رسائلي إلى الشمس
(1)
يا زهرة رعناء
تقف عند منحدر الغيبة
تغرد وحدها وبأجنحتها تصفق بصمتها
هاتي واحدة من حكاياكِ
اقطفي من ثمرك نواياك
ارسمي معبر الحديث الفارغ
يا ندية
يا عجوزة المدينة الصغيرة
انشدي الخلاص وتيممي بتراب القرى
لملمي أسى الضعفاء بيديك المفلطحة
قومي نسقي أثواب الرجال
ومزقي جيوبهم
لوني جدران الحزن
بالبياض والحلم الشارد بالغياب.
(2)
يا فتاتي الصغيرة
هل أهملك أبوكِ؟
هل نهركِ أخوكِ؟
هل سئمتِ السهر؟
وتولعت بالقمر
أجيبي
ناوليني يديك
سأكتب عليها
ممنوع القهر
ولكِ الحب بضحالة النهر
ابتسمي
لامسي ورق الصفصاف
ستتورد الأخاديد
أعلم
أن الموت حق
والأحلام خيال لم يعد حساب للحقيقة
تولعي بقوتكِ
ستدنو بقربكِ حمامة بيضاء
وغراب أسود
لا تصرخي
قاومي
اصرخي
ثم
انظري للقمر
لأنه سيضحك
وسيضحك
وفي النهار سينادي على الغيمة هناك
تعالي
امطري
امطري
بتدفق العطش
وجفاف أراضيهم.
(3)
قل لي:
هل أحببتني بصدق
سألتك أن تجيب
المصيبة لا تسمع ولا تجيب
أتأمل الغياب المقيت
والوردة التي ماتت بالطريق
سألتك عن طفولتي
والقطة التي كان ذيلها مبتور
عن عروستي
عن جديلتي الطويلة
ورائحة قهوتي
سألتكِ حبيبي
إلى أين نمضي غداً؟
ومتى يحين الوقت لنقف؟
تعبت أنفاسنا من الجري
وكل يبحث عن ليلاه
وأنتَ
أنتَ
مشغول
مقهور
عيناك
أجفانك
قلقة
أين هي جريدتك؟
الملقاة على بابك؟
تعال وناولني مفتاحك
وأخبارك التي ضيعتها مع مشوار الطريق
أتحبني؟
سألتكَ مراراً
ولا تجيب
ولا تجيب..!
(4)
أكتبي صديقتي عن تلك المدينة البعيدة
التي دفنها الصمت وغباء الأحبة
أكتبي عن رجاء الأبناء
ولهفة الأطفال لأمهاتهم
أكتبي عن زرقة البحر
وسواد الوجوه
عن القصة المسروقة
الرحمة المفقودة
عن الدراهم التي غيرت تلك النفوس
عن معلمتي العجوز
بيتي العتيق
شارعنا الضيق
نافذة الحب
شجرة النبق
عن أحلامنا الصغيرة
حين كبرنا
تركناها خلف أشجار النخيل
وجدران الطين.
أكتبي عن أمي
وأبي حين فقدته بعيدة
عن تلك النبتة التي غرستها على حافة الرصيف
وحدها جفت
حين تركها أجدادي
وبدأ النحيب
أكتبي عن الحلم الذي رواد طفولتنا
وتساقط هناك خلف القصور ومنازل العبيد
عن حقيبة البكاء
عن دفاتري
قلمي الرصاص
عن سويعات مقتلي
حين فراق الحبيب
أكتبي
وأكتبي
عن عنادل الشجر
عن شاطئ البحر
والمركب الذي أعياه السفر.
أكتبي..