أشرف جمعة (أبوظبي)
شهد ختام مهرجان سلطان بن زايد التراثي 2019، في نسخته الثالثة عشرة أمس، والذي أقيم بتوجيهات ورعاية وحضور سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، حضوراً باهراً واهتماماً كبيراً من قبل محبي التراث بميادين سباقات الهجن بمدينة سويحان، وقد حضر اليوم الختامي الوزير المفوض سلطان صالح أحمد الباكري نائب السفير اليمني لدى السفارة اليمنية في الدولة، وناصر عوشان العبيدي من محافظة مأرب اليمنية، وعدد من السفراء والعاملين في السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة وجمهور غفير.
دعم لا محدود
ووجهت اللجنة العليا المنظمة للمهرجان، الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على دعمه اللامحدود للمهرجان، وقالت: إن النجاح الكبير للمهرجان وبخاصة في هذه النسخة الاستثنائية، يعود إلى الاهتمام الكبير والرعاية والحضور اليومي للفعاليات من قبل سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، راعي الحدث، والمتابعة الحثيثة والمستمرة والتوجيهات بأهمية تنوع الفعاليات بما يتناسب مع الفئات والشرائح كافة، وهو ما صنع حالة ثقافية تراثية شعبية، غمرت مدينة سويحان بالفرح والبهجة والسعادة، مع إنجازات ونجاحات عززت قيمة الموروث الشعبي والتراث الإماراتي الأصيل، في نفوس جميع الزوار من إماراتيين وخليجيين وعرب وأجانب، ليظل تراث الإمارات العريق محفوظاً في عيون وقلوب أبنائه ومحبيه.
وأوضحت اللجنة المنظمة أن هذا النجاح النوعي والمميز للمهرجان، يؤكد أن أبناء الإمارات يسيرون بخطى واثقة على نهج القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، ويستلهمون من فكره المستنير والقيم المحمودة التي غرسها في قلوب وعقول أبنائه، كل ما يعزز ثوابت الهوية الوطنية، ويرسخ معاني الولاء والوفاء للقيادة والوطن، والاعتزاز بتاريخ الإمارات وقيم شعبه وهويته التراثية التي صارت مثالاً يحتذى به على مستوى العالم.
واختتمت اللجنة تصريحها بالقول: إن رعاية القيادة الحكيمة ودعمها لمهرجاننا الذي تم تنظيمه تزامناً مع انطلاقة «عام التسامح»، ساعدنا على تخصيص جملة من النشاطات والبرامج التي تؤكد ريادة الإمارات في تعزيز قيم التسامح والمحبة والأخوة والاعتدال، كما تقع على عاتقنا مسؤولية الحفاظ على التراث، ومنحه الاهتمام والرعاية الكاملة، كونه يمثل جزءاً مهماً من تاريخ دولتنا الحبيبة، فهو الجسر الذي يربط الأجيال الحالية والقادمة بتاريخهم وثقافتهم، والركيزة التي انطلقت منها قيادتنا وشعبنا نحو مستقبل مشرق وحياة أفضل.
ثقافة التراث
وشهد المهرجان خلال هذه النسخة فعاليات وبرامج ومشاريع ثقافية وتراثية، مثل الشعر الشعبي والتصوير الضوئي وغيرها، باعتبارها ذات صلة وثيقة بماضي الآباء والأجداد الأصيل، حيث عكست روح البداوة، وساهمت في تعزيز مشاعر الفخر بالوطن حاضره وماضيه، خاصة مخيم «مكشات سويحان» الذي استقطب آلاف الزوار والسياح والمهتمين من جنسيات مختلفة، حيث شهد المخيم أمس احتفالية تراثية كبيرة شارك فيها رئيس وأعضاء اللجنة العليا المنظمة، وتسيدت المشهد العروض الفنية والأهازيج والرقصات الشعبية وإحياء المجالس التراثية والشعرية وطرق الطهي الشعبي، فضلاً عن إعادة مفردات طلعات البر الصحراوية التي يشتهر بها مجتمع الإمارات والمنطقة، ما جعل المخيم قبلة للزوار والسياح على وجه الخصوص طيلة أيام المهرجان، ومنصة تراثية ممتلئة بالمفردات واللقاءات الجماعية وتكريس مفهوم مثالي للموروث الشعبي وثقافة التراث.
برنامج «المقناص»
واهتمت نسخة هذا العام بتقديم جوائز قيمة ولافتة للفائزين بالمسابقات الرسمية، مع الاهتمام ببرنامج «المقناص» وتدريب عددٍ كبيرٍ من الشباب والناشئة على قواعد وأصول رياضة الصيد بالصقور، بالإضافة إلى المسابقات اليومية التي أقيمت على مسرح السوق الشعبي، ومشاركة نحو 3000 طالب وطالبة بها، واستهدف المهرجان بصفة خاصة الأسرة والطفل، حيث تم تخصيص قرية للطفل بمداخل السوق الشعبي لتعلم رياضتي الفروسية والهجن، وممارسة العديد من الألعاب، بجانب العروض المسرحية المخصصة للصغار، والحفلات الغنائية، وسط ترحيب رسمي وشعبي وإعلامي.
مشغولات تراثية
وقد جذبت المشغولات اليدوية والأعمال التراثية في السوق الشعبي جمهوراً واسعاً من دول العالم كافة، حيث تسابق الجميع على مدى 14 يوماً هي عمر المهرجان منذ انطلاقته وحتى ختامه، لزيارة هذا المكان البديع الذي ضم 72 محلاً، واقتناء المشغولات اليدوية، والمصنوعات التراثية التي تشتهر بها مبدعات من المراكز النسائية التابعة للنادي، ومن الأسر الإماراتية المنتجة، كتذكار لهم عند زيارتهم للمهرجان، كما شكلت الأفواج السياحية والوفود الأجنبية التي زادت عن 80 وفدا من جنسيات مختلفة الشريحة الأكبر من المشترين لتلك المشغولات نظراً لدقة صنعها وما تتسم به من إبداع وتميز.
سوق شعبي
وتنوعت المعروضات المقدمة للجمهور داخل السوق الشعبي، بين الأكلات والحلويات الشعبية التي تقوم مجموعة من ربات البيوت المتخصصات بطهوها وإعدادها أمام الراغبين بتذوق أشهى الأطباق الإماراتية، إضافة إلى عدد من المتاجر التي توفر الأواني المنزلية ذات الرسومات والمنقوشات اليدوية، وقسم آخر يقدم عبوات الأعشاب الطبية التي تدخل في مجال الطب الشعبي، وصناعة العطور وبهارات الطهي والقهوة والبخور، والأكسسوارات، والملابس وصناعة التلي والسدو وسعف وخوص النخيل، وتطوير الملابس التقليدية من حياكة حديثة بأقمشة كانت تستخدم في الماضي، ومستلزمات الرحلات الصيفية والشتوية والمنتجات التراثية، ومن هذا المنطلق اصبح السوق الشعبي واحداً من المعالم الأساسية التي يحرص زوار المهرجان على زيارتها للاطلاع على التراث الإماراتي الأصيل كونه يروي تاريخ هذا البلد العريق، موضحاً دور كل من المرأة والرجل في تشكيل حياته الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
وفود سياحية
وتصدر جناح مركز زايد للدراسات والبحوث القائمة في الاستقطاب الجماهيري، حيث استقبل أكثر من 9 وفود سياحية أجنبية، بجانب عدد من الجمهور الباحث عن المعرفة وثقافة التراث، حيث عبرت فاطمة المنصوري مديرة المركز عن تقديرها لهذا الحضور الاستثنائي من السياح والشعراء والمهتمين، وثمّنت الإقبال الاستثنائي على الإصدارات الجديدة للمركز مثل كتاب «شخصيات من أسرة آل نهيان» وكتاب «السياسة السلمية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان»، وأيضاً الدواوين الشعرية وعلى وجه الخصوص ديوان بن عتيج، حيث يسعى المركز لإصدار نسخة جديدة منقحة من هذا الديوان، مؤكدة أن البرنامج الثقافي المصاحب للمهرجان نجح في تقديم برنامج نوعي للمحاضرات والندوات والأمسيات الشعرية.
وقد ودّع أكثر من 1000 سائح وسائحة المهرجان بعد حضورهم يومه الأخير، وكانوا ضمن وفود سياحية مثلت الولايات المتحدة الأميركية، إسبانيا، فرنسا، الفلبين، المغرب، كازاخستان، وأوكرانيا، وغيرها، وقد نظمت لجنة الترويج السياحي برنامجاً حافلاً اشتمل على حضورهم منافسات اليوم الثاني لسباق الإبل التراثي، وزيارة السوق الشعبي، حيث عبروا عن شكرهم وتقديرهم لحسن الاستقبال والضيافة، مشيدين بجهود سمو راعي المهرجان لتوجيهاته السديدة بتخصيص مساحة طيبة لهم في برنامج المهرجان.