة زمنية وجيزة، حيث تمكنت من تسليم نحو 3506 شحنات مكونة من 52.4 ألف قطعة منذ نشأتها عام 2010 وحتى عام 2019، مضيفاً أن «ستراتا» تقوم حالياً بإنتاج أجزاء هياكل الطائرات الأساسية والثانوية من المواد المركبة المتقدمة، وفقاً لتصاميم المنتجات التي توفرها شركات صناعة الطائرات الكبرى تحت شعار «صنع في الإمارات».
وأكد أن الشركة أبرمت عقود شراكة مع شركات رائدة في مجال تصنيع معدات الطائرات الأصلية على مستوى العالم، من بينها «بوينج»، و«إيرباص»، و«ليوناردو - فينميكانيكا لصناعة هياكل الطائرات»، فضلاً عن أنها مورد أساسي لشركات «بيلاتوس المحدودة للطائرات» و«أف إيه سي سي» و«سابكا» لصناعة الطيران و«ساب» لصناعة الطائرات.
17 هيئة طيران عالمية اعتمدت صيانة محركات الطائرات
قال منصور جناحي، الرئيس التنفيذي لشركة سند لتقنيات الطيران: إن الشركة حققت إنجازاً تاريخياً خلال عام 2019 جعلها تبرم عقوداً بقيمة تجاوزت 24.5 مليار درهم، لصيانة محركات الطائرات، وهو ما يؤكد المكانة الرفيعة والمتميزة التي تتمتع بها إمارة أبوظبي في عالم صيانة محركات الطائرات، مؤكداً أن شركة سند لتقنيات الطيران حصلت على اعتماد 17 هيئة طيران حول العالم بعد نجاحها في عمليات التدقيق الداخلي والخارجي التي تعتمد أعلى معايير الجودة.
وأكد جناحي أن الشركة تدرس حالياً الفرص المتاحة لتوظيف الصيانة التنبئية، والتي ترتكز بشكل أساسي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، في صيانة محركات الطائرات، مضيفاً أن سند لتقنيات الطيران لديها الكفاءة التشغيلية في الجودة لصيانة المحركات بمواصفات واشتراطات اعتمدتها كبريات الشركات الدولية المصنعة للمحركات.