إبراهيم سليم (أبوظبي)
أوصى الملتقى السادس لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في ختام أعماله بإنشاء كرسي حلف الفضول الجديد بالتعاون مع إحدى الجامعات العالمية، وتخصيص جائزة تشرف عليها مؤسسة حلف الفضول الجديد للدراسات المتميزة في خدمة أهداف الحلف وقيمه، ورعاية مبادرات إقليمية لحلف الفضول في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأميركا، بالإضافة إلى تخصيص منح مالية لأفضل المشاريع الاجتماعية والثقافية التي تتوافق في رؤيتها وأهدافها مع ميثاق حلف الفضول الجديد، وتعميم تجربة قوافل السلام الأميركية بما يتناسب مع بيئة وثقافة كل قارة من قارات العالم، وتنظيم مؤتمرات وندوات وورشات عمل دولية وإقليمية لبيان مقاصد ميثاق حلف الفضول الجديد ودعوة المؤسسات والشخصيات المؤثرة والأفراد إلى الانخراط فيه.
وثمن البيان الختامي الذي تلاه الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة للشؤون الإسلامية والأوقاف، الأمين العام لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، والمشاركون في الملتقى جهود الإمارات وتوجهوا بجزيل الشكر وخالص الامتنان لدولة الإمارات العربية المتحدة على هذا الاحتضان وعلى المعهود منها من التكريم والإكرام، معربين عن أسمى مشاعر العرفان لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، داعين المولى عز وجل بأن يلبسه تاج الصحة والعافية.
كما تقدم المشاركون بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وتضرع المشاركون إلى العلي القدير أن يمطر سحائب غفرانه ورحمته على رمز الأخوة الإنسانية والتسامح والتضامن والعطاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأن يبقى صرح التسامح في هذا البلد شامخاً ملهماً للناس محوطاً بنعمة الأمان والرخاء والسعادة.
وتوافق المشاركون في الملتقى على إصدار «خريطة طريق» للبشرية، تصون نعمة الحياة، وتحفظ الكرامة الإنسانية للأفراد والجماعات؛ على أساس صلب من المبادئ القيمية، الأخلاقية والدينية والقانونية، وفي مقدمتها قيم الحرية والعدالة والسلم والرحمة والبر والتضامن.
وتوج المشاركون في فعاليات الملتقى من القيادات الدينية والفلسفات الإنسانية حول العالم؛ بجملة من التوصيات، تؤطر أجندة «ميثاق حلف الفضول الجديد»، وتتعهد الالتزام بتفعيله في مختلف مناطق العالم التي جرى تقسيمها إلى خمس دوائر، هي: أوروبا وأميركا، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جنوب وجنوب شرق آسيا، وسط وغرب آسيا، جنوب وغرب أفريقيا.
تحالف على الفضيلة
وجاء في البيان الختامي أن حلف الفضول الجديد، هو تحالف على الفضيلة والقيم المشتركة، يسعى أصحابه إلى تمثُّل هذه القيم في علاقاتهم وإلى الدعوة إلى نشرها وامتثالها في حياة الناس، ويهدف إلى التعايش، باعتبار أن ذلك ضرورة ملحة وواجب ديني تدعو إليه جميع الديانات.
وأكد البيان أن الميثاق يسعى إلى الارتقاء من الحق إلى الفضيلة، ويرتكز في مرجعيته على الأرضية الصلبة التي تشكلها المشتركات بين أبناء العائلة الإبراهيمية، والمشترك الإنساني الأشمل، وهو مفتوح أمام العقلاء؛ للنهل من تراثهم وترسيخ قيم السلم والتسامح والتعايش بين الناس.
ويأتي السلم في مقدمة أهداف حلف الفضول الجديد ومقاصد الشراكة بين أطرافه، حيث يتعهد أبناء العائلة الإبراهيمية بأن يقدموا قيم التعاون بدل قيم التنازع، فالميثاق يربط جميع الحقوق والحريات باستراتيجية السلم، وهو ليس مبادئ نظرية فقط، وإنما هو مشروع لمنهج عملي وبرنامج تطبيقي.
وخلص المشاركون في الملتقى السادس، إلى المفهوم الجديد للتسامح، ومنها اعتباره مفهوماً فاعلاً في التأسيس للتعددية الإيجابية من خلال حماية المتديّن وحرية التديّن، وإن ديانات العائلة الإبراهيمية جميعَها تعتبر مرتكزات متينة لمبدأ التسامح، بتعاليمها الأساسية عن عالمية الكرامة الإنسانية واحترام الاختلافات الدينية وبنصوصها الكثيرة عن السلام والتّعايش والتسامح، وإن قيمة التسامح ترتكز في الرواية الأصلية التي تلتقي حولها العائلة الإبراهيمية على مجموعة أسس، من أهمها الوعي بالمشتركات الإنسانية وتثمينها وتعزيزها، وفي مقدمتها الكرامة الإنسانية بوصفها أول مشترك إنساني.
التعايش السعيد
ولفت البيان إلى أن حلف الفضول الجديد سعى إلى أن لا يكون حواراً دينياً تقليدياً للتبشير بالحقيقة الدينية والدعوة إليها، كما لا يهدف إلى التنازل عن ما يعتقده الأطراف حقوقاً أو حقائق، وإنما يهدف إلى التعايش السعيد في هذا العالم الذي نعيشه اليوم، باعتبار أن ذلك ضرورة حاقة وواجب ديني تدعو إليه جميع الديانات. كما أن ميثاق حلف الفضول الجديد يسعى إلى الارتقاء من الحق إلى الفضيلة، وبذل في غير مقابل وتنازل للآخر عن ما ليس له بحق، حيث يرتكز في مرجعيته على الأرضية الصلبة التي تشكلها المشتركات سواء المشترك الخاص بديانات العائلة الإبراهيمية أو المشترك الإنساني الأشمل الذي هو القيم الكونية. ولفت البيان إلى أن ميثاق حلف الفضول الجديد يستثمر التراث العقدي والأخلاقي المشترك بين أديان العائلة الإبراهيمية لكنه «نصاً وروحاً» مفتوح لكل العقلاء من أهل الإيمان، والسلم يقع في مقدمة أهداف حلف الفضول الجديد ومقاصد الشراكة بين أطرافه، حيث يتعهد أبناء العائلة الإبراهيمية بأن يقدموا قيم التعاون بدل قيم التنازع، فالتنازع على البقاء يؤدي إلى الفناء بينما التعاون هو سبيل البشرية إلى النجاة.