دبي (الاتحاد)
دعت مجالس المستقبل العالمية إلى إطلاق حوار عالمي لصياغة نهج جديد شامل للنمو الاقتصاد، وضرورة التوصل إلى عقد اجتماعي جديد يتناسب مع واقع المرحلة والمتغيرات المستقبلية التي تفرضها التطورات المتسارعة على أكثر من صعيد. وأكد مشاركون في المجالس التي اختتمت أعمال دورتها الثالثة في دبي أمس، بمشاركة 700 من العلماء ومستشرفي المستقبل والخبراء، الحاجة إلى إرساء عقد مجتمعي جديد نتيجة العوامل المؤثرة في مستقبل العالم مثل العولمة، وتحول النفوذ الاقتصادي من الغرب إلى الشرق، والتوسع الحضري، مضيفة أنه على القطاعين الحكومي والخاص والقطاعات الاجتماعية الأخرى أن تتعاون في البحث عن حلول للتحديات الاجتماعية المستقبلية. وأشار أعضاء المجالس، التي تنظمها حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي في دبي، إلى أن ثورة التكنولوجيا المستقبلية تفرض على الجميع الشراكة في وضع الحلول ومواجهة التحديات، وأن على الحكومات إحداث تغيير جذري في طريقة وضعها للسياسات العامة وتقديم الخدمات، والتكيف مع التغيير الناتج عن مستويات الترابط المحلي والعالمي غير المسبوقة التي مكنتها تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
واستعرض مجلس «المستقبل العالمي للتنقل» الابتكارات الهائلة التي حصلت في مجال النقل، والتغييرات التي نتجت عنها خلال السنوات الماضية، ودور الابتكار في تشكيل ثقافة جديدة، من خلال آثار حلول النقل المبتكرة على حركة الأشخاص والسلع. وأكد المشاركون في المجلس أهمية أن يكون النقل المستقبلي نظيفاً وآمناً وشاملاً، إلى جانب الاهتمام بمتطلبات الجيل الجديد من التنقل «عند الطلب»، ورفده بخصائص جديدة تتناسب مع احتياجات هذا القطاع. وتطرق المجتمعون إلى عدد من المبادرات الهادفة إلى تشكيل مستقبل النقل التي تأخذ في الحسبان تأثير المدن والتكنولوجيا المتقدمة والاستدامة على المجتمع والتنقل، وأهم النقاط التي يحتاج إليها القطاع، مثل حلول التنقل للعاملين، ومحدودية البيانات التي تدعم النقل السلس، إضافة إلى ضعف الاستثمار في البنية التحتية المتقدمة للتنقل.
شغلت التوقعات المستقبلية التي تفيد بأن 68% من السكان في العالم من المتوقع أن يعيشوا في المدن بحلول عام 2050، مساحة واسعة من أجندة اجتماع مجلس «مستقبل المدن والتوسع الحضري»، حيث بحث المجتمعون سبل مواجهة التحدي الذي تحمله هذه التوقعات، والآليات اللازمة لتسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في الحد من التأثير البيئي لتوسع المدن، وتعزيز مستويات جودة حياة المجتمعات.
وأكد أعضاء المجلس أهمية وضع حلول استشرافية تساهم في الحد من آثار التوسع الحضري، مشيرين إلى أنه يستنزف 75% من الموارد الطبيعية، و75% من إمدادات الطاقة، وينتج النسبة ذاتها من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يؤثر سلباً على البيئة والاستدامة.
وأشار المجلس إلى أن مساهمة المدن في الاقتصاد العالمي ضخمة إذا ما قورنت بقوى التكتل والتصنيع في صنع الثروات، إضافة إلى أنها تسهم في ما يزيد على 80% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم.
وخلال اجتماع مجلس مستقبل الأخلاق والقيم والابتكار، أكد أعضاء المجلس أهمية ترسيخ نهج المواءمة الأخلاقية في مختلف نواحي التطوير التكنولوجي المستقبلي، لما يشكله ذلك من ضمانة لعدم تخطي هذا التطور المتسارع الحدود الإنسانية.
وأشار أعضاء المجلس إلى أن القيم والأخلاقيات يجب أن تمثل جزءاً لا يتجزأ من عملية التطوير التكنولوجي، واستعرضوا كيفية تأثير التكنولوجيا على السلوك والممارسات البشرية، وكيف تصل تلك التكنولوجيا إلى الأنظمة التي تؤثر على المجتمع. وأكدوا أن ترسيخ نموذج أخلاقي قيمي متفق عليه عالمياً، سينعكس إيجاباً على مسيرة التطور التكنولوجي، ويسهم في «أنسنة» توجهات الذين يقودونه من رجال الأعمال والمهندسين والمستثمرين، وتشكيل منظومة عمليات تعاونية بين المؤسسات وصانعي السياسات والقادة الاجتماعيين الذين يخدمون المجتمع المصلحة العامة. وأكد علماء وخبراء متخصصون في مجلس مستقبل الاستهلاك ضرورة توظيف أدوات التكنولوجيا المتقدمة في تعزيز نماذج استهلاك مستدامة تمكن المجتمعات من الاستفادة من الإمكانات التي سيوفرها التطور التكنولوجي وأثرها على تعزيز نماذج الاستهلاك، وضمان فوائد مستدامة للأعمال والمجتمع عبر الأسواق المتقدمة والنامية.
ودعا أعضاء مجلس مستقبل الحوسبة، إلى تطوير معارف وأفكار ومناهج جديدة تسهم في سد الفجوة بين صناع السياسات ورواد التكنولوجيا، وتشجع على البحث والتطوير واستخدام تكنولوجيا الحوسبة الكمية لإعادة تصميم وأتمتة العمليات الحكومية، والتركيز على المتعاملين لتقديم خدمات ذات جودة عالية بما يواكب العمل المستقبلي للحكومات.
وأكد أعضاء المجلس أهمية تعزيز عمليات جمع البيانات واستخدام منهجيات علمية جديدة في عمل الحكومات تستند على المرونة والتعاون والبيانات والتجارب الخاضعة للمراقبة بهدف تطوير القرارات المتعلقة بالسياسات بالاستناد إلى استشراف علمي للمستقبل. وأشار المجلس إلى ضرورة عمل الحكومات على تطوير قدراتها على التنبؤ بالمستقبل واستباق التحديات والاستعداد لمواجهتها من خلال استخدام منهجيات جمع البيانات وتحليلها وإنشاء قاعدة بيانات تستند إلى التجارب وتوظف التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة لتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية. وخلال اجتماعات مجلس مستقبل قطاع الترفيه والمعلومات، وتأثيرات التكنولوجيا المتقدمة على الاستدامة الاقتصادية والشفافية، أكد أعضاء المجلس أهمية وحث سبل محو الأمية الرقمية، والتحديات التي تواجه الإعلان عبر الشبكة الإلكترونية.