دينا محمود (لندن)

عمّت موجة من الغضب الدوائر الإعلامية والأوساط المهتمة بكرة القدم في بريطانيا، إثر تقارير تفيد بسعي شركة «الخطوط الجوية القطرية» إلى الحصول على حق رعاية أحد أبرز الأندية المشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز «البرييمير ليج»، الذي يشكل المسابقة الأكثر مشاهدةً وربحيةً من نوعها في العالم.
وكُشِفَ النقاب عن المحاولات القطرية المشبوهة على هذا الصعيد من خلال تقريرٍ إخباريٍ مطولٍ نشره موقع «سبورتس بروميديا» الرياضي المرموق في بريطانيا، ونقل فيه عن أكبر الباكر الرئيس التنفيذي للشركة قوله إن «الخطوط القطرية» -التي تضربها الخسائر للعام الثاني بسبب المقاطعة المفروضة على «نظام الحمدين»- تستكشف «بعض الخيارات» للتوصل إلى اتفاقٍ محتملٍ لرعاية فريقٍ ينافس في الدوري الإنجليزي الذي يضم 20 فريقاً.
وأشار التقرير الذي أعده نيك فريند إلى أنه بينما أحجم الباكر عن الخوض في أي تفاصيل أخرى حول هذا الموضوع، فإن مساعداً له كشف أن الأمر دخل مرحلة المفاوضات. ولم يغفل الموقع التأكيد في الوقت ذاته على أن اسم الشركة القطرية -التي خسرت 11% من شبكة خطوطها و20% من إيراداتها خلال الشهور الستة الأولى من المقاطعة فحسب- طُرِحَ من قبل كراعٍ محتملٍ للملعب الجديد لفريق توتنهام اللندني، الذي يُتوقع أن يفتح أبوابه أمام الجماهير في ديسمبر المقبل.
وفي ظل التزام المسؤولين القطريين الصمت في هذا الصدد، أشعلت هذه التقارير الغضب بين الخبراء والمتخصصين على الساحة الرياضية في بريطانيا ووسط جماهير توتنهام كذلك، التي عبرت عن رفضها لأن تصبح شركة مملوكة لحكومة الدويلة المعزولة، جهةً راعيةً للفريق الذي أُسسَ قبل أكثر من 136 عاماً، ويحتل المركز الرابع هذا الموسم على جدول الترتيب بعد 11 جولة.
وأعادت الانتقادات الحادة التي وُجِهَتْ للتسريبات التي نُشِرَت مطلع الشهر الجاري في هذا الشأن، التذكير بحملة الرفض العارم التي قابلتها الحكومة المحلية في ويلز -أحد الأقاليم المُشكِلّة للمملكة المتحدة- بعد قبولها في يوليو الماضي، الحصول على ما يزيد على 1.3 مليون دولار من الشركة المملوكة للنظام القطري.
وفي مقالٍ نشره موقع «كارتليدج فري كابتن» الإلكتروني الذي يرتاده عشاق «السبيرز» -وهو اللقب الذي يحلو لمشجعي توتنهام إطلاقه على فريقهم- أكد الكاتب داستن منو استنكاره الشديد لمحاولة الدوحة التسلل إلى بطولة الدوري الأكثر شعبية في العالم عبر الفريق اللندني، بعد أن باءت كل محاولاتها السابقة في هذا السياق بالفشل.
وشدد مِنو في مستهل مقاله على أن «توتنهام» لا يعدو سوى خيارٍ تحاول السلطات القطرية استشراف إمكانية تحققه، في غمار مساعيها المحمومة والمستمرة منذ عدة سنوات، لربط اسم شركتها للطيران بالدوري الإنجليزي، الذي تدخل مبارياته منازل الملايين من المشاهدين في مختلف أنحاء المعمورة.
وأكد الكاتب أنه يأمل في ألا يكون القطريون يريدون بالفعل الحصول على حقوق رعاية «توتنهام» أو مهتمين بالنادي بأي شكل من الأشكال، وذلك في ضوء الشبهات الكثيفة التي تحيط بـ«الخطوط القطرية»، والدور الذي تضطلع به على صعيد تحقيق مآرب نظام تميم بن حمد على الساحة الدولية.
وأشار المقال في هذا الصدد إلى أن الشركة التي تملكها وتُشَغِّلها السلطات الحاكمة في الدوحة «مرتبطةٌ على ما يبدو بكل أنواع الصفقات المشبوهة في الوقت الحاضر» قائلاً إن هذه التعاملات المثيرة للجدل والريبة، تصل إلى ما هو أبعد من المفاجآت المدوية التي كشف عنها موقع «فوتبول ليكس» قبل أيام، بشأن تفاصيل تورط «نظام الحمدين» في صفقةٍ أُبْرِمَتْ مع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي عام 2010، وتعهد الأخير بموجبها بتنسيق حملةٍ لدعم ملف الدوحة في التنافس على استضافة بطولة كأس العالم المقبلة لكرة القدم، مقابل شراء الدويلة المعزولة نادي «باريس سان جيرمان» وإطلاقها لقناة «الجزيرة» الرياضية -التي أصبح اسمها فيما بعد «بي إن سبورت»- في فرنسا.
فبحسب مِنو، لا تقتصر الأزمات والمشكلات والفضائح التي تحيط بـ«الخطوط الجوية القطرية» ومُلاكها على الملابسات المفعمة بالفساد التي اكتنفت التصويت على اختيار الدولة المُنظمة لمونديال 2022، بل تشمل كذلك «انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة جيداً، التي حدثت على مدار الأعوام القليلة الماضية خلال عمليات تشييد الملاعب» التي ستستضيف منافسات البطولة، وأودت بحياة المئات من العمال المهاجرين الفقراء.
وفي إشارةٍ لا تخفى للأدلة الدامغة التي تثبت تورط نظام تميم في تمويل التنظيمات الإرهابية وإيواء قادتها، قال داستِن مِنو في مقاله إن الشبهات المحيطة بشركة الطيران القطرية تمتد أيضاً إلى «أي عددٍ آخر من التقارير المقلقة التي تتضمن (ذكر) قطر»، والأنشطة التي يقوم بها نظامها الحاكم.
وخلص مِنو إلى القول إنه على الرغم من الأموال الطائلة التي ستنفقها الدوحة على «توتنهام» إذا ما حصلت شركة الخطوط الجوية القطرية على حق رعايته، فإنه يفضل ألا يحدث ذلك وأن يُـمنح هذا الحق لأي مؤسسةٍ أو شركةٍ أخرى أقل ثراءً، حتى وإن كان ما سينجم عن ذلك هو دخول أموالٍ أقل لخزانة ناديه المفضل.
المعروف أن الشركة القطرية -التي تفيد أنباء مؤكدةٌ أنها قد تلجأ قريباً للحصول على دعمٍ حكوميٍ لتعويض جانبٍ من خسائرها الجسيمة خلال الشهور الـ18 الماضية- سبق وأن كانت الراعي الرئيس لقميص فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم بين عامي 2013 و2017، كما ترتبط في الوقت الراهن بعقديْ رعايةٍ لقميصيْ فريقيْ «آيه إس روما» الإيطالي و«بوكا جونيورز» الأرجنتيني.