سعيد ياسين (القاهرة)

عشق عماد حمدي الفن منذ طفولته، وأثناء دراسته في مدرسة التوفيقية، زامله نيازي مصطفى، الذي اتجه إلى الإخراج لاحقاً، وكان من بين أساتذته الفنان عبدالوارث عسر، الذي علّمه فن الإلقاء، وبديع خيري الذي كان يدرس اللغة الإنجليزية، وبعد أن ترك بديع مهنة التدريس وتفرغ للمسرح، رشح تلميذه لدور في مسرحية شكسبير «كيريا لانوس»، وكانت المرة الأولى التي يقف فيها على المسرح، وشارك بعدها في عدد من فرق الهواة.
عمل عماد، عقب تخرجه في مدرسة التجارة العليا، في قسم الحسابات بمستشفي أبو الريش، وشارك في جمعية «أنصار التمثيل والسينما»، ودرس البيانو وأجاد العزف عليه.
والتحق بالعمل في استديو مصر، وعين رئيساً للحسابات، ثم مديراً للإنتاج، وجاءت فرصته عن طريق وزارة الصحة، حين طلبت من الاستديو إنتاج أفلام تسجيلية ذات طابع إرشادي عن البلهارسيا والإنكلستوما، واختاره المخرج جمال مدكور للمشاركة في تمثيلها، وكان العام 1945 فاصلاً في مشوار حمدي الفني، حيث اختاره المخرج كامل التلمساني لدور البطولة في فيلم «السوق السوداء» بعدما وجد أنه الأنسب للدور، كونه صاحب وجه مصري صميم.
في ليلة العرض الأولى، ذهب مع الأبطال إلى السينما، وعقب انتهائه فوجئوا بهجوم المتفرجين عليهم لرداءة الفيلم، فاختبأ في دورة المياه، حتى انصرف الجمهور الثائر، وفوجئ مجدداً بأن النقاد هاجموا المخرج والسيناريو، إلا أنهم مدحوه، وأكدوا أنه وجه جديد يبشر بالخير.
ونال عماد شهرة واسعة، رغم سقوط الفيلم، الذي حصل فيه على أجر 250 جنيهاً، ما يعادل 10 أضعاف راتبه، وهو ما أشعر زملاءه بالغيرة، وخيّره الاستديو بين التمثيل والوظيفة فاختار التمثيل، ورشحه المخرجون بعد ذلك، خصوصاً الجدد منهم، لبطولة أفلامهم الأولى، وفي مقدمتهم صلاح أبو سيف، الذي أسند إليه بطولة «دايماً في قلبي»، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً وأشاد به النقاد، وهو ما تكرر في الفيلم الأول لهنري بركات «سجى الليل»، حيث نجح الفيلم الذي كان ينتمي لنوعية أفلام الميلودراما نجاحاً كاسحاً، واستمر عرضه أربعة أسابيع.
وارتبط اسم عماد حمدي بالأعمال السينمائية الأولى لأكثر من مخرج جديد، والذين أصبحوا لاحقاً من كبار المخرجين، حيث قام ببطولة فيلم «الحرمان» لعاطف سالم، و«المنزل رقم 13» لكمال الشيخ، وفي حقبة الخمسينيات كان عماد فتى الشاشة الأول، حيث تحلى بوقار الكبار وحسن الأداء والانغماس في الشخصية، وكان القاسم المشترك لجميع المخرجين في أفلامهم الرومانسية، وقدّم خلال تلك الحقبة 64 فيلماً.
وكان يقدم في تلك الفترة نحو 12 فيلماً في العام، وفي الستينيات قدم ما يقرب من 20 فيلماً، تعد من روائع السينما، ومنها «الرباط المقدس» و«الخطايا» و«واإسلاماه» و«المماليك» و«سلاسل من حرير» و«أبي فوق الشجرة» و«خان الخليلي» و«الراهبة».
وفي السبعينيات قدم 17 فيلماً، منها «أميرة حبي أنا» و«الكرنك» و«المذنبون» و«الصعود إلى الهاوية» و«بمبة كشر» و«الإخوة الأعداء» و«أين عقلي».
وكانت سنواته الأخيرة من أخصب سنوات عمره الفني، وقدم فيها أهم وأنجح أفلامه، ومنها «أم العروسة» و«ميرامار» و«ثرثرة فوق النيل» و«سواق الأتوبيس».
وحصل عماد حمدي، على وسام الفنون والآداب من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ووسام الفنون والعلوم من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات، ويصنف عماد بأنه أحد أبرز الفنانين الذين ظهروا في تاريخ السينما العربية، وأحد الأبطال الذين قامت على أكتافهم صناعة السينما على مدار أربعين عاماً.