أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)

أكد الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، أمس أن لقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمدينة عنتيبي الأوغندية جاء من أجل المصلحة العليا للسودان، وأنه عقد بعلم رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك.
وقال البرهان أمس، في لقاء بالقيادة العامة للجيش، إن هناك محادثات تحضيرية سبقت اللقاء بثلاثة أشهر، تمت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وأوضح أن الهدف من اللقاء مع نتنياهو هو رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
وأكد البرهان أن اللقاء تم بعلم رئيس الوزراء السوداني، وأنه أبلغه بلقاء عنتيبي قبل يومين من موعده، وأن حمدوك بارك الخطوة، كما أكد البرهان أن السودان يمر الآن بضغط اقتصادي، ويحتاج لقرارات جريئة ترفع من الواقع الذي يعانيه الشعب السوداني، وقال: نتوقع أن يعود علينا ذلك بفوائد كبيرة.
ومن جانبه، أعلن الجيش السوداني أمس دعمه للبرهان، وقال العميد عامر محمد الحسن المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية، إن الاجتماع الذي عقد بالقيادة العامة للقوات المسلحة أمس أمن على نتائج زيارة القائد العام لأوغندا ونتائجه، بما يحقق المصلحة العليا للأمن الوطني والسودان.
وفي وقت لاحق، التقى البرهان برؤساء تحرير الصحف السودانية بالقصر الجمهوري بالخرطوم. وقالت مصادر صحفية سودانية حضرت الاجتماع لـ«الاتحاد»، إن البرهان تحدث بصدق وثقة عن دوافع لقائه نتنياهو، وأنه أجاب عن أسئلة الصحفيين رغم سخونتها بهدوء كبير، مشيرة إلى أنعكاس تأييد قيادات الجيش له.
وأكدت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» أن هناك تناغماً واضحاً بين البرهان والمكون العسكري في مجلس السيادة ورئيس الوزراء حول هذا الأمر.
وأشارت المصادر ذاتها إلى وجود عناصر مدنية في مجلس السيادة اطلعت عليه، وأخرى لم تطلع. وأضافت أنه كانت هناك استعدادات سياسية لامتصاص الصدمة وتهدئة الأوضاع بعد اللقاء، خاصة ردود الفعل العنيفة من قبل التيارات الإسلامية المرتبطة بالنظام البائد والدولة العميقة وحزب المؤتمر الوطني المعزول الحاكم سابقاً.
وكان البرهان قد أعلن في بيان سابق أن اجتماعه من نتنياهو هدف إلى صيانة الأمن الوطني السوداني، مشدداً على موقف السودان المبدئي من القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته. وأضاف أن بحث وتطوير العلاقة بين السودان وإسرائيل مسؤولية المؤسسات المعنية، وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، في إشارة إلى أنها من اختصاص مجلس الوزراء.
ودافع البرهان في بيانه عن اللقاء قائلاً: إنه قام بهذه الخطوة من موقع مسؤوليته بأهمية العمل الدؤوب لحفظ وصيانة الأمن الوطني السوداني، وتحقيق المصالح العليا للشعب السوداني.
وقد رد حمدوك على بيان البرهان ببيان آخر، قال فيه إن الطريق إلى التغيير الحقيقي مليء بالتحديات والعقبات، ومع ذلك يجب أن نعي بان الالتزام بالأدوار والمسؤوليات المؤسسية أمر أساسي لبناء دولة ديمقراطية حقيقية، ويجب الالتزام بالوثيقة الدستورية، وما تحدده من مهام وصلاحيات، ونرحب بالتعميم الصحفي لرئيس مجلس السيادة، ونظل ملتزمين بالمضي قدماً من أجل إنجاز استحقاقات المرحلة الانتقالية المهمة، وتجاوز التحديات الماثلة أمامنا.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه قوى الحرية والتغيير أنها لا علم لها باللقاء مع نتنياهو، ولم يتم التشاور معها في أي وقت سابق، وأنه يلقي بظلال سالبة على الوضع السياسي في السودان، وأكدت أن الوثيقة الدستورية نصت على أن العلاقات الخارجية هي اختصاص السلطة التنفيذية، وعليه فإن ما تم يشكل تجاوزاً كبيراً نرفضه بكل حزم ووضوح. وأكدت قوى الحرية والتغيير أن إحداث تغييرات جذرية في قضية سياسية بحجم قضية العلاقة مع إسرائيل يقرر فيها الشعب السوداني عبر مؤسساته التي تعبر عن إرادته، وأكدت وقوفها مع حق الشعب الفلسطيني في العودة ودولته المستقلة.
ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني محمد المكي أحمد لـ«الاتحاد»، إن الشعب السوداني سيظل نصيراً للمظلومين في كل مكان، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني الصابر المكافح، مؤكداً أن الثورة السودانية التي رفعت شعارات الحرية والسلام والعدالة، ستطالب بها للشعب السوداني وللفلسطينيين ولكل الناس.