محمد حامد (دبي)
يستأثر أندريس إنييستا بأنه اللاعب الوحيد الذي هتفت جميع ملاعب إسبانيا باسمه، أو وقفت احتراماً وتقديراً له، ويكفي أن سنتياجو برنابيو معقل الريال الغريم الأزلي للبارسا، فعل ذلك تقديراً للنجم الملقب بالرسام، والذي يملك مسيرة كروية وسيرة أخلاقية لا تتكرر كثيراً في عالم كرة القدم، فقد حصل على 35 بطولة مع البارسا ومنتخب إسبانيا، أهمها لقب الليجا 9 مرات، ودوري الأبطال 4 مرات، لقب مونديالي أهداه لإسبانيا للمرة الأولى في تاريخها الكروي بهدفه التاريخي في مرمى هولندا، كما لعب أحد أدوار البطولة في فوز «لاروخا» بلقبي يورو 2008 و2012.
وبعيداً عن إنجازاته الكروية وخوضه أكثر من 800 مباراة دفاعاً عن قميص البارسا والإسبان، لم يكن إنييستا يوماً طرفاً في تصريح مثير للجدل، أو إساءة لفريق أو لاعب منافس، ولدى سؤاله عن ضرورة أن يكشف اللاعب عن الانتماء السياسي، خاصة في قضية كتالونيا ومدريد، قال إنه يفضل أن يبقى الرياضي رياضياً، ولا يبادر بالدخول في هذه الأجواء من تلقاء نفسه، ولكنه في الوقت ذاته يحق له الاحتفاظ لنفسه بالأفكار والانتماءات التي يريدها.
وفي الشأن الخاص، تحدث إنييستا في حوار مطول مع إحدى المحطات الإسبانية التي ذهبت خصيصاً لليابان من أجل التحدث معه، ونقلت صحف كتالونيا ومدريد تفاصيل هذا الحوار، خاصة أن الرسام لا يتحدث عادة عن حياته الخاصة، فهو ليس من نوعية النجوم الذين يحققون الشهرة من باب الحياة الاجتماعية، وعن قصة زواجه قال إنييستا: لقد بذلت جهداً كبيراً للوصول إلى قلب زوجتي، فقد كانت البداية قبل 11 عاماً، ذهبت إلى أحد المطاعم رفقة صديق لي، وجدت آنا تعمل هناك، أعتقد أنه كان حباً من النظرة الأولى، ولكنها لم تستجب لي في البداية، لقد فعلت كل شيء للوصول إلى قلبها، لم يكن الأمر سهلاً، ولكنه ممتع، فهذه التجربة جعلتني أشعر بأنني إنسان يعيش الواقع مثل غيره.
يستعيد إنييستا الجوانب الخاصة في مسيرته الكروية، ويكشف للمرة الأولى عن أنه استعان بطبيب نفسي من أجل التعافي من آثار حالة أقرب إلى الاكتئاب، والتشبع وعدم الشعور بالسعادة في مرحلة ما، بعد الحصول على جميع البطولات مع البارسا بين عامي 2009 و2010، وعلى رأس هذه البطولات الثلاثية التاريخية «الدوري والكأس ودوري الأبطال»، بل إن الفريق أكمل سلسلة الأمجاد بالحصول على سوبر إسبانيا وسوبر أوروبا، ومونديال الأندية، وعن تلك الفترة يقول إنييستا: حينما تحقق كل شيء، وتملك كل شيء، فإنك لا تشعر بالسعادة، هذا ما حدث لي، وقد يعتقد البعض أن السعادة الكاملة في أن تملك كل شيء، لقد مررت بهذه الحالة بين عامي 2009 و2010، لقد كانت الضغوط كبيرة، والنجاحات والبطولات على المستويات كافة، ما جعلني أحتاج إلى مساعدة الطبيب النفسي من أجل التعافي، لقد شعرت بهذه الحالة قبل كأس العالم 2010، وجاء هذا المونديال ليعيد لي الحياة من جديد، خاصة أنه شهد النهاية السعيدة التي حلمنا بها جميعاً. وعن قصة الدموع التي انهمرت منه في لحظات وداع جماهير البارسا بعد نهاية مسيرته مع النادي الكتالوني، قال إنييستا، إن البكاء في مثل هذه المواقف يظل أمراً مبرراً وطبيعياً، وكشف عن أنه لو كان الأمر بيده لظل يرتدي قميص برشلونة لعشر سنوات مقبلة، وربما للأبد، إلا أن الأمر ليس بيديه، حيث لا يمكن أن يستمر في المستوى التنافسي في القارة العجوز بالكفاءة ذاتها، بعد أن بلغ 34 عاماً، وكان قرار الرحيل صوب اليابان والانضمام لفريق فيسيل كوبي، حيث يعيش تفاصيل تجربة رائعة، مع ثقافة اجتماعية، وأجواء كروية جديدة على حد قوله.
ولم يكن ممكناً ألا يتحدث إنييستا عن القصة التي تشغل بال الإسبان، سواء في الريال أو البارسا في الوقت الحالي، بل إنه أمر مرشح ليظل على سطح الأحداث حتى يحين موعد الحسم، والحديث هنا عن إمكانية عودة نيمار للدوري الإسباني، سواء من بوابة الملكي، أو العودة لصفوف البارسا، وعن ذلك قال إنييستا: لن أتضرر من رؤية نيمار بقميص الريال، فالبارسا لديه عناصر أكثر من رائعة في مختلف المراكز، ولا يزال الفريق قادراً على حصد البطولات.
ولكن هل يرى إنييستا أن نيمار سيعود يوماً ما للبارسا؟ عن ذلك أجاب: يعود إلى برشلونة؟ الأمر ليس مستحيلاً، ولا يمكنني قول ذلك، ولكنني أراه صعباً، ويرى إنيسيتا كذلك أن كوتينيو وآرثر لن يكونا مثله هو وتشافي، ولكنه في الوقت ذاته يؤكد أنهما ليس أقل منهما في المستوى، مضيفاً: كوتينيو وآرثر لديهما قدرات خاصة، وهما ليس أقل من الناحية الفنية، ولكنهما لن يكونا مثلنا، أحرص على متابعة بعض مباريات البارسا، ولدي تواصل مع بعض اللاعبين في الفريق حتى الآن.