أحمد السعداوي (أبوظبي)

جناح «الواحة الزراعية» واحد من أهم مكونات مهرجان الشيخ زايد، وأسهم في رحلة النجاح اللافتة التي حققها المهرجان منذ انطلاقه قبل سنوات عدة، وتميزت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية التي تنظم الجناح هذا العام بمشاركتها في المهرجان من خلال التصميم البديع للواحة المستوحى من قلعة الحصن التاريخية، وبثوبها الأخضر الذي يجسد الإنجازات الكبيرة التي حققتها إمارة أبوظبي في قطاع الزراعة، لتقدم لزوارها باقة متنوعة من المعرفة والثقافة والترفيه في مجالات الاستدامة الزراعية والأمن الغذائي والحيوي، من خلال نخبة من موظفيها الذين ينفذون عشرات الفعاليات المتنوعة والتي تغطي مجالات عمل «الهيئة» في التنمية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني والسلامة الغذائية والأمنين الغذائي والحيوي، وذلك على مدى أيام المهرجان الذي تستضيفه منطقة الوثبة بأبوظبي وتستمر فعالياته حتى 1 فبراير المقبل.

استكشاف وتعلم
رحلة تمتزج فيها المتعة بالترفيه بالاستكشاف والتعلم، يقضيها جمهور مهرجان الشيخ زايد خلال توجههم إلى جناح الواحة الزراعية، تبدأ فور دخولهم إلى أركان الجناح بزيارة المتحف الزراعي الذي يعرض مجموعة من أهم الصور الفوتوغرافية والفيديوهات الخاصة بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، التي وفرتها «الهيئة» بالتعاون من الأرشيف الوطني، توثق إنجازاته في مجال الزراعة في الفترة التي تلت الاتحاد، ومن بين هذه المحطات فيديو للشيخ زايد، طيب الله ثراه، وهو يشرف على أعمال الحفر ويعطي تعليماته في جزيرة صير بني ياس خلال شق القنوات والري، وزيارته إلى الحمرة والإشراف على أعمال التسوية والتشجير، وفيديو آخر لجولة تفقدية في مدينة المرفأ، إلى جانب العديد من المواد المصورة التي توثق الإنجازات الزراعية التي شهدتها إمارة أبوظبي في مختلف مناطقها.
ويحتوي المعرض على أهم الأدوات الزراعية ومراحل تطورها إلى جانب عدد من النماذج الزراعية المختلفة التي توضح الأنماط الزراعية التقليدية والحديثة كالزراعة المحمية والمزارع النموذجية والحقول المكشوفة وأنظمة الري الحديثة والذكية.

نشرات توعية
واستمراراً لرحلة المعرفة والاستكشاف، يقدم المعرض لزائريه مجسمات حية تعرف بأهم الآفات الزراعية، خاصة آفات النخيل مثل سوسة النخيل وحفار العذوق وغيرها من الآفات، حيث يوضح المشرفون على هذا القسم للزوار أسباب الإصابة بالآفات الزراعية والطرق الصحيحة للوقاية منها ومكافحتها، كما يعرضون مجسمات ونماذج فريدة من نوعها لبعض الكائنات الحية في مراحل مختلفة من حياتها، إلى جانب تقديمهم لنشرات توعية تصدرها الهيئة بشكل دائم تتناول مختلف الجوانب الزراعية ابتداءً من عملية الزراعة ذاتها، مروراً بعمليات الري والتقليم والتسميد ومكافحة الآفات، وصولاً إلى الحصاد.
المزارعون ومربو الثروة الحيوانية، لهم نصيبهم في الاهتمام عبر ركن إسعاد المتعاملين، حيث خصصت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في الواحة الزراعية مكتباً خاصاً لإسعاد المتعاملين، يمكن لرواد المهرجان وأصحاب المنشآت الغذائية فيه إضافة للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية الزوار إنجاز جميع معاملاتهم الخاصة بـ«الهيئة»، من خلال زيارتهم للواحة الزراعية، ما يوفر عليهم الكثير من الجهد والوقت، ويشجع المتعاملين على زيارة المهرجان وقضاء أوقات ممتعة في فعالياته المتميزة، كما يقدم المكتب للزوار معلومات متكاملة وإجابات وافية على استفساراتهم في مختلف مجالات عمل الهيئة، ويمكنهم كذلك من الحصول على أي مساعدة قد يحتاجون إليها حول الخدمات الذكية والرقمية التي تقدمها الهيئة.

عيد سنوي
ومن زوار الجناح، قال عبيد السالمي، إن وجوده في مهرجان الشيخ زايد والتعرف إلى أجنحته المختلفة، سواء الإماراتية أو العالمية، صار تقليداً سنوياً يقوم به مع أفراد أسرته، خاصة أنه من سكان منطقة الوثبة، ويعتبر مهرجان الشيخ زايد بمثابة عيد سنوي له ولكل أهالي منطقة الوثبة وينتظرونه بشغف كل عام، مبيناً أن جولته في جناح الواحة الزراعية مكنه من التعرف إلى كثير من آليات وطرق وتاريخ الزراعة في الدولة، بما يعكس أن الزراعة لها أهميتها في تاريخ الإمارات، وأن بيئتها متنوعة بين الزراعية والبحرية والصحراوية، وليست صحراوية فقط كما يعتقد الكثيرون ممن لم يزورا الإمارات من قبل، وهنا يأتي الدور المهم لإقامة الفعاليات التعريفية والتثقيفية التي تقوم بها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية وغيرها من المؤسسات والهيئات الإماراتية المشاركة في المهرجان.

رحلة عائلية
وأشادت بروين عبدالحفيظ، والتي جاءت إلى المهرجان بصحبة أبنائها، بالتنوع الكبير في أجنحة المهرجان، وكذلك تعدد مكونات كل جناح، ما يجعل من زيارته واحدة من أفضل الرحلات التي تقوم بها الأسر والعائلات المقيمة في الإمارات، خاصة أن هناك خدمات كثيرة متنوعة مقدمة إلى الجمهور بشكل راقٍ ومجاناً، مثل الدخول إلى المهرجان، وكذلك مواقف السيارات الخارجية، والمقاعد المريحة المنتشرة في أرجاء المهرجان وساحاته، ومن أكثر الأشياء الجميلة في جناح الواحة الزراعية والكثير من الأجنحة الموجودة بالمهرجان، هو الاهتمام الكبير بالأطفال وعمل فقرات ترفيهية وتثقيفية لهم، ما يشجعها هي وغيرها على تكرار الزيارة، خاصة أن هناك فقرات ترفيهية وتثقيفية لهم، ما يشجعها هي وغيرها على تكرار الزيارة، خاصة أن فترة إقامة المهرجان تتزامن مع اعتدال الطقس وبدء موسم العطلات.

إنجازات
أكد المهندس ثامر راشد القاسمي، رئيس اللجنة المنظمة لـ«الواحة الزراعية» أن مشاركة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في المهرجان، تعكس الاهتمام بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في مجالات الزراعة والأمن الغذائي، وتبرز الدور الكبير للقيادة الرشيدة في النهضة الزراعية التي حققتها دولة الإمارات بصفة عامة وإمارة أبوظبي بصفة خاصة، والتأكيد على حرص الهيئة في الوجود بشكل متميز في التظاهرات الحضارية كافة في إمارة أبوظبي، وأن تكون مشاركتها مؤثرة وغير تقليدية.
وأضاف، أن اهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالقطاع الزراعي، ساهم في تطوير زراعة النخيل في الدولة لارتباط النخلة الوثيق بالموروث التراثي والثقافي للمجتمع الإماراتي، وباعتبارها مصدراً للغذاء الذي اعتمد عليه الآباء والأجداد قديماً، ومورداً مهماً لأدوات البناء والصناعات الحرفية التي كانت تعتبر في مطلع ومنتصف القرن الماضي صناعات أساسية ومتطلباً رئيساً للمجتمع.

الأمن الغذائي
وأفاد أن هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية تحرص من خلال مشاركتها هذا العام على تعريف الزوار بالتطور الذي شهدته إمارة أبوظبي في مجال الزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغذائي، والمشاريع والبرامج التي تنفذها الهيئة في سبيل الوصول لأمن غذائي وقطاع زراعي مستدام، والتعريف بالخدمات التي تقدمها، سواء للمزارعين أو مربي الثروة الحيوانية ومتداولي الغذاء بهدف الارتقاء بواقع القطاع الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة في هذه المجالات، ودعم المنتج المحلي، وذلك من خلال توفير أسواق للمزارعين لعرض منتجاتهم على رواد الواحة والمهرجان من مختلف الجنسيات.

إقبال كبير
وحول المحتوى الذي تقدمه الهيئة من خلال مشاركتها هذا العام، أفاد المهندس ثامر بأن الهيئة توسعت هذا العام في المساحة المخصصة لسوق المزارعين، وذلك استجابة للإقبال الكبير الذي شهده السوق خلال المشاركات السابقة، ولتعزيز وعي الزوار بجودة المنتج المحلي، ومواصلة لجهود الهيئة في دعم المزارعين المحليين من خلال توفير قنوات تسويقية فعالة لمنتجاتهم الطازجة، كما تضم الواحة ركناً خاصاً بالأطفال ومتحفاً ثرياً بالمعروضات الفريدة والمهمة المتصلة بالمجال الزراعي والتي تم توفيرها بالتعاون مع جامعة الإمارات، إلى جانب مسرح الواحة ومكتب إسعاد المتعاملين.

محاضرات تثقيفية
يشهد مسرح الواحة عقد العديد من اللقاءات مع مربي الثروة الحيوانية والمزارعين وأصحاب المنشآت الغذائية والعاملين فيها، من خلال المحاضرات التثقيفية واللقاءات المتخصصة التي تنظمها «الهيئة» لأصحاب العلاقة بهدف إطلاعهم على أي مستجدات أو قرارات جديدة تخص مجالات عملها، وتمكينهم بالخبرات والمهارات اللازمة، من خلال تزويدهم بالمعرفة الضرورية لتطوير أعمالهم وزراعتهم بناء على الدراسات والأبحاث التي تجريها الهيئة بصفة دائمة؛ بهدف إثراء حقول المعرفة في مجالات عملها.
ومن المسرح وفعالياته اليومية المدهشة، ينتقل زائر جناح الواحة الزراعية إلى سوق المزارعين الذي يمتد على طول الواجهتين الغربية والشمالية لساحة الواحة الزراعية، ويتألف من محال متجاورة يعرض فيها المزارعون الإماراتيون منتجاتهم الزراعية المحلية التي تأتي تحت العلامة التجارية «حصاد مزارعنا» التي تضم منتجات زراعية متنوعة تنتجها مزارع إمارة أبوظبي، وتتيح للزوار فرصة التعرف على المنتجات الزراعية الطازجة وشراء الخضراوات والفاكهة المحلية، إلى جانب تذوق وشراء العسل الذي تنتجه المناحل في الإمارة، ليتعرفوا على جودة المنتج المحلي، وما يتميز به لكونه طازجاً وآمناً ومنتجاً، وفق أحدث التقنيات الزراعية وأكثرها ملاءمة للبيئة.

ورش تفاعلية للصغار
ركن الأطفال في الواحة الزراعية من أهم الفعاليات التي تحرص «الهيئة» على تنظيمها في الجناح كل عام، عبر زخم واسع من الأنشطة اليومية التي تهدف إلى رفع التوعية المجتمعية من خلال الأنشطة والتمارين التوعوية التي تستهدف جميع فئات المجتمع، وذلك للتعريف بمجالات عمل الهيئة كأساسيات السلامة الغذائية والأمن الحيوي والزراعة، إلى جانب عشرات الورش التفاعلية للأطفال زوار المهرجان، ودعوتهم لمشاهدة الفيلم الكرتوني الذي أنتجته الهيئة بعنوان «زادنا» والذي يعالج العديد من القضايا المهمة في مجال الغذاء والزراعة، ويشجع الأطفال على تبني الممارسات الغذائية الصحيحة، ويعرفهم بالمخاطر الغذائية وطرق تجنبها، إلى جانب تعريفهم بممارسات الرفق بالحيوان والزراعة المجتمعية، وعبر هذه الأنشطة التفاعلية، تترسخ كثير من القيم والمعارف المرتبطة بالسلامة الغذائية كواحدة من الأدوار المهمة التي تسعى «الهيئة» لنشرها، وترسيخها بين مختلف فئات المجتمع.