محمد إبراهيم (الجزائر)

أصبح عبدالمجيد تبون الرئيس الحادي عشر للجزائر، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت، أمس الأول، بعد حصوله على 58.15% من الأصوات، وهو ما لم يقنع الحراك الشعبي الجزائري الذي واصل، أمس، مظاهراته للأسبوع الـ43. وأعلن محمد شرفي رئيس السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر ظهر أمس نتيجة الانتخابات، بعد أقل من 24 ساعة على غلق باب التصويت، حيث استمرت عملية الفرز طوال الليلة قبل الماضية.
وقال شرفي إن تبون حصل على 4 ملايين و945 ألفا و116 صوتاً بما يعادل نسبة 58.15% من الأصوات، ليحل في المركز الأول، وتلاه المرشح عبد القادر بن قرينة رئيس حزب حركة البناء الوطني حصل على نسبة 17.38% وجاء في المركز الثالث المرشح علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات 10.55%، وحل عز الدين ميهوبي الأمين العام بالإنابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي في المركز الرابع بنسبة 7.26%، وفي المركز الخامس والأخير المرشح عبدالعزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل، بنسبة 6.66%.
وأشار شرفي إلى أن نسبة المشاركة في الداخل بلغت 41.13%، بينما بلغت نسبة المشاركة الإجمالية (الداخل والخارج) 39.33%. وقال إن إجمالي عدد المصوتين بلغ 9 ملايين و747 ألفاً و804 ناخبين، وعدد الأصوات الصحيحة 8 ملايين و504 ألفا و364 صوتاً صحيحاً، و1 مليون و243 ألفا و458 صوتاً باطلاً، و11 ألفاً و588 صوتاً متنازع عليها.
وبتلك النتيجة يصبح تبون هو رئيس الجزائر للسنوات الخمس القادمة، والرئيس الحادي عشر في تاريخ البلاد، والذي جاء انتخابه لينهي 8 أشهر من شغور منصب الرئاسة منذ استقالة عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل الماضي. وشهدت ليلة الخميس – الجمعة تضاربا كبيرا في الأنباء المتواترة عن النتائج، ما بين فوز تبون أو الاتجاه نحو جولة الإعادة، بعد أن أعلنت حملات كل من ميهوبي وبن قرينة وبلعيد أن مرشحيها دخلوا جولة الإعادة.
واعتبر محمد شرفي رئيس السلطة المستقلة للانتخابات أن الجزائر دخلت عهدا جديدا بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت لتبدأ مرحلة واعدة في تجسيد الديمقراطية. وأوضح أن العملية الانتخابية «كانت في مستوى الآمال والتطلعات وجرت في جو خرج فيه الشعب في مشهد احتفالي لم تشهد الجزائر له مثيل منذ الاستقلال، عبر فيه المواطنون عن آرائهم بكل شفافية وديمقراطية وحرية ورقابة ذاتية قل نظيرها حتى عند الشعوب التي تدعي الديمقراطية».
ومن المقرر أن يعلن المجلس الدستوري (أعلى هيئة دستورية في البلاد) النتائج النهائية للانتخابات، في الفترة من 16 – 25 ديسمبر الجاري، وهي الخطوة التي قال عنها مصدر مسؤول بسلطة الانتخابات لـ«الاتحاد»: «إنها خطوة إجرائية ولن تغير في الأمور شيئا لأن الفارق كبير جدا بين تبون وباقي المرشحين».
ورغم هذا الفارق إلا أن الشارع الجزائري لم يهدأ، فبعد يوم انتخابي ساخن، شهد تعطيلا جزئيا للتصويت في ولايات البويرة وتيزي وزو وبجاية (شمال شرق)، وهي الولايات التي تقطنها أغلبية أمازيغية، وقعت اشتباكات بين الشرطة الجزائرية ومتظاهرين رافضين للانتخابات الرئاسية في ساحة البريد المركزي وسط الجزائر العاصمة. وفور إعلان النتيجة خرج الآلاف في عدة ولايات اعتراضا على الانتخابات الرئاسية، وللتعبير عن إصرارهم على تنفيذ مطالب الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فبراير الماضي، وأطاح بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة بعد 20 عاماً قضاها في الحكم.
وشهد الشارع الجزائري خلال الفترة الماضية انقساماً حاداً بين مؤيدي الانتخابات الرئاسية، باعتبارها المخرج الوحيد للأزمة باختيار رئيس ينفذ مطالب الإصلاح، ومعارضين يطالبون بتأجيلها حيث يرون فيها طريقة فقط لتجديد نظام بوتفليقة. وجاءت مظاهرات الأمس حاشدة للمطالبة بتنحي رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي ومحاسبة الفاسدين منهم، ورفض إجراء الانتخابات الرئاسية، والمطالبة بمرحلة انتقالية يديرها مجلس توافقي.
وبدأ المتظاهرون في التجمع في ساحة البريد المركزي قبل صلاة الجمعة، حيث فرضت قوات الشرطة طوقاً أمنياً حول ساحة البريد المركزي وامتدت مظاهرات الحراك إلى ساحة موريس أودان وشارعي ديدوش مراد وحسيبة بن بوعلي. وشهدت عدة ولايات جزائرية منها البليدة وتيبازة وتيزي وزو وبجاية ووهران والبويرة والشلف وتلمسان ووهران وسطيف مظاهرات مماثلة.
ورفع المتظاهرون شعارات معارضة للانتخابات الرئاسية، فيما أعلنت الشرطة الجزائرية عن توقيف 26 شخصاً بولايتي قالمة (شمال شرق) وغليزان (شمال غرب) بعد أن قاموا بالتجمهر وحاولوا عرقلة سير عملية الاقتراع في الانتخابات الرئاسية.
وقال مصدر أمني جزائرية إن عدداً من الشباب حاولوا التجمهر بالشارع الرئيسي لمدينة وادي ارهيو (50 كلم شرق غليزان)، مرددين شعارات مناوئة لإجراء الانتخابات مما استدعى تدخل عناصر الأمن وتوقيف 20 شخصاً، موضحا أن التحقيق متواصل مع الموقوفين الذين سيتم تحويلهم أمام الجهات القضائية. وأشار المصدر إلى ضبط وتوقيف 6 أشخاص من بينهم سيدة بوسط مدينة قالمة (شمال شرق) بعد محاولتهم عرقلة الانتخابات الرئاسية، موضحا أنه من بين الموقوفين مسجلين جنائيا.

الرئيس الحادي عشر في سطور
ولد الرئيس الجزائري المنتخب عبد المجيد تبون في 17 نوفمبر1945 بولاية النعامة (شمال غرب) وتخرج في المدرسة الوطنية للإدارة، تخصص اقتصاد ومالية، وشغل عدة مناصب حكومية، منها منصب أمين عام ولايات الجلفة أدرار باتنة والمسيلة، كما عين والياً لولايات أدرار تيارت وتيزي وزو، قبل أن يعين وزيرا لعدة مرات.
وشغل تبون منصب وزير منتدب بالجماعات المحلية (1991-1992) ثم وزيراً للاتصال والثقافة سنة 1999، ثم وزيراً للسكن والعمران في (2001-2002)، وعاد لتولي مجدداً نفس المنصب لنفس الوزارة 2012، التي توسعت في سنة 2013 لتشمل وزارة السكن والعمران والمدينة.
كما تقلد تبون مهام وزير التجارة بالنيابة إثر مرض الوزير الراحل بختي بلعايب، قبل أن يعين رئيساً للحكومة بين مايو وأغسطس 2017، حيث قضى في منصبه 85 يوماً فقط، ليخلفه بعد ذلك أحمد أويحيى.
ويرى محللون أن قصر فترة وجود تبون في قصر الحكومة يرجع إلى تهديده لمصالح أصحاب المال والأعمال المتحالفين مع السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، حيث لم يشفع لتبون قربه من الرئيس بوتفليقة في الاستمرار في منصبه الذي أدى به إلى صراعات مع كبار رجال الأعمال الذين أطاحوا به من رئاسة الحكومة.
وقدم تبون في برنامجه الانتخابي 54 التزاماً، لتأسيس جمهورية جديدة، وتعهد بتحقيق التطلعات الشرعية التي طالب بها الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير الماضي.
وتعهد تبون في برنامجه بإطلاق سياسة جديدة للتنمية، ودعا لتطبيق نموذج اقتصادي جديد يرتكز على تنويع النمو واقتصاد المعرفة، معتبراً أن الحصول على سكن يعتبر أولوية قصوى مع العمل على الحفاظ على منظومة الضمان الاجتماعي والتقاعد وتوفير الحق لجميع المواطنين في خدمات صحية فعالة».
ووعد تبون بتخفيض نسبة البطالة خاصة لدى الشباب والنساء مع عزمه مراجعة أهداف والمهام التقليدية للدبلوماسية الجزائرية من خلال تأسيس دبلوماسية اقتصادية هجومية وإشراك الجالية بشكل فعال في إعادة البناء الوطني.