زايد.. سيرة عطرة وإنجازات خالدة
ست سنوات على رحيل “زايد الخير”، ولا يزال الجرح نازفاً، ولا يزال الفقد موجعاً، ولمّا يزل الدمع رقراقاً في مآقي محبي القائد الإنسان، بيد أن حزن السنوات الست لم يقف عائقاً من دون متابعة مسيرة الإنجاز التي ما توقفت منذ اعتلى “خليفة” صهوة القيادة.
فمساء الثلاثاء الثاني من نوفمبر عام 2004، وفي ساعة كان الصائمون يتحلقون حول موائد إفطار اليوم التاسع عشر من رمضان، جاء النبأ الأليم. رحل زايد بن سلطان إلى بارئه، بعد أن أضاء ستاً وثمانين شمعة من عمره في سبيل رفعة الإمارات ونهضتها.
رحل زايد، بعد أن زاد الخير والكرم الذي عمّ القاصي والداني، تاركاً الإمارات تتربع على عرش الأصالة والتحضر، جنباً إلى جنب مع الأمم الراقية. رحل زايد بعد أن امتدت يده الخيرة إلى أصقاع الدنيا، لكن “الخير” الذي غمر القريب والبعيد في حياته، لا يزال متدفقاً بذكراه، وبهديه الذي بقي نهجاً لخليفة.
عقب مواراته الثرى، لم يستسلم الكبار للحزن، كفكفوا الدموع وهبّوا للدفاع عمّا بناه زايد على مدى أكثر من ثلاثة عقود، مستلهمين نهج الراحل عندما ذرّع الإمارات جيئة وذهاباً متتبعاً سبل النهضة، سابراً أغوار التنمية ليجعل من الإمارات في سنين قليلة بؤرة الاهتمام العالمي.
وتطلعت الأعين إلى خليفة ليتلقف الراية خفاقة، حيث التأم مجلس الاتحاد بأصحاب السمو الحكام في الثالث من نوفمبر 2004 ليعلنوا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة وقائداً للاتحاد، ليسير سموه مستهدياً بنهج الراحل العظيم، ويصعد بالإمارات بخطى ثابتة إلى العلياء.
“سيبقى شعب الإمارات كما أراد زايد دوماً حارساً للاتحاد وما حققه من إنجازات عظيمة على جميع المستويات”، بهذه الجملة لخص أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات رؤيتهم للحقبة الجديدة التي دشنها صاحب السمو رئيس الدولة.
وكما هو دأب الإمارات ومن يفتخر بالانتساب لها، فقد أثار هذا الانتقال السلس للسلطة إعجاب العالم وغبطته، ليضاف إلى ما قدمته الإمارات قيادة وحكومة وشعباً من نماذج فريدة يقتدى بها.
أما الإماراتيون ومن عايشهم من أشقاء وأصدقاء، فلم يكن غريباً عليهم “سلاسة الانتقال”، وقد خبروا خليفة كما خبروا زايداً قبلاً، فتعلقت عيونهم بالقائد الذي تربى في كنف الأصالة ورضع مكارم الأخلاق، وترعرع على حب الشعب والاجتهاد في رفعته، منذ ولادته في العام 1948 بالعين، ومرافقته للراحل العظيم في حله وترحاله.
وبقيت كلمات خليفة بن زايد التي ألقاها إلى الأمة في الأول من ديسمبر 2004 يتردد صداها منهاجاً لمرحلة البناء والعطاء ومواصلة مسيرة الازدهار “لقد رحل زايد الخير والبناء والعطاء إلى جوار ربه وبقيت روحه الطاهرة ونهجه الرائد ومبادئه السامية نبراسنا الذي نهتدي به في تعزيز مسيرتنا الاتحادية.. إن زايد لن يفارقنا فقد خلد ذكراه في نفوسنا وقلوبنا بجلائل أعماله وسيظل حاضراً بيننا ومعنا دائماً وأبداً”.
وجاءت استراتيجية التمكين التي اعتمدها صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله يتصدرها محور التنمية الإنسانية، “فالإنسان أغلى ما نملك”، وكل موارد الدولة رهن لتطور الإنسان وتأمين الرعاية اللازمة له.
كما يؤكد سموه ضرورة الحفاظ على الإرث الحضاري الذي غرسه القائد الوالد “فقد غرس فينا حب هذا الوطن الغالي والتمسك بهويتنا الوطنية والبعد عن كل ما يمس ويتعارض مع تراثنا وثقافتنا العربية والإسلامية، وإن اختيارنا لطريق التقدم والازدهار لا يعني مطلقاً تفريطنا في قيمنا ومبادئنا وموروثنا الاجتماعي، ونحن نأخذ بكل مقومات التقدم لنواكب العصر ونحرص في الوقت نفسه على التمسك بشخصيتنا وهويتنا وأصالتنا”.
واستوعب قلب خليفة الكبير، كما قلب زايد، الإنسان الإماراتي وشقيقه العربي والمسلم والإنسان، حيث حدّد صاحب السمو رئيس الدولة ملامح العمل الخليجي والعربي المشترك، وسار على نهج والده الذي اختطه إزاء القضية الفلسطينية، حيث قال: “نؤكد دعمنا ومساندتنا للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ونضاله المشروع من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وكما كان “زايد الخير” محباً للسلم داعياً له، فإن خليفة ينتهز كل مناسبة للتأكيد على ضرورة أن تسود روح العدل والسلام في مواجهة المشاكل التي تواجه البشرية، وأن التصدي للإرهاب ينبغي ألا يُغمض أعين العالم عن قضايا أكثر خطراً وإلحاحاً تواجه البشرية كالفقر والجوع والمرض والجهل، والحروب والفساد والقمع والاحتلال والظلم الاجتماعي.
كما يؤكد سموه دائماً الالتزام بالتسامح كمنهاج عمل “ونجدد رفضنا لكل أشكال التعصب والكراهية والإرهاب لأنها جميعاً تتنافى مع كل الأسس والقيم والأديان السماوية والإنسانية”.
قد يكون أول فصول الخير قد كتب ذات يوم من أيام العام 1918، عندما استقبلت الدنيا زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة في قلعة الحصن، لكن الخير ما اضمحل مع انتقاله إلى الدار الآخرة، بل يتجدد العطاء كل يوم بـ”خليفة” وإخوانه.
سيرة خالدة
زايد بن سلطان آل نهيان
ولادته
ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1918 في قلعة الحصن التي بناها والده الشيخ سلطان في مدينة أبوظبي في عام 1910، وهو الابن الرابع للشيخ سلطان بن زايد بن خليفة الذي كان ترتيبه الرابع عشر في سلسلة حكام آل نهيان. وقد عرف عن الشيخ سلطان بن زايد شجاعته وحكمته وقدرته على بسط السلام والنظام وولعة بالشعر، واهتمامه بأمور الزراعة والبناء.
وسمي “زايد” تيمناً بجده لأبيه زايد الكبير أمير بني ياس، الذي كان بطلاً في أيامه واستمر حاكماً لإمارة أبوظبي من عام 1855 وحتى عام 1909.
وعندما تولى الشيخ سلطان بن زايد زمام القيادة رئيساً للقبيلة، وحاكماً لأبوظبي في عام 1922، كان الشيخ زايد في الرابعة من عمره، واستمر حكم الشيخ سلطان حتى عام 1926، واتسم حكمه بالشجاعة والحكمة والتسامح غير المفرط، ووطد علاقات طيبة مع جيرانه من الأشقاء العرب، وعندما توفي أبوه الشيخ سلطان كان الشيخ زايد في التاسعة من عمره.
طفولته
عاش الشيخ زايد طفولته في قصر الحصن الكائن حالياً في قلب العاصمة أبوظبي، وفي زمن شهد ندرة المدارس إلا من بضعة كتاتيب، دفع به والده إلى معلم ليعلمه أصول الدين، وحفظ القرآن الكريم، ونسج من معانيه نمط حياته. وبدأ يعي أن كتاب الله جل جلاله ليس فقط كتاب دين، وإنما هو الدستور المنظم الشامل لجميع جوانب الحياة.
وفي السنة السابعة من عمره، كان يجلس في مجلس والده الشيخ سلطان، وكان الطفل زايد يلتقط ويتعلم العلم من مجلس أبيه، فتعلم أصول العادات العربية، والتقاليد الأصيلة والشهامة والمروءة والشرف. وتعلم الأمور السياسية والحوار السياسي.
وفي مرحلة يفاعته، بدأت ثقافته تكتسب بعداً جديداً، فولع بالأدب وأظهر الاهتمام بمعرفة وقائع العرب وأيامهم، وكان من أمتع أوقاته الجلوس إلى كبار السن ليحدثوه عما يعرفوه من سير الأجداد وبطولاتهم، هذا إلى جوار ما تعلمه من الخصال الطيبة من والدته الشيخة سلامة.
وتدل شواهد صباه أنه كان قناصاً ماهراً شجاعاً لا يعرف التردد أو الجبن، وفارساً من فوارس الصحراء، يجيد ركوب الخيل ويعرف أصولها.
هواياته
وكبر الشيخ زايد وترعرع وتعلم الفروسية والقنص. وكان يفضل المرح والقنص في الصحراء أو الجبال القريبة أو المنافسة مع أصدقائه وأقرانه. كما تولع منذ طفولته بحب الخيل، حيث كان يتردد إلى إسطبل العائلة للخيول العربية الأصيلة في مزيد.
وعندما أصبح الشيخ زايد فتى يافعاً كان قد أتقن فنون القتال، وبرز ميله إلى المغامرة، وتحدي الصحراء مترامية الأطراف لكشف المجهول. وقد تعلم ممارسة هواية الصيد والقنص، ولا سيما الصيد بالصقور في عمر 16 سنة. وكان بارعاً في الصيد بالصقور والبندقية، ولكنه توقف عن استخدام البندقية واكتفى بالصيد بالصقور وعن أسباب ذلك يقول الشيخ زايد:
“في ذات يوم، ذهبت لرحلة صيد في البراري، وكانت الطرائد قطيعاً وافراً من الظباء، يملأ المكان من كل ناحية، فجعلت أطارد الظباء وأرميها، وبعد حوالي ثلاث ساعات قمت أعد ما رميته فوجدتها أربعة عشر ظبياً، عندئذ فكرت في الأمر طويلاً، وأحسست أن الصيد بالبندقية إنما هو حملة على الحيوان، وسبب سريع يؤدي إلى انقراضه، فعدلت عن الأمر واكتفيت بالصيد بالصقور”.
وظل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شغوفاً بممارسة ومتابعة هذه الهوايات والاهتمامات، ويشجع الجميع على ممارستها، ويرصد الجوائز القيمة للسباقات السنوية التي يأمر بتنظيمها ويرعاها.
شخصيته
الشيخ زايد رحمه الله كان عربي مسلم، ذو سمات إنسانية، وهو رجل واضح الذاتية، وطيد الأصالة، مفتوح الطموح، مكفول الحاجات، رشيد التصرف، كريم المنزلة، غير منكمش وليس هيّاباً، قادر على الابتكار والإبداع، ففي عام 1948 قام الرحالة البريطاني تسيجر بزيارة المنطقة، سمع كثيراً عن الشيخ زايد أثناء طوافه في الربع الخالي، فجاء إلى قلعة المويجعي لمقابلته، يقول تسيجر: “إن زايد قوي البنية، ويبلغ من العمر ثلاثين عاماً، له لحيه بنية اللون، ووجهه ينم عن ذكاء، وقوة شخصية، وله عينان حادتان، ويبدو هادئاً، ولكنه قوي الشخصية، ويلبس لباساً عُمانياً بسيطاً، ويتمنطق بخنجر، وبندقيته دوماً إلى جانبه على الرمال لا تفارقه”.
ولم يعرف عن الشيخ زايد أي نقيصة أو تقصير في أداء واجبه نحو الغير، أو نجدة المضطر إليه، وكان كريماً سخياً، وجواداً لا يرد لإنسان حاجة، وظلت هذه الصفة تلاحقه، وكثيراً ما ضاق مقربوه ومستشاروه في الدولة الحديثة، واعتبروا هذه الصفة إسرافاً في الكرم لدرجة الإفراط، والواقع أن كل من عرفه، منذ تلك الفترة يشهد له بهذه الشخصية القوية والمميزة.
ويصف النقيب البريطاني أنطوني شبرد في كتابه مغامرة في الجزيرة العربية مكانة زايد وعظمته وسط مواطنيه، قائلاً: “كان رجلاً يحظى بإعجاب وولاء البدو الذين يعيشون في الصحراء المحيطة بواحة البريمي، وكان بلا شك أقوى شخصية في الدول المتصالحة، وكنت أذهب لزيارته أسبوعياً في حصنه، وكان يعرض عليّ وضع السياسة المحلية بأسلوب ممتاز، وإذا دخلت عليه باحترام خرجت باحترام أكبر، لقد كان واحداً من العظماء القلة الذين التقيتهم، وإذا لم نكن نتفق فالسبب يكون في جهلي”.
وكان العقيد بوستيد الممثل السياسي البريطاني أحد المعجبين بكرم الشيخ زايد، فقد كتب بعد زيارته للعين: “لقد دهشت دائماً من الجموع التي تحتشد دوماً حوله، وتحيطه باحترام واهتمام. كان لطيف الكلام دائماً مع الجميع، وكان سخياً جداً بماله، ودهشت على الفور مما عمله في بلدته العين، وفي المنطقة لمنفعة الشعب، فقد شق الترع لزيادة المياه وري البساتين وحفر الآبار وعمر المباني الإسمنتية في الأفلاج، إن كل من يزور البريمي يلاحظ سعادة أهل المنطقة”.
زايد حاكماً لمدينة العين
في مدينة العين وضواحيها، أمضى زايد السنوات الأولى من فجر شبابه وترعرع بين تلالها وجبالها واستمد كثيراً من صفائها ورحابتها واشتهر بشجاعته وإقدامه وهو ما يزال صبياً.
وعندما بلغ الشيخ زايد الثامنة والعشرين من عمره، تولى حكم مدينة العين بقراها السبع بصفة حاكماً للمنطقة الشرقية، وكانت هذه النقلة التاريخية التي من خلالها ترجم الشيخ زايد كل ما اكتسبه من خبرة في الإدارة السياسية إلى التطبيق في المجال العملي، فتكونت شخصية الشيخ زايد السياسية القوية المفكرة.
وفي عام 1946، انتقل الشيخ زايد إلى قلعة المويجعي.. وهي قلعة قديمة تقع عند مشارف مدينة العين، ليمارس مهامه الجديدة، واستمر في تأدية مهامه حتى عام 1966، وأحس على الفور بالحاجة إلى إدخال كل الإصلاحات الممكنة لتحقيق طموحات مواطنيه، وتحسين أحوالهم المعيشية وتحقيق العدل والعدالة في حكمه وأحكامه بينهم. كما يؤكد ذلك الرحالة البريطاني ويلفرد ثيسجر في كتابه الرمال العربية قائلاً: “إن زايد رب أسرة كبيرة يجلس دائماً للاستماع إلى مشكلات الناس ويقوم بحلها ويخرج من عنده المتخاصمون في هدوء، وكلهم رضى بأحكامه التي تتميز بالذكاء والحكمة والعدل”.
وكان مجلسه تحت شجرته المفضلة في ذلك الوقت خارج القلعة لا يكاد يخلو من ضيوف وزوار دائمي التردد عليه، وكان في تلك الفترة الحاكم المخلص الوفي، أحب الجميع وأحبه الجميع فتمكن الشيخ زايد من إرساء قاعدة شعبية ضخمة من خلال إنجازاته وإصلاحاته في مدينة العين رغم قلة الإمكانات، والواقع إن حب أهل العين للشيخ زايد لم يأتِ من فراغ، بل جاء بسبب بساطته، وعمله الدؤوب من أجل إرضاء الجميع، كما عرف عنه عدله في فض الخلافات.
وكان الشيخ زايد قبل توليه هذا المنصب غير معروف خارج قبيلته، وبوصوله إلى مركز القيادة فيها ذاعت شهرته بين عرب البادية الذين كان لا يختلف عنهم في العادات والطبائع والبساطة. كما امتدت شهرته وسمعته بعد ذلك إلى جميع القبائل وعرب البادية في الدول المجاورة.
السادس من أغسطس 1966
وبتولي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الحكم في إمارة أبوظبي في السادس من أغسطس لعام 1966، دخلت المنطقة منعطفاً تاريخياً وعلامة بارزة في اتجاه العمل الوحدوي، وبداية نهضة شاملة بكل المقاييس وفي كل القطاعات.
فقد ترك هذا اليوم الخالد بصماته الواضحة على مسيرة التنمية الشاملة في ربوع أبوظبي، وانطلق منها إلى إرساء دعائم الدولة الحديثة.
وأخذ القائد على عاتقه منذ البداية مسؤوليات بناء القواعد الصلبة التي ارتفع فوقها صرح الدولة الاتحادية فيما بعد، وكانت السنوات حافلة بصور الإنشاء والتعمير، ومواجهة تحديات العصر، والاهتمام ببناء الإنسان، وتعزيز دور التربية والتعليم، وتحديث الإدارة وتطوير مفاهيمها، كخدمة عامة، ومتابعة تطور الاقتصاد الوطني، وبناء القوة الذاتية، وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار.
وكان كل ذلك في إطار الممارسة الفعلية للديمقراطية، وعدم الاكتفاء بمجرد إطارها الشكلي، وتجسيد طموحات الشعب في توازنٍ حضاري رائعٍ، جعل من مسيرة البلاد نموذجاً يطل على المستقبل المرتبط ارتباطاً وثيقاً بجوهر التاريخ في دوره وعظمته.
ودارت عجلة البناء في كل مكان تشيد صروح التقدم في إمارة أبوظبي، التي لعبت قيادتها الفذة بعد سنتين من ذلك التاريخ أهم الأدوار في قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
فقد سخر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عائدات الثروة النفطية في بناء الوطن والمواطن، حيث أكد في هذا الصدد أنه لا فائدة للمال إذا لم يسخر لصالح الشعب، ولم يسخر المال فقط، ويوظفه لإسعاد الأمة، بل نذر نفسه لخدمتها، وأخذ يجوب البلاد من أقصاها إلى أقصاها، يتابع بنفسه عمليات التشييد والبناء ويتنقل بين القرى والوديان، ويتفقد مشاريع الإنماء والإعمار، ويقود سباقاً وتحدياً للحاق بركب التحديث.
وبدأت أبوظبي تخطو خطواتها الأولى نحو آفاق التقدم المدروس، فأرسى -رحمه الله- قواعد الإدارة الحكومية وفق الأسس العصرية، وأمر بتنفيذ المئات من المشاريع التطويرية والخدمية التي قلبت أبوظبي إلى ورشة عمل جبارة، وأقام العشرات من المناطق، والأحياء السكنية الجديدة، لتوفير السكن الصحي الملائم للمواطنين.
وامتدت مئات الأميال من الطرق المعبدة الحديثة تشق رمال الصحراء، ودخلت المياه النقية العذبة والكهرباء إلى كل مكانٍ وبيتٍ، وانتشر التعليم والمدارس المجهزة بكل ما يلزم لبناء الأجيال الجديدة، وأُقيمت المستشفيات والعيادات الطبية الحديثة في المدن والحضر، وتحققت العدالة الاجتماعية، وانتشرت مظلة الأمن والأمان والاستقرار، وبدأت الكوادر الوطنية المؤهلة تأخذ مواقعها في مختلف مجالات العمل بكفاءة واقتدار.
جوائز وأوسمة زايد
الوثيقة الذهبية 1985
منحت المنظمة الدولية للأجانب في جنيف “الوثيقة الذهبية” للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، باعتباره أهم شخصية لعام 1985 لدور سموه البارز في مساعدة المغتربين على أرض بلاده وخارجها في المجالات الإنسانية والحضارية والمالية.
رجل عام 1988
اختارت هيئة “رجل العام” في باريس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وذلك تقديراً لقيادته الحكيمة والفعالة ونجاح سموه المتميز في تحقيق الرفاهية لشعب دولة الإمارات وتنمية بلاده أرضاً وإنساناً، جعلها دولة متطورة متقدمة حتى أصبحت “درة الخليج”.
وشاح جامعة الدول العربية 1993
منحت جامعة الدول العربية وشاح رجل الإنماء والتنمية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وقام في وقتها الأمين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد بتقليد الشيخ زايد الوشاح، معبراً عن اعتزاز كل الشعوب العربية والإسلامية بجهود سموه المقدرة في مكافحة التصحر والاهتمام بالبيئة والمشاريع الإنمائية على مستوى دولة الإمارات وأيضاً الدول العربية والإسلامية الشقيقة.
الوسام الذهبي للتاريخ العربي 1995
قدمت جمعية المؤرخين المغاربة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “الوسام الذهبي للتاريخ العربي”، وذلك تقديراً منها للجهود المتواصلة لسموه في خدمة العروبة والإسلام، واعترافاً بأياديه البيضاء على العلماء واعتزازاً بشغف سموه بعلم التاريخ والدراسات التاريخية.
الشخصية الإنمائية 1995
اختير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “الشخصية الإنمائية لعام 1995” على مستوى العام، من خلال الاستطلاع الذي أجراه مركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية في جدة. وشارك فيه أكثر من نصف مليون عربي.
درع العمل 1996
أهدت منظمة العمل العربية درع العمل للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وذلك تقديراً من المنظمة للدور الرائد لسموه في دعم العمل العربي المشترك.
جوائز أعمال الخليج 1996
منحت لجنة “جوائز أعمال الخليج 96” المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان جائزة حماية البيئة، تقديراً وعرفاناً منها لإسهاماته الخالدة والكبيرة لحماية البيئة والطبيعة في الإمارات.
شهادة الباندا الذهبية
حصل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على شهادة الباندا الذهبية من الصندوق العالمي للبيئة “باندا” نتيجة العطاءات غير المحدودة لسموه والتوجهات المستمرة في مجال البيئة وكل ما يتعلق بها من جميع الجوانب.
وسام المحافظة على البيئة الباكستاني
منح الرئيس الباكستاني الأسبق فاروق ليجاري وسام المحافظة على البيئة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والذي يمنح للمرة الأولى لرئيس دولة، وذلك تقديراً لجهود سموه المتواصلة وإسهاماته في الحفاظ على البيئة وتنمية الموارد الطبيعية لدولة الإمارات ونشر الرقعة الزراعية والتوسع فيها على أرض الدولة.
داعية البيئة 1998
منحت منظمة المدن العربية في دورتها السادسة التي عقدت بالدوحة يوم 28 مارس 1998، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، جائزة داعية البيئة تقديراً وعرفاناً لمجهودات سموه الشخصية المتميزة والبارزة في مجال الحفاظ علي البيئة واهتماماته المتميزة على المستويين الشخصي والرسمي في مجالات التشجير والتخضير وإقامة المحميات الطبيعية. كما أعلن في الحفل الذي أُقيم في الدوحة فوز كل من أبوظبي بالمركز الأول ومدينة دبي بجائزتي التراث المعماري والوعي البيئي.
شخصية عام 1999 الإسلامية
حصل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على جائزة شخصية العام الإسلامية من قبل المسؤولين عن جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم. وأعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن الشيخ زايد بن سلطان يولي رعاية كبيرة لبرامج الرعاية الاجتماعية والإنسانية ويدعم التعاون الإسلامي في الميادين كافة وله باع طويل في إنشاء المشروعات الخاصة ببرامج الأنشطة الإسلامية الخيرية والثقافية والتعليمية، وتقديم المساعدات لمتضرري الكوارث الطبيعية كما أنه يقدم الكثير من خلال مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية.
رجل البيئة 2000
بمناسبة يوم البيئة العالمي المصادف 5 يونيو 2000، نظم معهد الجودة اللبناني، احتفالاً في جبل لبنان تكريماً للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وذلك في مقر المعهد في جبل الديب شمال بيروت بحضور ممثلين عن رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية وحشد من المهتمين بالبيئة
ميدالية اليوم العالمي للأغذية
تقديراً من المجتمع الدولي لمواقف سموه المشرفة وتكريسه بكل إخلاص مبدأ العطاء والعون للأمم المحتاجة.
قررت المنظمة في مايو 2001 منح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ميدالية اليوم العالمي للأغذية، تقديراً لجهوده العالمية في هذا المجال.
جائزة أبطال الأرض 2005
في شهر أبريل 2005، اختار برنامج الأمم المتحدة للبيئة “يونيب” المغفور له الشيخ زايد واحداً ضمن سبع شخصيات عالمية بوصفهم أبطالاً للأرض، وذلك اعترافاً وتقديراً لجهوده التي حققها في سبيل حماية البيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي مناطق أخرى من العالم.
“نيوزويك”: زايد زعيم صنع بلاده
اختارت مجلة “نيوزويك” الأميركية في سبتمبر 2009 المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ضمن قائمة ضمت 10 من زعماء العالم، من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، قالت إنهم أسهموا في “إعادة صنع” بلدانهم.
وقالت المجلة “إن المغفور له أبدع في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وجعل منها قوة اقتصادية إقليمية حديثة، وتتمتع بالتسامح الديني، والسياسات المتحررة في ما يخص حقوق المرأة”.
المصدر: الاتحاد