سامي عبد الرؤوف (دبي)

أظهر استطلاع رأي أجراه المنتدى الاستراتيجي العربي، بالتعاون مع صحيفة عرب نيوز على 3000 شخص، وعرضت نتائجه خلال فعاليات المنتدى، أمس، أن 43% من المواطنين العرب يعارضون بقوة استخدام الدين لأغراض سياسية، مقابل 15% يعارضون إلى حد ما، و7% يؤيدون بقوة ذلك، و8% يؤيدون إلى حد ما.
كما أظهر أن 47% من مواطن دول الخليج يعتقدون أن الدين له تأثير على القرارات الاقتصادية في بلادهم، بينما لا يعتقد 57% من مواطني الدول التي تواجه تحديات اقتصادية أن الدين له تأثير في القرارات الاقتصادية.
وأشار 36% من المواطنين العرب، إلى أنهم يعتقدون أنه ستكون هناك حروب أقل في حال فصل الدين عن السياسة، مقابل 32% لا يعتقدون ذلك.
أعلن عن ذلك في بداية جلسة «مستقبل الأسلمة خلال العقد القادم»، التي تُنظم ضمن فعاليات الدورة الثانية عشرة من «المنتدى الاستراتيجي العربي».
بعد ذلك تحدث عمر غباش، مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون الثقافية، معتبراً أن ما أظهره الاستطلاع من أن 51% يؤيدون فتح أماكن عبادة لاتباع الديانات الأخرى يعتبر أمراً إيجابياً، لافتاً إلى أن المنطقة العربية أظهرت أنه يمكن أن تكون مسلماً ومتطوراً ومزدهراً. وأشار إلى أن هناك جيلاً جديداً ينمو في المنطقة ويترعرع، ولكنه لا يملك ذاكرة جيدة حول ما حدث عبر التاريخ، مشيراً إلى ضرورة عدم التأثر بما خلفه الماضي، مؤكداً أن شبكة الإنترنت أتاحت فرصة متابعة كل شيء وقت حدوثه. وشدد على ضرورة أن ننظر إلى الحاضر والمستقبل، مشيراً إلى أن على من يريد كتابة تاريخ المنطقة أن يتحلى بالموضوعية، موضحاً أنه في السابق كان لفئة علماء الدين نفوذ وسلطة، أما الآن فلم يعد لهم ذك.

الإسلام السياسي
وقال عمر غباش: «إن قضية الأسلمة - الإسلام السياسي - وما تواجهه حالياً المنطقة والعالم من مشكلات وأزمات ترتبط بها، لا تتعلق بالإسلام كدين يضع منهجاً للحياة ويقوم على التسامح والحث على بناء المجتمعات الإنسانية المزدهرة والمتطورة، ولكن المشكلة هي في الفهم الخاطئ والضيق للإسلام والتفسيرات التي تقود إلى استخدامات متطرفة لا تصب في مصلحة الإسلام ولا مصلحة الإنسان».
وبيّن، أن هناك جيلاً من الشباب في المنطقة يحتاج إلى التعرف على الدين الإسلامي بصورته السمحة والبناءة، حيث إن هناك نماذج ملهمة في المنطقة، تؤكد أن الإنسان المسلم هو كذلك متحضر اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ومنفتح ومتسامح مع الآخر والديانات الأخرى، وهذه الثقافة الإسلامية هي التي نحتاج أن نغرسها في نفوس جيل الشباب.
وأكد غباش، أنه لا بد من التعامل مع كتب التاريخ بقراءات تحليلية ونقدية تسهم في تطوير الحاضر والوصول إلى المستقبل الذي نسعى له، وهو المستقبل الذي تتحقق فيه مقومات السعادة والاستقرار، مجتمعات الازدهار والتطور والتنمية.
وبيّن غباش أن 51% من الذين استُطلعت آراؤهم في تقرير «المسجد والدولة: كيف يرى العرب العقد المقبل»، الذي أعده المنتدى الاستراتيجي العربي بالتعاون مع جريدة «عرب نيوز»، لا يؤيدون وجود ديانات أخرى، والتي تقود إلى أن العالم العربي ما زال منطقة لا تحثّ على التسامح، وغير متسامحة مع الديانات الأخرى، وهذا ما يتطلب الوقوف عنده وبحث الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة.
واعتبر غباش، أنه ليس هناك تعارض بين الإسلام والتعامل مع القضايا والتحديات التي تواجهها المجتمعات، حيث إن المؤسسات الدينية ليس من مهمتها وضع حلول للتحديات الاقتصادية والسياسية والبيئية أو قيادة التوجهات المستقبلية في هذه المجالات، وهذا ما يجب أن يتم التركيز عليه في المجتمعات العربية بحيث يكون هناك تعريف واضح لدور المؤسسات الدينية ومكانتها في المجتمع بالتعريف بالإسلام القائم على الأخلاق والتسامح والذي يبني مجتمعات الحضارة التي ترقى بالإنسان وفي علاقاته بالعالم من حوله.

محنة التطرف
قال اد حسين، الكاتب البريطاني ومؤسس منظمة كويليام، ومؤلف كتاب «إسلامي»: إن الجماعات الإسلامية تعيش اضطراباً، ما دفع الشباب الابتعاد عنها، والبحث عن نموذج جديد.
وأوضح أن الرغبة في الإطاحة بالحكومات في المنطقة، وإقامة عالم مثالي لم ولن تنجح، محذراً من خطورة عدم التوصل إلى هوية ذات مغزى في الدول العربية، ما يشكل حالة من الصراع لمعرفة الجذور.
وأشاد حسين، بالتغييرات التي تشهدها المملكة العربية السعودية، والتي تقوم على منظومة متكاملة من الإصلاحات التي تتعزز من خلالها مقاصد الدين الإسلامي والتي ستكون ملهمة لـ 1.8 مليار مسلم حول العالم.
ويرى أن المشكلة ليست في العلمانية كمنهج، وإنما في النموذج الذي يتم التعامل معه واستخدامه من قبل الأحزاب الإسلامية والأحزاب المتطرفة، والذين صوروا هذا المنهج أنه ضد الإسلام ومن يتبع هذا المنهج فإنه لا يرتبط بالإسلام وليس مسلماً.
وقال: «لا بد من إيجاد نموذج من العلمانية يتناسب مع المنطقة والعالم العربي؛ لأنه لا يمكن القول إن نموذج العلمانية الفرنسية، والتي انطلقت لمواجهة الاضطهاد ومشكلات المجتمع الفرنسي يمكن أن يتم عكسها بشكل كامل على المجتمعات العربية، فهناك اختلاف كبير بين المجتمعين، كما أن هناك اختلافاً كبيراً بين المجتمعات العربية وغيرها من المجتمعات حول العالم، ومن هنا، فإن ما نحتاج إليه اليوم هو الفهم الصحيح للدين الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية التي تضمن حياة مستقرة للمجتمعات، والتي تسهم في تطبيق التعاليم التي تقود إلى الازدهار وليس إلى التطرف والانعزال عن العالم». وبين أنه بالنظر إلى ما فعلته حماس في غزة، والذي فعله «حزب الله» في لبنان في دعواهما أنهما مقاومة تحت العباءة الدينية، وما فعلته جماعة الإخوان المسلمين في مصر خلفت آثاراً سلبية أدت إلى حدوث شرذمة وعدم وجود حكومات مركزية قوية تحقق تطلعات شعوبها، وهذا ما دفع جيل الشباب للتفكير بسؤال لماذا نتبع حكومات مضطربة غير قادرة على مخاطبة المستقبل وتميل وتتحيز إلى جهة على حساب الجهات والفئات الأخرى في المجتمع.