محمد نجيم (الرباط)

تركز الفنانة التشكيلية المغربية سعاد بياض في لوحاتها وتجاربها الفنية على موضوع المرأة وما يختلج في أعماقها من أحلام، والمنسي في الذات من مكبوتات واضطرابات لا يمكن التعبير عنها إلا باستعارات وتعبيرات فنية رمزية وأعمال أدبية لأنها تتعارض وتتصادم مع الفكر الذكوري الطاغي.
وفي محاولتها هذه، تخوض الفنانة سعاد بياض في الذات الأنثوية، لتجسد لنا بعض ما تختزنه من أحلام وطموحات وآلام وانكسارات، وما يعترضها من عوائق لتأتي لوحاتها مشبعة بالمرأة وعوالمها؛ لكنها امرأة منطوية وراء مشاعر شتى، فهي تارة صامتة وتارة أخرى تحاول أن تطلق صرختها في هذا العالم.
وتتبدى في جل اللوحات مشاعر مضطربة تعكسها الألوان المختلطة؛ ليست بالألوان الفاتحة أو المشرقة التي تبعث الفرح في المتلقي، إنها ألوان يغلب عليها اللون الأحمر بتدرجاته المختلفة التي تأتي مقترنة بالبنّي والأسود؛ ما يشيع في اللوحات مناخاً من الحزن، وكأن الألوان هي الأخرى غير قادرة على التحرر إلى مداها الأخير. فهي تحتل مساحة اللوحة من دون أن تترك مساحة للحظة ضوء أو بياض أو ما يعكس الفرح والشروق من الألوان، وكأنها تعبّر عن اختناقها من هذا العالم المُتحول الذي يزداد بؤساً، وربما سواداً وبشاعة.
أمام أعمال هذه الفنانة التي تعرض حالياً في الرباط، يقف المتلقي أمام ألوان وتراكيب فنية تقدم الإنسان المنكسر والمتشظي والمنعزل والتائه في عوالم لا حدود لها، ناهيك عن أن أغلب لوحات سعاد بياض تستحضر المرأة في حالات الوجع والتيه والانكسار. باعتبار أن المرأة هي التي تدفع ثمن التحولات، في عالم متغير تغلب عليه الهشاشة والبؤس والحروب والضياع والضعف. وقد وفقت الفنانة بفنية عالية بألوانها وخطوطها ووجوه نسائها وملامحهن في بث رسالة إلى العالم «الذكوري» للفت الانتباه إلى ما تتعرض له المرأة من ظلم وإقصاء وتهميش.