أسماء الحسيني (القاهرة – الخرطوم)
كثفت السلطات السودانية من استعداداتها الأمنية، لمواجهة تحركات فلول وأنصار النظام السابق في السودان من أجل ما سموه مليونية «الحشد الأخضر» في وسط العاصمة الخرطوم اليوم، بالتزامن مع حكم المحكمة على الرئيس المعزول عمر البشير في تهم الفساد الموجهة إليه.
وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد»: إن قوات الجيش تمركزت منذ أمس حول المنطقة العسكرية بوسط الخرطوم استعداداً للانتشار وتأمين الطرق والمنشآت الحيوية بالخرطوم، بعد معلومات حصلت عليها الأجهزة الأمنية السودانية بتخطيط لأعمال شغب واسعة.
وعم استنكار سوداني واسع تجاه حراك فلول النظام السابق، الذين قاموا بتشويه جداريات الثورة السودانية ومباني تجمع المهنيين بالدعوات للمظاهرات. وقال سودانيون عديدون إن «هؤلاء الفلول كان يجب أن يتواروا خجلاً من سوء الأفعال والجرائم التي ارتكبها نظامهم البائد بحق الشعب السوداني»، وذلك وسط مطالبات بتصنيف حزب «المؤتمر الوطني» المنحل كجماعة إرهابية في حال حدوث أي أعمال عنف من أنصاره.
وقال الناشط السوداني أحمد عبد الله طاهر: «كان على الإخوان أعداء الوطن والإنسانية الخروج بمسيرات من أجل الاعتذار للشعب السوداني بما تسببوا فيه من جرائم وكوارث بحق الوطن والشعب». وأشار الناشط السوداني تيسير حسن إدريس إلى «عدم منطقية حشد الإخوان لمعارضة سلطة لا تزال تتلمس خطاها في معالجة أزمات راكموها 30 عاماً، وسط حقل من الألغام التي زرعوها».
وحذر الصحفي السوداني خالد الأعيسر من عواقب هذه التعبئة التي ترفع شعارات «الجهاد والتحدي»، والتي بدأت بالاعتداء على المصلين في مسجد السنهوري بالعاصمة أمس.
من جانبه، يرى الهادي محمد الأمين الباحث السوداني المتخصص في الجماعات الإرهابية أنه «يوجد بالسودان العديد من الجماعات المتطرفة، وبعضها لا يخفي تحالفه مع الفلول وتنسيقه مع «المؤتمر الوطني» المنحل»، وذكر أن «هذه التيارات المتعددة إن لم تتجه للتعاطي مع الواقع الراهن بإيجابية، فعليها أن تهييء نفسها لردة فعل رسمية ستكون مماثلة لسياسات مصر ودول الخليج في التعامل مع هذه التيارات المتطرفة». ومن جانبه، قال الكاتب السوداني محمد عبدالقادر إنه «ليس من المنطق إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وأن حكم الإسلامويين انتهى وأصبح في ذمة التاريخ، وأن أي محاولة للالتفاف على الثورة لن تكون مقبولة من الشارع السوداني».
وفي هذه الأثناء، أشادت جوانا فيرونكا رئيسة لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي بالتطورات السياسية الجديدة بالسودان، وبالتحسينات الأمنية في دارفور. وأشارت إلى أن أسباب النزاع في إقليم دارفور لم تتم معالجتها، ووصفت الوضع الأمني بدارفور بأنه يتحسن، وأشادت بالمسار السياسي الإيجابي في جميع أنحاء السودان. وقالت: إن الظروف الأمنية بدارفور قد تطورت إلى حد كبير باستثناء مناطق محدودة بجبل مرة، وأضافت أنه مع ذلك لا تزال هناك تحديات كثيرة بشأن المسائل الإنسانية وحقوق الإنسان، ولم يتم معالجة أسباب النزاع.
وأضافت: لقد تم إحراز بعض الخطوات الإيجابية، وهناك توقعات بمشاركة المجتمع المدني بدارفور والنازحين في محادثات السلام الجارجية في دولة جنوب السودان، وحثت اللجنة ومجلس الأمن على استكشاف خيارات مختلفة لمعرفة كيف يمكن دعم الإنجازات التي حققتها السلطات السودانية وشعبها حتى الآن، وقالت: إن اللجنة والمجلس يحتاجان لبذل قصارى جهدهما للمساعدة في تعزيز الآمال والبناء عليها.
يأتي ذلك وسط أنباء عن تقدم إيجابي على صعيد المفاوضات بين وفد الحكومة السودانية والحركات المسلحة في جوبا عاصمة جنوب السودان. وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» إن الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) النائب الأول لمجلس السيادة السوداني توسط بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير لإنهاء خلافاتهما، التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، عقب إعلان قوى التغيير شروعها في تعيين ولاة الولايات وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وهو الأمر الذي أعلنت الجبهة الثورية رفضه قبل التوصل لاتفاق سلام نهائي.