حسام عبدالنبي (دبي)

تغزو المنتجات الخضراء القطاع المالي والمصرفي في دولة الإمارات والعالم حالياً، حيث أخذت دولة الإمارات زمام المبادرة في تبني تلك المنتجات التي تشمل القروض الخضراء وتمويلات المشاريع والصكوك والأسهم الخضراء والمنتجات المالية المختلفة والصناديق الاستثمارية الخضراء.
وبحسب رصد أجرته «الاتحاد»، فإن جهود الإمارات في ذلك المجال متعددة، وكان أبرزها توقيع 25 جهة حكومية ومؤسسة رائدة (من بينها عدد من البنوك) إعلان أبوظبي للتمويل المستدام الذي يستهدف إيجاد إطار عمل مشترك، يدمج ويعزز الاستثمارات الخضراء المستدامة في أبوظبي والدولة والمنطقة كافة.
وفي الإطار ذاته، بادرت هيئة الأوراق المالية والسلع بوضع تصور إطار عام لتأسيس أسواق رأس المال المستدامة على مستوى دولة الإمارات، من أجل العمل على توفير منتجات مالية خضراء، وإتاحة قنوات تمويل مبتكرة للمشاريع المستدامة. كما أعلن سوق دبي المالي أول معايير إسلامية في العالم تناولت بالتفصيل الأدوات والأوعية المالية الخضراء مثل الصكوك الخضراء، والأسهم الخضراء، والصناديق الخضراء، التي باتت تشغل العالم حديثاً. وأعلنت دبي إطلاق «صندوق دبي الأخضر» الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة كخطوة مهمة لتشجيع الاستثمار في المشاريع الخضراء، وتعزيز مكانة دبي كمركز عالمي للاقتصاد الأخضر، وذلك بقيمة 100 مليار درهم (27.2 مليار دولار أميركي)، بغية توفير قروض ميسرة للمستثمرين في قطاع الطاقة النظيفة بأسعار فائدة تنافسية.
وإلى ذلك، تبارت البنوك الوطنية والعالمية العاملة في الدولة في طرح القروض الخضراء، ومنح مزايا تفضيلية للحاصلين عليها، مع ترتيب التمويلات الخضراء للمشاريع الصديقة للبيئة. وأعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة، توقيعها اتفاقية مع أربعة بنوك محلية ودولية بهدف الحصول على تسهيلات ائتمانية متجددة خضراء بقيمة 75 مليون دولار أميركي.

وذلك لتوفير التمويل للاستثمارات الجديدة والمتواصلة في قطاع التقنيات النظيفة على المستوى العالمي، والمشروعات العقارية المستدامة. كما تؤكد الوكالات العالمية أن دولة الإمارات يمكن أن تلعب دوراً رائداً في إصدارات الصكوك الخضراء في المنطقة، خاصة أن حكومتها أعلنت مخططات لاستخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة في إنتاج 75% من الطاقة المولدة في الدولة.
ووفقاً لتقرير لمؤسسة «فوتسي راسل» حول الآفاق المستقبلية للاقتصاد الأخضر، فإن قيمته تماثل حالياً قيمة قطاع الوقود الأحفوري، كما أن ما نسبته 6% من القيمة السوقية لأسواق المال العالمية، بما يوازي 4 تريليونات دولار تقريباً، تأتي من قطاعات الطاقة النظيفة والاستخدام الفعال للطاقة والمياه ومعالجة التلوث. وحال مواصلته النمو بهذه الوتيرة ينتظر أن تصل نسبة الاقتصاد الأخضر إلى 10% من الاقتصاد العالمي بحلول العام 2030، مع توقع توجيه ما قيمته 90 تريليون دولار إلى الاستثمارات الخضراء حتى ذلك الحين.
ووفقاً لنتائج دراسة أجراها بنك HSBC بعنوان «المستكشف: حاضر الأعمال ومستقبلها وطريقها»، فإن غالبية الشركات في دولة الإمارات (72% من الشركات العاملة في قطاع الخدمات، و61% من الشركات العاملة في قطاع السلع)، تعتقد بأن إيلاء اهتمام أخلاقي وبيئي هو أمر في غاية الأهمية بالنسبة لها، مبينة أن ما يزيد على أربع من أصل كل خمس شركات (80%) تعتقد بأهمية جميع جوانب الاستدامة، وتنظر إليها كمساهم رئيس في تحسين الأداء المالي وإرساء الكفاءة في التكاليف.
وأكدت الدراسة أن طموحات الشركات نحو الاستدامة تحظى بدعم حكومي قوي، إذ تبنت الإمارات دوراً ريادياً في الشرق الأوسط يقضي بالانتقال باقتصادها نحو مستقبل منخفض الكربون.

منصة التمويل المستدام
وقبل نحو أسبوع، وقعت 25 جهة حكومية ومؤسسة رائدة (من بينها عدد من البنوك) إعلان أبوظبي للتمويل المستدام، تأكيداً على التزامها بتعزيز الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الإيجابية والترويج للتمويل المستدام والاستثمار على المدى الطويل بما يخدم اقتصاد الدولة.
وتضمنت قائمة البنوك كلاً من بنك أبوظبي الأول، بنك أبوظبي التجاري، مصرف الهلال، بنك إتش إس بي سي الشرق الأوسط، بي إن بي باريبا، ومجموعة سيتي، و بنك إي إن جي، وذلك إلى جانب مصرف الإمارات المركزي.
وبمقتضى إعلان أبوظبي للتمويل المستدام، سيتم إيجاد إطار عمل مشترك يدمج ويعزز الاستثمارات الخضراء المستدامة في أبوظبي والدولة والمنطقة كافة. وسيحرض كل من سوق أبوظبي العالمي ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وهيئة الأوراق المالية والسلع على التعاون مع الوزارات والشركاء المحليين والإقليميين والدوليين، لتحفيز تدفقات الاستثمار في مشاريع الاستدامة ولتحقيق أهداف وأحكام الإعلان. كما تضمن الإعلان نشر الوعي بين الشركاء الاستراتيجيين والمستثمرين والمجتمع كافة حول أهمية حماية البيئة والاستدامة، بالإضافة إلى إيجاد حلول مبتكرة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في أبوظبي وخارجها.
وقال معالي أحمد علي الصايغ، وزير دولة، رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي، إن الركائز الأربعة للتمويل المستدام أولها دمج الاستدامة ضمن الأطر التنظيمية للسوق، حيث سيصبح سوق أبوظبي العالمي منصة للتمويل المستدام، وسيعمل على إيجاد تصنيفات تدعم إصدار منتجات التمويل المستدام ليتم تطبيقها في الدولة، فضلاً عن العمل على إضافة معايير الاستدامة ضمن الإطار التنظيمي للسوق بالتماشي مع مبادرات الدولة وأفضل الممارسات العالمية.
وأضاف أن الركيزة الثانية تتمثل في التعاون مع رواد القطاع المحليين والدوليين، بحيث يسعى السوق إلى إيجاد حوار وتعاون مستمر مع الجهات الحكومية المحلية والدولية والمؤسسات المختصة الدولية ورواد القطاع كافة للترويج للاستثمارات الخضراء والمستدامة في الدولة والمنطقة.
ولفت إلى أن الركيزة الثالثة تستهدف تعزيز التواصل والمعرفة والتوعية في مجال التمويل المستدام، عبر نشر المعرفة والتوعية والترويج للتمويل المستدام، من خلال تنظيم الفعاليات والبرامج التدريبية وتقديم الدعم لتنمية المواهب في هذا المجال، مبيناً أن الركيزة الرابعة تتضمن تأسيس منصة تمويل مستدام لسوق أبوظبي العالمي لدعم القطاع بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين، يسعى السوق من خلالها لتطوير بيئة ملائمة للتمويل المستدام تضم مؤسسات ومنتجات وخدمات تدعم جمع وتوزيع رأس المال، وتقدم سوقاً يشجع فرص التمويل المستدام بما يحقق أهداف الاستدامة.

إطار عام
ومن جهتها، بادرت هيئة الأوراق المالية والسلع بوضع تصور إطار عام لتأسيس أسواق رأس المال المستدامة على مستوى دولة الإمارات، وذلك بهدف توفير منتجات مالية خضراء وقنوات تمويل مبتكرة للمشاريع المستدامة، وحث الشركات على الإفصاح عن دورها ومسؤولياتها تجاه البيئة والمجتمع وأصحاب المصلحة الرئيسيين في الشركات المساهمة، إضافة إلى توعية المستثمرين ومن يمثلونهم بأهمية دورهم في دعم الاقتصاد المستدام والاستثمار المسؤول.
وقال الدكتور عبيد الزعابي، الرئيس التنفيذي للهيئة، إن مبادرة الهيئة تعمل على ضمان تضافر جهود الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية ومؤسسات القطاع الخاص على مستوى الدولة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال خريطة طريق توضح دور كل من الجهات المختلفة في توفير بيئة أسواق مال مستدامة تعمل على توفير منتجات مالية خضراء وإتاحة قنوات تمويل مبتكرة للمشاريع المستدامة مثل إصدار سندات أو صكوك خضراء، بما يكفل تحقيق اقتصاد مستدام في الدولة، لافتاً إلى أن المبادرة تتضمن أهم الركائز المطلوبة لنجاح أسواق رأسمال مستدامة في الدولة وفي مقدمتها المعايير وكيفية تصنيف الأدوات الخضراء والمصدرين، والهيكل القانوني والتنظيمي، والأدوات الاستثمارية الخضراء ومنصات لطرحها وتداولها، والحوكمة والقيادة الإيجابية والفعالة من قبل المساهمين، والإفصاح والشفافية، والتوعية والتثقيف، والجوائز والحوافز.

معايير خضراء
وأصدر سوق دبي المالي في الشهر الماضي نسخاً محدثة من معاييره الشرعية الثلاث، بهدف أن تواكب الاهتمام المتزايد بالاقتصاد الأخضر والاستدامة. وتعد معايير سوق دبي المالي المتوافقة مع الشريعة أول معايير إسلامية في العالم تناولت بالتفصيل الأدوات والأوعية الاستثمارية الإسلامية مثل الصكوك والأسهم وصناديق الاستثمار الخضراء، ودعت إلى التوسع في استخدامها.
وقال الدكتور حسين حامد حسان، رئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في سوق دبي المالي، إن هيئة الفتوى والرقابة راجعت معياري الأسهم والصكوك ومسودة معيار صناديق الاستثمار التي طرحها السوق للتشاور في العام 2018 وفقاً لآخر التطورات.
وأضاف أن من أهم التعديلات التي تم إجراؤها على تلك المعايير ما يتعلق بالاقتصاد الأخضر الذي يركز على مفاهيم الاستدامة والحفاظ على البيئة، وهما من المقاصد الرئيسة للشريعة الإسلامية، موضحاً أن التعديلات الجديدة تُفصل الأدوات والأوعية المالية الخضراء مثل الصكوك الخضراء والأسهم الخضراء والصناديق الخضراء التي باتت تشغل العالم حديثاً، وهي الأدوات المالية والأوعية التي تمول مشروعات صديقة للبيئة تحافظ عليها وتحميها ولا تضر بها، مثل مشاريع البنية التحتية والمشاريع التي تقل فيها أو تنعدم العناصر المضرة للبيئة مثل الكربون.

تمويل أخضر
وذكر «ستاندرد تشارترد» أنه تولى مسؤولية تنسيق أول قرض «أخضر» في الشرق الأوسط لصالح شركة موانئ دبي العالمية في معاملة تعد الأولى من نوعها في المنطقة، كونها تمويلاً صديقاً للبيئة يعتمد على صيغة متوافقة مع الشريعة الإسلامية عبر آلية تربط بين السعر والأداء البيئي، مبيناً أن ذلك التمويل يعد فريداً من نوعه ويتماشى مع مبادئ الإقراض المستدام لديه.
وقام بنك ستاندرد تشارترد بقيادة تنسيق قرض لصالح شركة موانئ دبي العالمية المحدودة، وذلك بهدف تمديد وإعادة تسعير تسهيلات المجموعة الائتمانية المتجددة والبالغة ملياري دولار بشقيها التقليدي والإسلامي، وذلك لمدة عامين حتى شهر يوليو 2023.
وأشار إلى أن عملية هيكلة هذه الصفقة جاءت على نحو يربط هامش التسهيل بدرجة انبعاثات الكربون من عمليات موانئ دبي العالمية، بحيث يتم تحفيز الشركة على خفض كمية غازات الدفيئة المنبعثة من عملياتها، لافتاً إلى أن موانئ دبي العالمية حصلت على دعم 19 بنكاً لهذا الهيكل التمويلي المبتكر، وكانت الريادة في ذلك لبنك ستاندرد تشارترد كمنسق لهذا القرض الأخضر أو «الصديق للبيئة».

قروض خضراء
وأعلن بنك الإمارات دبي الوطني تقديم القروض الخضراء (قروض السيارات الصديقة للبيئة) لعملائه في إطار التزامه بالمساعدة في تحويل الإمارات إلى منطقة صديقة للبيئة، وللوصول إلى اقتصاد ذي استخدام منخفض للكربون، وذلك دعماً لأجندة الاستدامة في «رؤية الإمارات لعام 2021».
وأكد البنك تقديم عروض أسعار خاصة على مجموعة مختارة من السيارات الكهربائية والهجينة، كجزء من مبادرة «Go Green» وتتضمن موافقات على القرض تتم خلال نصف يوم، ومنح العميل خصماً بنسبة 0.5% على معدّل الفائدة المتناقص، مع استرداد نقدي بقيمة 50% من رسوم تسيير الطلب، منوهاً أن السيارات الكهربائية والهجينة ليست فقط أكثر فعالية من نظيراتها التي تعمل وفق محرّكات الاحتراق الداخلي فحسب، بل هي الخيار الأمثل للحدّ من التلوث الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة والضجيج.
وفي الإطار ذاته، أطلق بنك الفجيرة الوطني قرض السيارات الأخضر، تماشياً مع التزامه بدعم سعي حكومة دولة الإمارات إلى اعتماد اقتصاد منخفض الكربون، تطبيقاً لأجندة الاستدامة في «رؤية الإمارات لعام 2021».
وقال فينس كوك، الرئيس التنفيذي في بنك الفجيرة الوطني، إن البنوك يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في تسريع التحول نحو الاستدامة من خلال توفير رؤوس أموال كبيرة تدعم المبادرات البيئية.
وأضاف أنه لهذا الغرض أطلق البنك ذلك المنتج المصرفي بعد أن لاحظ اهتماماً بالغاً من قبل المقيمين في دولة الإمارات بالسيارات الهجينة والكهربائية، ما دفعه إلى تسهيل قرض مصرفي يؤمن تمويل هذه السيارات، منوهاً أن البنك يواصل من خلال هذا العرض ترسيخ مكانته كشريك مالي ملتزم بتلبية احتياجات عملائه الشخصية والمهنية المتغيرة، وبتشجيعهم على الاستثمار في حلول صديقة للبيئة.
وأوضح كوك، أنه يمكن للمواطنين والمقيمين في الإمارات، والذين يفوق عمرهم 18 سنة، الاستفادة من قرض السيارات الأخضر بفائدة على القرض تبلغ 2.2% ويمكن تسديده بالتقسيط خلال فترة تصل إلى 5 سنوات، مؤكداً توفير تسهيلات لمنح القرض الجديد تشمل أيضاً تسريع الموافقة على الطلبات وتوفير تأمين بأسعار لافتة وتمويل يصل إلى مليون درهم.
وأعلن «الإمارات الإسلامي»، في وقت سابق، عن مبادرة تشمل أسعار جذابة لـ«تمويل السيارات الصديقة للبيئة» تتضمن حسومات تصل حتى 100% على رسوم معاملات تمويل السيارات الكهربائية، وذلك في مبادرة لتقديم منتجات مصرفية خضراء انسجاماً مع محور «الاستدامة».
وبحسب وسيم سيفي، نائب الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في «الإمارات الإسلامي»، فإن حملة «تمويل السيارات الصديقة للبيئة» تأتي في إطار التزام «الإمارات الإسلامي» بتعزيز الاستدامة التي تمثل ركيزة محورية في رؤية الإمارات 2021. وقال إنه يمكن للمتعاملين مع «الإمارات الإسلامي» وعبر هذه المبادرة، اغتنام فرصة الحصول على تمويل بمبلغ أقصاه 1.5 مليون درهم والاستفادة من الحسم على رسوم معاملة التمويل، بمعدلات أرباح تبدأ من 2.29% سنوياً، مشيراً إلى أن المتعاملين الذين يتقاضون رواتب تزيد على 30 ألف درهم يمكنهم الاستفادة من فرصة الحصول على حسم تصل نسبته حتى 100% على رسوم معاملة التمويل.
وأكد سيفي، أن تقديم عروض تسعير خاصة على المنتج المصرفي لتمويل السيارات الصديقة للبيئة، يأتي في إطار التزام المصرف بتعزيز الاقتصاد الأخضر في دولة الإمارات، معرباً عن تطلع المصرف قدماً إلى تعزيز اهتمام جميع سكان الدولة بالسيارات الهجينة والكهربائية، عبر التمويل الأكثر سهولة للسيارات الكهربائية، مع العمل على إطلاق المزيد من المنتجات المصرفية التي تسهم في حماية البيئة والحفاظ عليها لأجيال المستقبل.

الصكوك الخضراء
وأكد الدكتور محمد دمق، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي وتقييم المؤسسات العالمية، في وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية»، أن دولة الإمارات يمكن أن تلعب دوراً رائداً في إصدارات الصكوك الخضراء في المنطقة، خاصة أن حكومة الإمارات أعلنت مخططات لاستخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة في إنتاج 75% من الطاقة المولدة في الدولة، معتبراً أن ذلك الأمر يعني إيجاد المزيد من المشروعات التي تستهدف الحفاظ على البيئة والتي يمكن تمويلها عبر الصكوك الخضراء.
وأشار دمق، إلى أنه من المتوقع أن تكون الصكوك الخضراء أحد التوجهات الرئيسة في سوق إصدارات الصكوك في العام الحالي، مرجعاً ذلك إلى أن الصكوك الخضراء تعد وسيلة استثمارية مناسبة للصناديق الاستثمارية (الخضراء) التي تستهدف الاستثمار في المنتجات والمجالات التي تحافظ على البيئة، فضلاً عن المستثمرين الراغبين في الاستثمار في المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وكذا المستثمرين في الصكوك بشكل عام باعتبارها أحد المنتجات الاستثمارية الناجحة في الوقت الحالي.

ماليزيا أول مصدر للصكوك الخضراء في العالم
أصدرت «تاداو إنيرجي» أول صك أخضر في ماليزيا في يوليو 2017، وبلغت قيمة ذلك الصك 250 مليون رينغيت ماليزي (58 مليون دولار أميركي)، وتبع ذلك بعض الإصدارات الأخرى من قبل شركات في الدولة، والتي قامت بجمع الأموال بغرض استثمارها إلى حد كبير في مشاريع توليد الطاقة الشمسية، ولتستحوذ من بعدها الصكوك الخضراء على اهتمام متزايد من المستثمرين في قطاعي التمويل الإسلامي والتقليدي.
والصكوك الخضراء هي نوع من الأدوات المالية الإسلامية التي تتيح للمُصْدرين استخدام عائداتها لتمويل الاستثمارات في الطاقة المتجددة أو الأصول البيئية الأخرى مثل المزارع الشمسية، ومحطات الغاز الحيوي، ومشاريع لتوليد الطاقة بالرياح، وكذلك مشاريع النقل والبنية التحتية المعتمدة على الطاقة المتجددة.
وبحسب وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» فإن الصكوك الخضراء تتيح للمُصْدرين ليس فقط الوصول إلى المستثمرين التقليديين المهتمين بالمشاريع الخضراء، بل وكذلك للمستثمرين في قطاع التمويل الإسلامي. كما أن من العوامل التي دفعت المُصْدرين للتوجه نحو هذا النوع من الصكوك هو النقص الكبير في حجم الإصدارات مقارنةً بالطلب، حيث وصل هذا النقص إلى 143 مليار دولار أميركي في العام 2017 ما يعني أن التوجه نحو سوق الصكوك الخضراء يمكن أن يشكل فرصةً للمُصْدرين لاستهداف فئات أكبر من المستثمرين والاستفادة من الطلب المتزايد المحتمل عليها، أو خفض تكلفة الإصدار، أو الاستفادة من فترات استحقاق أطول.
وتؤكد وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» أن الصكوك الخضراء تلبي احتياجات المستثمرين في قطاع التمويل الإسلامي لكونها أدوات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، إذ لا يمكن للبنوك الإسلامية أو لشركات التكافل، على سبيل المثال، الاستثمار بالمنتجات التقليدية.
وترى الوكالة أنه بالمقابل يلتزم المستثمرون في قطاع التمويل التقليدي بالاستثمار بالأدوات المالية الخضراء لتحقيق أهدافهم أو توجيهاتهم الاستثمارية الخاصة، معربة عن اعتقادها بأن المستثمرين يستفيدون من الشفافية الإضافية التي توفرها الصكوك الخضراء فيما يتعلق باستخدام العائدات، لأنه يجب تحديد الأصول الأساسية للصكوك بوضوح منذ البداية.

100 مليار درهم القيمة الإجمالية لـ«صندوق دبي الأخضر»
أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «صندوق دبي الأخضر»، كخطوة مهمة لتشجيع الاستثمار في المشاريع الخضراء وتعزيز مكانة دبي كمركز عالمي للاقتصاد الأخضر.
ويعد «صندوق دبي الأخضر» الأول من نوعه في المنطقة، ويستهدف تسريع آليات التمويل للعديد من البرامج والمشاريع القائمة حالياً في دبي والتي تدعم رؤية دبي في مجالات الاقتصاد الأخضر. وقد خصص «صندوق دبي الأخضر» 100 مليار درهم من أجل تمويل المشاريع الخضراء لتوفير فوائد قصيرة وطويلة الأجل للمستثمرين والمشاريع الراغبة بالتمويل، وكذلك تطوير الاقتصاد بشكله الأوسع في دبي. ويشارك في تمويل الصندوق مستثمرون مؤسسون من إمارة دبي، بالإضافة إلى القطاع الخاص وبنوك عالمية ومؤسسات استثمارية كبرى.
وينسجم «صندوق دبي الأخضر» مع استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي تهدف للوصول بدبي إلى المرتبة الأولى عالمياً بين المدن الأقل في البصمة الكربونية بحلول 2050. وسيركز الصندوق على مشاريع تدعم تنفيذ استراتيجية إدارة الطلب على الطاقة والكفاءة، بما في ذلك نشر الألواح الشمسية الكهروضوئية على الأسطح، ضمن مبادرة شمس دبي، وإعادة تأهيل المباني وغيرها من مشاريع رفع كفاءة استهلاك المياه والطاقة، ومشاريع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.