محمد حامد (دبي)

تتنازل مدينة مانشستر العريقة عن اسمها الذي تعرف به منذ 20 قرناً، لتتحول إلى «مادشستر» أي «مانشستر المجنونة» لعدة ساعات، تزامناً مع «الديربي» المثير بين مان سيتي وجاره الكبير مان يونايتد، ولا يمكن القول إن حالة «الجنون» الكروي والجماهيري أمر جديد على المدينة الأفضل كروياً في إنجلترا، إلا أن هذه الحالة ارتفعت حدتها على مدار السنوات العشر الأخيرة تحديداً، أي بعد انتقال ملكية السيتي إلى أبوظبي، ليتحول إلى كيان كروي عملاق، في الوقت الذي يحتفظ اليونايتد بتاريخه الكبير وشعبيته اللافتة، مما يجعل الديربي أكثر جاذبية وجنوناً أكثر من أي وقت مضى.
حينما يحل مان يونايتد ضيفاً على مان سيتي اليوم في الديربي المرتقب، الذي يقام في إطار مباريات الأسبوع الـ12 للبريميرليج، فإن العنوان الأبرز للقمة الواعدة بالإثارة هو: «لحظة تألق تختبر قمة توهج»، واللحظة لليونايتد، بينما القمة للسيتي، فقد نجح فريق مورينيو مؤخراً في تحقيق سلسلة من النتائج الجيدة، سواء في دوري الأبطال أو البريميرليج، وبعد أن كان «مو» على وشك الإقالة عاد ومعه فريقه من بعيد، محققاً الفوز على نيوكاسل، والتعادل مع تشيلسي، ثم الفوز على إيفرتون وبورنموث، وفي مباراته الأخيرة بدوري الأبطال على وجه التحديد أسقط يوفنتوس في إيطاليا بهدفين لهدف في مفاجأة من العيار الثقيل، قياساً بما يقدمه كل فريق الموسم الحالي على وجه التحديد، ليحصل الشياطين الحمر ومعهم مورينيو على طوق النجاة.
وفي المقابل يواصل مان سيتي رحلة التوهج على المستويات كافة، فهو الكيان الكروي الأفضل في البريميرليج على المستويات كافة، سواء من حيث النتائج أو العروض الجذابة، فهو الأفضل هجوماً ودفاعاً وتسديداً على المرمى، وحماية لمرماه، وتمريراً، وقطعاً للتمريرات، وتحكماً في المباريات، هو باختصار الأكثر توهجاً في كافة دوريات أوروبا الكبرى، فضلاً عن استعادته البريق في دوري الأبطال، ويكفي أن البلو مون سحق ساوثهامبتون بسداسية في الجولة الماضية للبريميرليج، وكرر فوزه الساحق بالنتيجة ذاتها في الجولة الماضية بدوري الأبطال على حساب فريق شاختار.
مان سيتي يسعى في قمة الاتحاد إلى مواصلة انتصاراته، من أجل ضمان الحفاظ على القمة والابتعاد خطوة جديدة على طريق الاحتفاظ بلقب الدوري، كما أن البلو مون أحد 3 أندية تتصارع على القمة لم تعرف الهزيمة حتى الآن، وهي السيتي، وتشيلسي، وليفربول، وهو حدث تاريخي لم يسبق له مثيل منذ بداية البريميرليج بنظامه الحالي، ويؤشر إلى أن المنافسة على اللقب سوف تستمر على اشتعالها وإثارتها حتى نهاية الموسم.
ومن المتوقع أن يدفع جوارديولا بتشكيلة تتكون من إيدرسون حارساً للمرمى، وأمامه الرباعي الدفاعي والكر في الجانب الأيمن، وستونز ولابورت في قلب الدفاع، والفرنسي ميندي مدافعاً أيسر برئة جناح ينطلق للمشاركة في الهجوم، وفي منتصف الملعب يمزج جوارديولا بين الجهد الدفاعي، والفكر الهجومي، حيث يتكون من الثلاثي فرناندينيو، والثنائي سيلفا، وفي الهجوم سترلينج، وأجويرو، وساني، وعلى الرغم من تألق أجويرو تهديفياً كالعادة وتصدره قمة الهدافين بـ 7 أهداف، فإن سترلينج هو النجم الأكثر توهجاً وتأثيراً في صفوف البلو مون في الوقت الراهن، وهو أمل الفريق في قمة اليوم.
سترلينج هو اللاعب الأكثر تسجيلاً وصناعة للأهداف في البريميرليج منذ بداية الموسم الماضي وحتى الآن، ولا يتفوق عليه سوى محمد صلاح الذي شارك في تسجيل 50 هدفاً، منها 13 «أسست»، و37 هدفاً، فيما صنع سترلينج 16 هدفاً، وسجل 24، ليتفوق بذلك على هاري كين، وسيرجيو أجويرو، وليروي ساني، وروميلو لوكاكو، وإيدن هازارد، مما يؤكد أن النجم الإنجليزي الذي جدد عقده حتى 2023 قبل المباراة بساعات هو أيقونة مستقبل السيتي.
على الجانب الآخر يعتمد مورينيو على تشكيلته الأفضل في المباريات الأخيرة، والتي تتكون دي خيا حامياً لعرين الفريق، وفي الدفاع يونج، وسمولينج، و ليندلوف، وفي اليسار لوك شو، وعلى الرغم من الشكوك التي حاصرت نجم الفريق بوجبا، فإنه سيكون حاضراً على الأرجح لقيادة وسط الشياطين الحمر، ومعه هيريرا، وماتيتش صاحب الدور الدفاعي، وفي الهجوم ماتا، وسانشيز، ومارسيال.
ويعتمد اليونايتد على النجم الفرنسي مارسيال صاحب الخماسية في النسخة الحالية للبريميرليج، وهو اللاعب الأكثر تألقاً في الفترة الأخيرة، بل إنه لعب دوراً محورياً في إنقاذ فريقه من دوامة النتائج السيئة، وأنقذ مورينيو من الإقالة، ليصبح أمل جماهير فريقه في الوقت الذي يقدم بوجبا مستويات تتأرجح بين الجيد والمتوسط، كما أن سانشيز ما زال يحاول التعافي من حالة الاحتراق التي يعيشها منذ قدومه من صفوف أرسنال.

75 % من تشكيل «البلو مون» يسجل ويصنع الأهداف

شارك 15 لاعباً في تسجيل وصناعة أهداف السيتي في النسخة الحالية من الدوري الإنجليزي، وهو ما يمثل 75% من قوام اللاعبين الذين شاركوا بالفعل في مباريات البريميرليج حتى الآن، ونجح الفريق في الظهور بصورة جماعية رائعة منحته 76% من أهدافه عبر التمرير الحاسم والتكتيك الجماعي، وأحرز البلومون أهدافه بتوازن واضح عبر أشواط المباريات، بواقع 17 هدفاً في الفترة الأولى مقابل 16 في الثانية، وظهرت الجبهة اليسرى بتأثير كبير جداً على مردود الفريق الهجومي، بعدما منحته 14 هدفاً، مقابل 13 للعمق الهجومي، و6 أهداف من الجانب الأيمن.على الجانب الآخر، سجل وصنع أهداف يونايتد 10 لاعبين فقط من قوام الفريق المشارك فعلياً في مباريات الدوري، وهو ما يشكل نسبة 45%، ولهذا كان منطقياً أن يحصد الشياطين نسبة 58% من نجاح تكتيك اللعب الجماعي مع مورينيو، واختفت قوة العمق الهجومي للفريق رغم امتلاكه لنجوم غالية الثمن وكبيرة الموهبة في هذه الجبهة، التي لم تساهم في الأهداف سوى 5 مرات فقط، بينما كان الطرف الأيسر هو الأفضل نسبياً بإنتاج 8 أهداف، وتكشف الإحصائيات الفنية عدم قدرة الفريق على تنفيذ الهجوم السريع، واعتماده على الهجمات هادئة الإيقاع، بنسبة 63%.

في الهجوم والدفاع.. السيتي أقوى من يونايتد 11 مرة !

يعيد مانشستر سيتي كتابة تاريخ مواجهات ديربي مانشستر في الحقبة الحالية، بعدما نجح في التفوق على جاره اللدود، يونايتد، خلال السنوات الأخيرة، وتكشف إحصائيات الموسم الجاري عن الفارق الكبير بين عملاقى مانشستر، حيث سجل «البلومون» حتى الآن نسبة نجاح تبلغ 87% من خلال مشاركاته في مختلف البطولات الحالية، مقابل 58% للشياطين الحمر الذي يواصل التراجع، لدرجة تقهقره إلى المركز السابع في البريميرليج، بينما يغرد السيتيزن فوق القمة بفارق 9 نقاط عن غريمه الأزلي.
وإجمالاً، تظهر الفجوة الكبرى بين أداء الفريقين من خلال الفكر الهجومي وتحقيق الانتصارات المتتالية من جانب السماوي، تحت قيادة الداهية جوارديولا، حيث فاز الفريق في 83.3% من جميع مباريات الموسم الجاري، ولم يعرف الخسارة سوى مرة واحدة بنسبة 5.5%، ويمتلك السيتي فارقاً تهديفياً مخيفاً يبلغ، + 45، بعد مرور ما يقارب ثلث مواجهات العام الكروي فقط، أما كتيبة مورينيو التي تعاني بشدة منذ انطلاق الموسم، فاكتفت بتسجيل نسبة انتصارات لم تتجاوز 50%، وخسرت رُبع المواجهات في مختلف البطولات، وظهر فريق القلعة الحمراء بصورة مهزوزة على المستويين الهجومي والدفاعي، لدرجة أن الفارق التهديفي بلغ +4 فقط !

شباك «السماوي» نظيفة في «البداية» و«النهاية» !

فسر جوارديولا مدرب السيتي، خلال مؤتمر صحفي مؤخراً، أسباب الصلابة الدفاعية الهائلة للبلومون رغم نهجه الهجومي المعروف، وقال الإسباني إن الهجوم والسيطرة والاستحواذ على الكرة والضغط على المنافس، هي أسباب تفوق السيتي الدفاعي، لأنه باستخدام تكتيكه الهجومي ينجح في الضغط على المنافس بعيداً عن مناطقه الدفاعية، وبالتالي يقلل من الفرص العكسية التي قد تهدد مرماه، وبالفعل يمتلك السيتيزن خط الدفاع الأقوى في البريميرليج، حيث اهتزت شباكه 4 مرات فقط، وحافظ على نظافة شباكه في 7 مباريات، بنسبة 63.6%، وتمكن الفريق من تجاوز أصعب فترتين في عمر أي مباراة من دون أن يتلقى أي هدف، وهي أول وآخر ربع ساعة، وهو أمر باهر يعكس حقيقة قدرات السيتي الدفاعية.
وبرغم الأسلوب الدفاعي المتحفظ الذي غلب على تكتيك يونايتد، فإن مورينيو فشل في تكرار نجاحه القديم مع تشيلسي، حيث استقبل المرمى الأحمر أكبر معدل للأهداف في بداية ونهاية المباريات، بل إن يونايتد تلقى أهدافاً في جميع فترات المباريات بلا استثناء، وظهر دفاع الظهيرين بصورة سيئة للغاية، أسفرت عن اهتزاز الشباك 13 مرة مقابل خمسة أهداف جاءت عبر العمق، كما تسببت التمريرات العرضية في اهتزاز الشباك بنسبة 50% من الأهداف، وهو الأمر الغريب بالنسبة لفريق يلعب بتكتيك يميل إلى الدفاع !