شريف عادل (نيويورك)

رغم أن البنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي ضخ مليارات الدولارات في سوق إقراض البنوك بضمان سندات خلال الأسابيع الماضية، فإن معدلات الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء «ريبو» لمدة ليلة واحدة، سجلت مستويات غير معتادة، ما يؤكد أن البنك الفيدرالي ما زال يعاني من أجل طمأنة الأسواق وتوفير السيولة اللازمة لتعاملاتها اليومية.
ورغم استقرارها في تعاملات الجمعة، بعد إعلان البنك الفيدرالي زيادة المبالغ التي ينوي ضخها في السوق التي تلجأ إليها البنوك لمقابلة التزاماتها قصيرة الأجل، سجلت الفائدة على عمليات «ريبو»، التي تبدأ آخر يوم في السنة الحالية، معدل 3.95% خلال تعاملات يوم الخميس في نيويورك، رغم أن المستويات الطبيعية وفقاً لمعدل الفائدة الحالي على أموال البنك الفيدرالي يفترض أن تكون في حدود 1.50% - 1.75%.
ورغم تجاوز معدلات الفائدة في سوق «ريبو» المستويات التي بلغتها خلال الشهر الماضي، التي كانت تدور حول 3% في أعلاها، فإنها ما زالت أقل كثيراً من معدل 10% الذي تفاجأت به الأسواق في آخر أيام سبتمبر الماضي، آخر شهور السنة المالية الأميركية، ما دفع البنك الفيدرالي إلى ضخ عشرات مليارات الدولارات لتوفير سيولة في الأسواق وكبح جماح معدلات الفائدة. وأشار البنك الفيدرالي إلى أن تدخله في الأسواق لا يمثل عودة إلى سياسات التيسير الكمي، التي أعلن انتهاءها قبل فترة، إلا أنه يهدف فقط إلى إعادة احتياطيات البنوك إلى مستوياتها السابقة.
وعلى عكس ما اعتادت البنوك عمله على مدار العقود الماضية، من زيادة أحجام ميزانياتها في نهاية كل عام، تسببت القيود المفروضة على البنوك الأميركية في تحول رغبتها إلى تخفيض ميزانياتها مع نهاية العام، لتحسين نسب السيولة. وتسبب ذلك مؤخراً في عزوف كثير من البنوك الأميركية عن الإقراض في سوق «ريبو» مع نهاية العام، تاركة فجوة تمويلية يعمل البنك الفيدرالي حالياً على سدها، لطمأنة الأسواق.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من عدم قدرة البنك الفيدرالي على السيطرة على معدلات الفائدة في السوق الأميركية، أكد ستيفن منوشن، وزير المالية الأميركي، لأعضاء مجلس النواب يوم الخميس، أنه عقد أكثر من اجتماع تنسيقي مع جيرومي باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، لتجنب حدوث أزمة سيولة، تدفع بمعدلات الفائدة إلى أعلى مع نهاية العام، على النحو الذي شهدته الأسواق مع نهاية السنة المالية.
وتسببت أزمة سيولة مصغرة، خلال سبتمبر الماضي، في تدخل البنك الفيدرالي في الأسواق، للمرة الأولى، منذ انتهاء الأزمة المالية العالمية في 2008. وقال منوشن إنه يبحث مع البنك الفيدرالي أسباب ما حدث في سبتمبر، ومدى تأثير قواعد احتياطيات البنوك المفروضة عليها.
ورغم تأكيد البنك الفيدرالي في العديد من المناسبات على نجاحه في السيطرة على سوق «ريبو»، فإن جون هلتمان، الكاتب المختص في شؤون البنك الفيدرالي وأسواق المال، كتب مقالة حديثة في مجلة «أميركان بانكر»، أكد فيها أن «أزمة شهر سبتمبر سيكون لها تبعات على البنوك والمؤسسات المالية، وبالتأكيد على قدرة البنك الفيدرالي على إنفاذ سياسته النقدية».