أمة الرحمن الإغواني (تعز)

«لا نناصرهم عسكرياً وحسب، بل نمدهم بما يعينهم على الصمود أيضاً»، هكذا تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بجنودها العسكريين والإنسانيين في اليمن، ينشرون الحياة بسلاح الحق والغذاء، في الأول يذودون عن الحمى من ميليشيات تتلذذ بإيلام اليمنيين صباح مساء منذ نحو 4 سنوات، وفي سبيل ذلك، استشهد عشرات الجنود الإماراتيين جنباً إلى جنب برفقة إخوتهم اليمنيين، وفي الثاني، تساهم في إعادة الأمل لملايين المشردين، والباحثين عن حقهم في الحياة، بعد أن صادرت الميليشيات كل ما يحتاجونه، وصدّرت إليهم الموت بالوسائل كافة، ومن لم يمت بالقذائف والتفجيرات، طالته المجاعة.

هلال الخير
من هنا انبرى هلال الإمارات، لينقذ اليمنيين في كل المحافظات، وسطع مؤخراً في تعز، ليضيء عتمتها بمشاريع نوعية متنوعة، لمس أثرها الجميع خلال فترة وجيزة.

إنقاذ من أوبئة مميتة
لا أحد في تعز سيجيبك بلا، إن سألته هل أصيب بحمى الضنك، هو أو أحد أفراد أسرته، فمتلازمة الضنك، أو جائحة الضنك كما يسميها المختصون في مكتب الصحة العامة بالمحافظة، تترك بصمتها مع كل تداخل فصلي للصيف مع الخريف أو الشتاء مع الربيع، مخلفة مئات الإصابات وعشرات الوفيات، وفي تعز ليس ذلك بجديد.
المناشدات القادمة
تعز من أكثر محافظات اليمن كثافة سكانية وأكثرها معاناةً بسبب الحرب، كانت تستوجب تدخلاً عاجلاً من يد الإمارات الحانية، فبادرت الهلال الأحمر الإماراتية من خلال فرقها في تعز لتجهيز قسم متكامل لمكافحة حمى الضنك في المحافظة، الذي يستقبل 40 حالة بشكل يومي من رقود ومعاينة، مقدماً لهم الخدمات الطبية كافة، من معاينة وأدوية وبصورة مجانية، وهو ما كان محل إشادة من قبل رئيس هيئة مستشفى الثورة العام الدكتور أحمد أنعم، الذي ثمّن الدعم المتواصل من الهلال الأحمر الإماراتية للمستشفى، مضيفاً أن المستشفى يكاد يعتمد بصورة شبه كاملة على الدعم الكبير للهلال الأحمر الإماراتية ليغطي احتياجاته الضرورية ويستمر في العمل، وليس آخرها التكفل بفتح قسم مكافحة حمى الضنك، وتمويله بالأدوية.
ونوّه إلى أن قسم مكافحة حمى الضنك هو الوحيد في المدينة الذي يستقبل المرضى، ويقدم المساعدة الطبية لهم بصورة مجانية.

أرقام تؤكد الإنجاز
أشار تقرير صادر عن قسم مكافحة «الضنك» في مستشفى الثورة العام بتعز، إلى أن المركز وبعد أسبوعين من افتتاحه بدعم ورعاية من هيئة الهلال الأحمر الإماراتية، استقبل 855 حالة تم الكشف عنها، من الفترة 9 أكتوبر 2018 م إلى 23 أكتوبر 2018.
فيما بلغ عدد الحالات المثبتة مخبرياً 89 حالة، وعدد الحالات المصابة سابقاً 62 حالة، أما عدد الحالات المشتبهة إصابتها 351، وعدد الحالات الباقية حميات فيصل 353. وإجمالي الحالات التي تقرر لها المبيت 48 حالة.
وقال التقرير إن عدد حالات الذكور 570، بينهم 151 أقل من 18 سنة، وعدد حالات الإناث 348، بينهن 108 أقل من 18 سنة.
ونوه التقرير بأن القسم الممول من الهلال الأحمر الإماراتية لايزال يقدم خدماته المجانية للمصابين بوباء الضنك يومياً على مدار 24 ساعة، والتي تبدأ بالفحوص المخبرية والرعاية الصحية لكل من تقرر إصابته بالوباء وتقديم الأدوية مجاناً.
وهذه الأرقام يؤكدها أنيس الشاعر، ضمن الفريق العامل في الهلال الأحمر الإماراتية بتعز، الذي قال: إن قسم حمى الضنك يحظى باهتمام خاص من قبل الهلال الأحمر الإماراتية، نظراً للحاجة الماسة التي اقتضت الإسراع بافتتاحه، وكذلك استجابةً لسلسلة مناشدات من قبل أبناء المحافظة الذين يواجهون ظروفاً استثنائية بسبب الحرب، وثمة عشرات الحالات تتوافد على القسم، ويتم تقديم كافة الإجراءات والخدمات بصورة متكاملة، وهو مكفول من قبل الهلال.

دروب من نور
تعزيزاً لدور الإمارات الإنساني، وعملاً بروح الإنقاذ للمحتاجين، افتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية أقساماً جديدة في مستشفى «المظفر» الواقع وسط مدينة تعز، كما افتتحت الهيئة قسم جراحة العظام وقسم الجراحة العامة، وقسم العناية المركزة إلى جانب توفير مولد كهربائي للمستشفى، وذلك في إطار جهود الهيئة المتواصلة لدعم القطاع الصحي في اليمن ومساندته لمواجهة مختلف التحديات.
الدكتور فهد محمود مدير مستشفى المظفر، عبر لـ«الاتحاد» عن شكره لدولة الإمارات لتأهيلها أقسام العظام والجراحة العامة، وقسم العناية المركزة، إلى جانب تزويد المستشفى بمولد كهربائي، عبر ذراعها للأعمال الإنسانية في اليمن هيئة الهلال الأحمر الإماراتية.
وأضاف: «يأتي هذا الدعم ليكتسي أهمية قصوى كونه يساهم في التخفيف من معاناة المواطنين، وهذا ليس غريباً عن إخوتنا في الإمارات الذين يمدوننا بما نحتاجه خاصة في القطاع الصحي، لأنه أكثر القطاعات تضرراً، وأكثرها احتياجاً للدعم في ظل الظروف الراهنة».

نشاطٌ إغاثي نوعي
نفذت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية نشاطاً إغاثياً نوعياً في مناطق ريفية غرب مدينة تعز المحاصرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من قبل ميليشيات الحوثي الإرهابية، بإيصال 1000 سلة غذائية لقرى «المحصاب - الصرم -الحاضر -المحور - الحبيل- نجد قرانه - النخيب» غربي مدينة تعز، والتي تعتبر من أشد المناطق الريفية فقراً والأشد احتياجاً.
جاء استهداف هذه المناطق المعزولة عن المدينة، والتي لا تتوافر طرق رئيسة للوصول إليها، تزامناً مع الاحتفاء بيوم الأغذية العالمي، حيث تم إيصال المعونات الغذائية إلى القرى المستهدفة، عبر تشكيل سلسلة بشرية هي الأولى في اليمن.
من جانبه، أكد إبراهيم الجبري، ممثل السلطة المحلية منسق الهلال الأحمر الإماراتية في تعز لـ«الاتحاد» أن: هذا الدعم يركز على المناطق الأكثر تضرراً من الحرب، بالتزامن مع اليوم العالمي الذي تحتفي به الأمم المتحدة للقضاء على الجوع، وعبر إشراك فئة الشباب، وتعزيز ثقافة التكافل المجتمعي لديهم ليسهموا بإيجابية في تقديم العون في هكذا مرحلة تتطلب وقوفهم إلى جانب آلآف الأسر المتضررة بسبب الحرب.
الجبري أكد الدور المساند لهيئة الهلال الأحمر الإماراتية، عبر مشاريعها النوعية وبرامجها المستمرة والرسالة الأهم التي تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على إيصالها للشعب اليمني عن ديمومة وقوفها إلى جانبه، والعمل بجدية للتخفيف من معاناة المدنيين التي خلّفها الصراع.
وأضاف الجبري أن هذه السلسلة البشرية هي الأطول في تاريخ اليمن أيضاً لمد السكان والأسر المتضررة بالمعونات والمساعدات الإنسانية، منوهاً بأن النشاط لن يتوقف، بل سيمتد إلى برامج أخرى ستُطلق في مدينة تعز برعاية الهلال الأحمر الإماراتية، خلال الأيام القادمة.
وتخلل التنفيذ رسم سلسلة بشرية فريدة حملت عدداً من الرسائل، إحياءً لهذا الحدث الدولي، رفعها أكثر من 400 شاب وشابة من المتطوعين، بالإضافة إلى أهالي القرى باللغتين العربية والإنجليزية من ضمنها:
«في كل مراحل الحرب والحصار على مدينة تعز كانت الهلال الأحمر الإماراتية بجانبنا تقدم الخير والإنسانية».
وقد عبّر الأهالي عن امتنانهم لهيئة الهلال الأحمر الإماراتية، مثمنين تلك اللفتة الطيبة.
ولا يتوقف سخاء ودعم الإمارات للشعب اليمني عند هذا الحد، فالهلال الأحمر الإماراتية تساهم في إعادة الحياة شيئاً فشيئاً إلى مدينة تعز، عبر روزنامة مشاريعها النوعية، التي لم تتوقف عند القطاع الصحي والجانب الإغاثي وحسب، بل وصلت أيضاً إلى قطاع التعليم، فترميم مدرستي 26 سبتمبر وثانوية تعز الكبرى كان له وقعه الخاص لدى أبناء تعز، فالمدرستان تقعان في أحياء سكنية مكتظة وتحوي مئات الطلاب، وعودتهما أعادت الروح لهم، بعد تعرض المدارس للتدمير من قبل الميليشيا الحوثية.
وكذلك سلسلة الفعاليات والأنشطة الترفيهية للأطفال عبر برامج الدعم النفسي التي وزعت فيها الهدايا ومبالغ نقدية، إضافة إلى مشروع الأضاحي الذي استفادت منه مئات الأسر في تعز.