على الرغم من قدم فن الكروشيه وانحسار متعلميه لكنه لا يزال محتفظا بأصالته ووجوده لما له من أثر تكميلي وجمالي على مختلف الحاجيات المستخدمة كالملابس والمفارش والأغطية وديكورات البيوت والمطابخ والحدائق. وتمكنت الآلات الحديثة من صناعته مختصرة الوقت والجهد ومستغنية عن كثير من الأيدي العاملة لإنجاز كميات كبيرة تخلو إلى حد كبير من الخيال الذي يغوص فيه فنان الكروشيه وهو يلف النسيج على إبرة الكروشيه المعروفة بالصنارة على شكل حلقات تتداخل مع حلقات أخرى ليكون قطعة فنية مغزولة ومعجونة بعواطفه وأحاسيسه وخيالاته، وفق فنانة الكروشيه إيمان نصار التي لم تتجاوز 27 عاما. تعليم ذاتي عن ارتباط نصار بهذا الفن وولادته في أعماقها، تقول “أحببت فن الكروشيه وتعلمته على يد والدة صديقتي حيث كنت أراها تمارس هذا الفن الراقي فطلبت منها أن تعلمني فعلمتني الأساسيات التي دعمتها عبر التحاقي بجامعة آيسمود حيث درست تصميم وتنفيذ المشغولات اليدوية علما أنني تخرجت من الجامعة قبلها وحصلت على بكالوريوس في إدارة الأعمال لكن من شدة إعجابي بفن الكروشيه انصرفت نحوه بالدراسة والبحث والتنقيب حيث طالعت عشرات المواقع الإلكترونية وقرأت عدة كتب عنه وشاهدت أشرطة فيديو توضح كيفية الانتقال بين غرزة وأخرى وسألت بعضا ممن يمارسونه حتى صار لدي معرفة ومهارة في عمل أكثر من نوع من الغرز ففن الكروشيه يحوي عدة أنواع من الغرز وأصبحت قادرة على صناعة أي قطعة ملابس أو ديكور منزلي تطلب مني بالكروشيه”. وتضيف “من القطع الفنية التي صنعتها بالكروشيه ملابس للأطفال وتجهيزات للمولود التي تشتمل على ملابسه وحذائه، والغطاء الذي يحمل به ومفرش سرير لوالدته وزينة خاصة بغرفة الوالدات وأطفالهن من الكروشيه وزينة أخرى خاصة بتوزيعات المولود كحقائب كروشيه صغيرة توضع فيها قطع الشوكولاته التي توزع على الزوار المباركين، وعملت توزيعات للعرس أكبرها اشتمل على 500 توزيعة فيها كؤوس زمزم صغيرة ترتدي غطاء كروشيه جميل لونه وردي بنفس لون كوشة العروس ومعه صناديق صغيرة فيها دخون”. مسايرة الأحداث تقول نصار “عملت حقائب واكسسوارات كالخواتم وزينة الشعر والأحزمة وقفازات وجوارب وقبعات، إلى جانب اكسسوارات للمطبخ وغرف النوم والحمامات ومقاعد الحديقة من الكروشيه وأغطية ومفارش وستائر وسجادة ولعب الأطفال وغطاء الريموت كنترول”. وتشير نصار إلى أنها تحرص على أن تساير الأحداث في فنها حيث تجهز قطعا جديدة وغريبة لحفلات التخرج عندما يكون الطلبة في صدد التخرج من الجامعة، وكذلك تجهز لعيد الاتحاد اكسسوارات ملونة بلون العلم الإماراتي لترتديها الفتيات سواء على الشعر أو على معصمهن أو بتعليقها على حقائبهن أو ملابسهن ولأننا نقترب من موسم الحج فتجتهد نصار هذا الوقت في تجهيز ما يلزم من توزيعات للزوار الحجاج المهنئين. وعن الأدوات التي تستخدمها في العمل، تقول “بحسب نوع القطعة المراد عملها تكون نوعية الخيوط ودرجة سماكتها والصنارة المستخدمة فهناك خيوط الأكراليك والصوف والقطن ودي إم سي والبوليستر والخيوط المونسة، ولكل منهم صنارته حيث تتفاوت أحجام الصنارات ومنها الرفيعة جدا ومنها الغليظة الكبيرة التي تصل إلى حجم كف اليد، وكلما كانت الصنارة غليظة ساعدني ذلك في إنجاز العمل بشكل أسرع”. أما عن الألوان فتقول “حسب طبيعة القطعة وطلب الزبونة والمكان الذي ستوضع فيه أو لون الأثاث وجنس المولود، وبحكم معرفتي بالزبائن فهم يميلون إلى أحد نمطين إما النمط الكلاسيكي ذي اللون الواحد كالأبيض، أو النمط العصري الحديث الذين يميلون فيه إلى دمج الألوان مع بعضها ولكن بطريقة راقية”. متاعب فن الكروشيه الصحية تؤكد إيمان نصار أن صعوبات هذا الفن تكمن في متاعبه وآلامه التي يسببها للظهر والرقبة والعينين ما يدفعها إلى الجلوس أمام النافذة لتوفر أكبر إنارة ممكنة ولتتمكن من إبعاد نظرها إلى أقصى مسافة ممكنة عبر التحديق من شباك النافذة مزيحة نظرها عن القطعة التي تنجزها لتريح نظرها وتخفف من إرهاق عينيها كما تحرص على عمل تمرينات رياضية خفيفة تقضي فيها على آلام الرقبة والظهر.