شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، حفل افتتاح مهرجان البردة الذي نظمته وزارة الثقافة وتنمية المعرفة اليوم بـ"معرض 421" في العاصمة أبوظبي، بهدف الاحتفاء بالثقافة والفنون الإسلامية وتعزيز الوعي لدى الأجيال الناشئة بأشكال وأنماط الفنون الإسلامية ونشر جماليته وروعته في المجتمع.
واطلع سموه على المعرض الفني المصاحب للمهرجان والذي يشمل أعمالاً فنية للفائزين بالجائزة في دورتها الـ 15.
رافق سموه في الجولة معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة ومعالي زكي أنور نسيبة وزير دولة ومعالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار ومعالي محمد المر رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد.
وألقت معالي الكعبي الكلمة الافتتاحية في المهرجان والتي أكدت فيها على ضرورة تعزيز مشاركة الشباب في صياغة مستقبل الفنون الإسلامية، وتعميق ارتباطهم بهويتهم، وفتح آفاق أرحب أمام المبدعين، بما يظهر جماليات الفن الإسلامي بشكل تفصيلي.
وقالت "يركز مهرجان البردة على إبراز عظمة الحضارة الإسلامية من خلال الفن باعتباره تراثاً إنسانياً غنياً بالقيم الحضارية، فالفن الإسلامي يعكس آمال الشعوب، وطموحاتها وقدراتها الهندسية، وفلسفتها الحياتية، ونريد للعالم أن يرى من خلال الفن حجم طموحات شبابنا وقدراتهم وآمالهم في صناعة مستقبل أفضل".
وشددت معاليها على أهمية توظيف التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة في ابتكار مدارس وأعمال فنية تظهر جماليات الفنون الإسلامية، حيث أعلنت عن إجراء وزارة الثقافة وتنمية المعرفة أول دراسة من نوعها في المنطقة العربية باستخدام ذكاء السرب الاصطناعي، بمشاركة 30 خبيراً من قطاع الثقافة والفنون، حيث تناولت الدراسة مجموعة من التساؤلات أهمها: كيف يمكن لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة التعاون مع قادة هذا القطاع لوضع السياسات المناسبة، وتشجيع المبادرات الكفيلة بتحفيز الابتكار، ودعم التجارب الإبداعية، وإثراء الحوار العالمي حول مستقبل الفنون الإسلامية.
وأضافت "توصلت الدراسة إلى نتائج سترسم مستقبل قطاع الفنون الإسلامية في المستقبل أهمها أن تمويل البرامج الفنية يلعب دوراً محورياً في تطوير المهارات الإبداعية والفنية للشباب. كما توقعت الدراسة أن تشهد الفنون الأدائية والبصرية نمواً أكبر في قطاع الفن الإسلامي خلال خمس سنوات مقبلة، إضافة إلى ضرورة وضع سياسات وتشريعات تدعم مساحات العمل الفنية، وتزود الموهوبين بالتدريب اللازم، وتطور شراكات حكومية مع الفنانين والأكاديميين بما يساعد على بناء جمهور أوسع وأكثر وعياً بالفنون الإسلامية".
وتنفيذاً لنتائج الدراسة، وتطبيق توصياتها على شكل مبادرات وبرامج عمل مستدامة، تحتضن الطاقات الإبداعية الشابة، وتطور الفنون الإسلامية عبر أعمال فنية في مجالات التصميم والزخرفة والحروفية، أعلنت نورة الكعبي عن إطلاق منحة ليتم تقديمها إلى 10 فنانين من جميع أنحاء العالم.
وقالت "يتم تكليف الفنانين الفائزين بمنحة البردة بإنجاز أعمال فنية وعرضها بشكل دائم أمام الجمهور في مواقع محددة بالدولة، وذلك تحفيزاً للفنون المجتمعية، وخلق حراك فني يعرف الجمهور بأشكال الفنون الإسلامية، كما تفعّل منحة البردة برامج الإقامة الفنية داخل الدولة، وتستقطب المهارات والكفاءات الفنية العالمية".
واختتمت الكعبي كلمتها بالقول "نتطلع لرؤية أعمال فنية إسلامية مبتكرة مستوحاة من التراث الإسلامي، تطور وتثري الفن الإسلامي بأنواعه المختلفة، وتشكل خطوة باتجاه إحياء روائعه، ليصبح جزءً من حياتنا، ونشاهد شوارعنا ومدننا متاحف مفتوحة تزهو من جديد".
وتناولت الجلسة الافتتاحية في مهرجان البردة مستقبل الفن الإسلامي، وأهمية الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص في رسم ملامح مستقبل الفن الإسلامي، حيث استضافت الجلسة معالي زكي أنور نسيبة وزير الدولة ومعالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، ومعالي الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة بجمهورية مصر العربية، وأدار الجلسة مينا العريبي رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشونال".
وقالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إن "الفن الإسلامي مرتبط بالإنسان، نلحظه في حياتنا سواء في المباني أو الساحات"، مشددة على مسؤولية وزراء الثقافة في المحافظة على الموروث الثقافي للحضارة الإسلامية، ومشيرة في هذا الصدد إلى أن "مملكة البحرين تقدمت بمبادرة لمنظمة اليونسكو تهدف لتخصيص يوم للفنون الإسلامية لكي نقدم للعالم صورة جميلة عن حضارتنا، ونعطي للفنانين المتخصصين في الفن الإسلامي قيمة وأهمية ونتيح للمجتمع أن يتعرف على هؤلاء النجوم".

وثمنت معالي الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة بجمهورية مصر العربية، الجهود التي تبذلها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة في الإمارات، لما تعكسه من وعي في الاهتمام بالتراث الثقافي، مؤكدة أن الإمارات أصبحت قبلة للفنون، وأن مشاركة مصر في هذا المحفل الهام يعكس الصورة المشرقة المتمثلة في الإخاء ووحدة المصير بين البلدين.
وقالت "لقد تحدثنا كثيراً عن الماضي، وحان الوقت حتى نتحدث عن المستقبل مع الأجيال القادمة، إذ إن المهرجان انطلاقة مهمة للعالم العربي بهدف التواصل بين الأجيال ورسم صورة واضحة عن آلية صنع فنون إسلامية تحاكي الماضي وتستشرف المستقبل".
بدوره، أكد معالي زكي أنور نسيبة أن "الكثير من الفنانين في منطقتنا بدأوا في العودة إلى الأصول واستلهام أفكار من التراث الثقافي العربي والإسلامي، فمثلاً يضم فن أبوظبي الكثير من الأعمال الفنية المستوحاة من التراث الحضاري الإسلامي".
وقال "يعد مهرجان البردة وسيلة الفنانين والكتاب للنظر إلى ثقافتهم وحضارتهم ويستقوا منها الإلهام لابتكار أعمال جديدة. لقد أصبح القطاع الخاص أيضاً يدرك أهمية الاستثمار في الفنون الإسلامية، بهدف التعليم ونشر المعرفة بين أبناء المجتمع".
واستضاف المهرجان نخبة من الخبراء والمختصّين من حول العالم شاركوا في 18 جلسة حوارية، وورشة عمل، وعروض حية، طرحوا خلالها أفكارهم وخبراتهم حول سبل إبراز الصورة الإيجابية الناصعة للثقافة الإسلامية.
وناقش برنامج المهرجان العديد من الموضوعات المتعلقة بالفنون والثقافة الإسلامية أبرزها: "المؤسسات الثقافية في العصر الرقمي- المتاحف" و"من هو جمهور الفن الإسلامي؟".
وضمت قائمة المتحدثين في المهرجان شخصيات بارزة من المشهد الفني في دولة الإمارات أبرزها: فيلما يوركيوت مديرة السركال أفينيو، وليزا بال-ليتشجار نائب مدير مركز "تشكيل"، ومن كندا الدكتور هنري كيم المدير والرئيس التنفيذي لمتحف "الآغا خان"، ومن الولايات المتحدة الأميركية المخرج السينمائي وصانع الأفلام جابو أرورا.
كما تضمن برنامج المهرجان العديد من ورش العمل أبرزها: "تنمية مهارات الفن الإسلامي في القرن الحادي والعشرين" و"التقنيات الإبداعية لبناء بيئة الغد"، والعديد من المحاضرات من أبرز عناوينها: "فن الخط والطباعة الإسلامي"، و"الهندسة وأصول التصميم الإسلامي".