زايد طبع الإمارات بنهج «العطاء» وساند المنكوبين دون تمييز
طبع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الإمارات بنهج “العطاء” والنخوة الذي منبعه الأصالة العربية والقيم الإسلامية، فلم يغفل -رحمه الله- عن أية بقعة مبتلاة في أقصى مشارق الأرض ومغاربها إلا ووصل إليها خيره.
واهتم فقيد الوطن والأمة بإنشاء الهيئات والمؤسسات الخيرية لتقديم المساعدات والمعونات لأبناء شعبه، وفي عهده بلغ عدد الجمعيات الخيرية بالدولة 14 جمعية و22 مؤسسة ترعى ذوي الإعاقات.
وقدم الراحل دعماً كبيراً للقضية الفلسطينية، فتبرع بحوالي 415 مليون دولار خلال حياته وبلغت مساعدات “الهلال الأحمر” الإماراتية إلى الفلسطينيين في عهده حوالي 437 مليون درهم.
في عهده -رحمه الله- تم إنشاء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية في الخامس من أغسطس عام 1992 برأسمال قدره مليار دولار أميركي بما يعادل 67,5 مليار درهم ورصد 20 مليون دولار سنوياً لأنشطتها.
وعلى صعيد مشاريع وأنشطة المؤسسة، بلغ حجم إنفاق المؤسسة على مختلف المشاريع في قارة آسيا 15 مليون دولار. أما في أوروبا وأميركا وأستراليا ونيوزيلندا، فبلغ حجم المشاريع الخيرية حوالي 18 مليون دولار، وفي قارة أفريقيا حتى نهاية عام 1999 بلغ حجم الإنفاق حوالي 17 مليون دولار. وأسس الراحل صندوق أبوظبي للتنمية عام 1971 من أجل تقديم القروض والمنح والمساعدات الخارجية للدول الشقيقة والصديقة لدعم جهودها الرامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووصل إجمالي القروض التي قدمها الصندوق 19 ملياراً و748 مليون درهم منذ تأسيسه وحتى نهاية عام 2004.
واستمرت الدولة في اتباع النهج الذي رسمه -رحمه الله- حيث بلغت قيمة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات العام الماضي 8,93 مليار درهم، تم تخصيصها للمشاريع الإنسانية والتنموية والخيرية، وقد استفادت من تلك المشاريع أكثر من 90 دولة حول العالم، وذلك حسب التقرير الصادر من مكتب تنسيق المساعدات الخارجية للدولة.
وبلغ حجم مساعدات الإمارات الخارجية منذ قيام الدولة أكثر من 163 مليار درهم في حصيلة غير نهائية.
ولم تفرق الدولة في مساعداتها المقدمة للدول بسبب العرق أو اللون أو الجنس، حيث تقدم دولة الإمارات المساعدات الإغاثية إلى أي دولة في العالم، وتحرص على تخصيص المساعدات العاجلة للدول الأكثر تضرراً.
وتغافلت برامج هيئة الهلال الأحمر ومشاريعها الخارجية بدعم وتوجيهاته -رحمه الله- عن أي حدود جغرافية على امتداد العالم، ووصلت إلى المنكوبين والمحتاجين في كل مكان، ما أسهم في تبوؤ الإمارات مكانة عالمية مرموقة على صعيد العمل الإنساني العالمي.
وكان لهيئة الهلال الأحمر الصدارة دائماً في الوصول المبكر إلى مواقع الأحداث وتقديم يد العون والمساعدة لمستحقيها، برعاية من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر.
مشاريع في فلسطين
وفي فلسطين التي عانى شعبها مرارة الحرمان وقسوة الظروف، كانت أيادي الشيخ زايد البيضاء تضمد جراح الفلسطينيين الغائرة، وكانت مواقفه الأصيلة داعمة ومناصرة للفلسطينيين في حقهم في الحياة والعيش الكريم.
وجاءت مبادراته الخيرية لتؤكد تضامنه الكبير مع أوضاع الفلسطينيين الإنسانية، حيث شملت مختلف الجوانب المعيشية والصحية والتعليمية والخدمية.
وفي العراق، كان زايد الخير سباقاً لمؤازرة الشعب العراقي الشقيق وتحسين ظروفه الإنسانية والحد من معاناته، فقد خلفت الحرب أوضاعاً مأساوية وتأثرت بها مختلف قطاعات الشعب العراقي، وظل الفقيد يتابع بأسى وحزن شديدين ما آلت إليه أوضاع المدنيين العراقيين خصوصاً النساء والأطفال، حيث شهدت أوجه الحياة الضرورية تدهوراً مريعاً، وانعدمت خدمات الرعاية والعناية خاصة الصحية منها، فكانت توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتسخير الإمكانات وحشد الطاقات لمساندة العراقيين وتخفيف وقع المأساة عليهم.
تجهيز 6 مستشفيات عراقية
ونتيجة لهذا الواقع المرير، توالت مبادرات المغفور له، حيث تكفل بتجهيز ستة مستشفيات عراقية تجهيزاً كاملاً بالمعدات والأدوية وكل ما تحتاجه من منشآت وأجهزة طبية وصحية، فيما تكفل بتزويد القطاع الصحي العراقي بـ 12 سيارة إسعاف وتوفير أمصال أمراض الكوليرا والملاريا للمستشفيات العراقية، إضافة إلى استضافة مستشفيات الدولة لمئات الجرحى الذين تم نقلهم إلى أبوظبي للاستشفاء، حيث وفرت لهم مختلف أشكال الرعاية والعناية الطبية.
ونتيجة للظروف الصعبة التي عاشتها مدن الجنوب العراقي، خصوصاً في مجال شح المياه الصالحة للشرب أمر المغفور له بتوفير احتياجات سكان تلك المناطق من المياه بصفة عاجلة وعلى الفور تم إنشاء ثلاث محطات لتنقية المياه في شط العرب سعتها 700 ألف جالون يومياً، وقد لبت هذه الكميات احتياجات نحو 300 ألف نسمة من سكان مدينة البصرة وما حولها أثناء الأزمة.
مساعدة الشعب الأفغاني
ولن ينسى الشعب الأفغاني المواقف الإنسانية الأصيلة للمغفور له خلال المحنة التي ألمت به في السنوات الماضية، وكانت مبادراته عوناً للضحايا والمتأثرين وبلسماً شافياً لجراح المنكوبين، فقد باشرت هيئة الهلال الأحمر مهامها الإنسانية على الساحة الأفغانية بتوجيهات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان منذ تفاقم الأوضاع هناك، فتحركت قوافل الإغاثة براً وجواً إلى مختلف المدن الأفغانية.
ونتيجة للاهتمام الذي أولته الهيئة لبرامجها على الساحة الأفغانية تنفيذاً لتوجيهات المغفور له، افتتحت مكتباً لها في العاصمة كابول يضطلع بمهام الإشراف على برامج ومشروعات الهيئة الخيرية هناك التي من أهمها المشاريع الصحية التي تضمنت إنشاء وصيانة المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لـ”الهلال الأحمر” الأفغانية، إلى جانب صيانة المدارس والمؤسسات التعليمية وحفر الآبار وتشييد المساجد ودور العبادة وإعادة تأهيل دور الأيتام والمسنين والمساهمة في مكافحة الأمراض والأوبئة التي انتشرت هناك بسبب تردي الأوضاع البيئية والصحية.
ومن أهم البرامج التي نفذتها الهيئة للمتأثرين الأفغان إنشاء مخيم للاجئين في منطقة “شيمن” الحدودية بين باكستان وأفغانستان استوعب 10 آلاف لاجئ قدمت لهم جميع الخدمات الضرورية من مأوى وغذاء ودواء وكساء وتعليم.
أجنحة الخير في البلقان
في البلقان كان عطاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بقدر حجم الأزمة التي واجهتها دول تلك المنطقة، وكدأبه دائماً، كانت أياديه البيضاء الأسرع وصولاً للاجئين والنازحين والمشردين في ألبانيا والبوسنة وكوسوفا تقدم العون والمساعدة لضحايا أسوأ كارثة إنسانية شهدها العالم في العصر الحديث.
وانطلقت أجنحة الخير لتحط رحالها وسط مخيمات اللاجئين الخاوية، إلا من بؤس وشقاء ومعاناة قاطنيها، ونزلت مساعدات الدولة التي اشتملت على آلاف الأطنان من المواد الغذائية والخيام والأغطية والملابس برداً وسلاماً على الأطفال والنساء والمسنين الذين اكتظت بهم تلك المخيمات في ظروف إنسانية سيئة.
وعندما حطت الحرب أوزارها وعاد اللاجئون إلى ديارهم التي دمرتها آلة الحرب بدأت هيئة الهلال الأحمر بتوجيهات ودعم ومساندة الراحل الشيخ زايد برنامجها الخاص بإعادة الإعمار وتأهيل ما دمرته الحرب، فقامت ببناء المنازل وأنشأت المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ودور العبادة وتبنت برامج الأسر الأشد ضعفاً لتنعم بالاستقرار وتهنأ بالعيش الكريم.
زايد العطاء
وقبل أشهر من انتقاله -رحمه الله- إلى الرفيق الأعلى، جاءت مبادرة زايد العطاء التي تأسست في عام 2003 انسجاماً مع الروح الإنسانية له -رحمه الله- وامتداداً لجسور الخير والعطاء لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وترجمة حقيقية لرؤية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بترسيخ ثقافة العطاء والعمل التطوعي.
زايد العليا: الراحل سيبقى خالداً في قلوبنا
أبوظبي (الاتحاد) - أكدت مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة أن ذكرى وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه تجعلنا جميعاً نتذكر مواقفه التي سجلها التاريخ بأحرف من نور وتسردها الأجيال والأحداث التي صارت في الدولة طوال فترة حكمه، ولا أحد ينكر الدور الرئيسي للمغفور له في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ويشهد له التاريخ مثابرته حتى وصلت إلى مكانة عالمية متميزة ورفيعة المستوى وحضور بارز على كافة الأصعدة. وقالت المؤسسة في بيانها بمناسبة الذكرى السادسة لوفاة المغفور له أن فكره و رؤيته – طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته - واهتمامه بقطاع الخدمات الإنسانية تمثل مرجعاً مهماً في تطوير جميع المؤسسات والأفراد العاملين لخدمة الفئات المشمولة برعاية المؤسسة، كما أن الرعاية الإنسانية لدى المغفور له تنطلق من رؤية خيرة تجد سندها القوي وأساسها المتين في مرتكزات ديننا الإسلامي وقيم المجتمع الإماراتي النبيلة، هذا الدور الذي تخطى حدود دولة الإمارات ليشمل العالم أجمع وليشكل ظاهرة جديدة في العمل الإنساني العالمي من حيث الاتساع ومن حيث التركيز على دعم قضايا جميع فئات المجتمع.
وأضافت: حظيت مجالات الرعاية الإنسانية في مجتمعنا بالإمارات، باهتمام ورعاية كبيرة من سموه رحمه الله ، وكان إنشاء مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية بالقانون رقم 2 لسنة 2004 الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله إبان توليه مسؤولية ولاية عهد أبوظبي لتجمع تحت مظلتها كل مراكز الرعاية الإنسانية في الإمارة لتوحيد الجهود المبذولة في هذا المجال، وكان لتلك الرعاية الأثر الكبير لانتشار مراكز الرعاية التابعة للمؤسسة على مستوى أبوظبي، ووصول خدمات تلك المراكز إلى ما هي عليه الآن من مستويات عالمية تضاهي أرقى المراكز في دول العالم المتقدمة.
وقالت “إننا وفي ذكرى رحيل المغفور له الشيخ زايد نفتخر بأننا نعمل في مؤسسة تحمل اسم المغفور له وهذا في حد ذاته يعد استكمالا لرسالته التي بدأها رحمه الله وتستكملها وتسير على نهجها قيادتنا الحكيمة، والتي نؤكد لها على استمرار الإسهام في استكمال رسالته الإنسانية عبر المؤسسة التي تحمل أسماً غالياً على قلوبنا جميعاً نحو المزيد من العمل والتطوير والابتكار والسعي الحثيث، وبهمة وتفان أكبر لتقديم المزيد من الخدمات في مجالات عملها لرعاية كافة فئات ذوي الإعاقة وفاقدي الرعاية الأسرية، ولنأخذ نصب أعيننا مقولــــة المغفــــور له الخالدة ‘’الحد من الإعاقة،، مسؤولية الجميع’’.
واضافت أنه سيبقى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد خالداً في قلوبنا رغم رحيله، لأنه تسامى فوق الغياب وارتقى عن النسيان، ولأنه حاضر في قلوبنا مهما توالت الأيام، وخالد في منهجنا وذكرياتنا، فكل زاوية من الوطن تذكرنا بالقائد الباني، وكل شجرة في صحارينا تشير إلى يديه اللتين أثمرتا خيراً عميماً، وكل أرض كانت قاحلة فنشر فيها زايد نبض النماء، لهذا فإن الشيخ زايد رحمه الله سيبقى الغائب الحاضر فينا أبدا.
المصدر: أبوظبي