اللعب بالرمل ينمي ذكاء الأطفال ويمنحهم الثقة بالنفس
ينهى الكثير من الأهالي أبناءهم عن اللعب بالرمل أو التراب، وذلك بدعوى الحرص عليهم وعلى نظافتهم الشخصية، غير أن الأخصائيين في علم النفس لا يجدون ضرراً في لعب الأطفال بالطين أو الرمال، بل إنهم يجدون فيه سلوكاً طبيعياً لدى الأطفال، فضلاً عن أنه يحتوي على منافع جمة نفسية وجسدية.
ميل غريزي
تشير أخصائية العلاج النفسي، مجد مرعي، إلى أن للأطفال ميل غريزي نحو اللعب بالرمل والطين، فلا يكادون يرون أيّ منهما حتى ينطلقون نحوه باندفاع فطري، حيث يشكلون من خلاله العديد من المجسمات مثل القلاع والبيوت والسيارات وغيرها من الأدوات التي يفضلونها، وهذا السلوك لم يأتِ من فراغ، وإنما بفعل غريزة فطرية أودعها الله في الإنسان لتعمل على تنمية خياله وذكائه وقدراته على الخلق والابتكار.
فالصغير، تتابع مرعي، يفرح حين يملأ آنية من أواني المطبخ بالرمل ثم يفرغها بعد ذلك بأي شكل من الأشكال حتى لو لم يتمكن من صنع شيء ما، وعندما يكبر قليلاً فإنه يصنع في مخيلته كعكاً وفطائر وغيرها، أما الأولاد الأكبر سناً فيصنعون من الرمل طرقات وموانئ جوية وساحات للقطارات وأنفاقاً وطائرات، وفى أوقات الحرب الخيالية، طبعاً قد يلجأون إلى كومة الرمل ليصوروا بعض المناظر من الحرب مثل الخنادق والقلاع والدبابات والمدافع وغيرها.
علاج طبيعي
تنصح مرعي، الأهالي بالتوجيه السليم لهذه الفطرة بدل وأدها لدى الأطفال، وهو إمدادها بالأدوات المناسبة والمعدات الملائمة حتى تتحول من لعبٍ يخلو من المعنى والغرض إلى ما هو أرقى، وهو اللعب المترافق مع الملاحظة والابتكار وإعمال الفكر، من خلال تسوية الرمال والرسم فيه بأصابع اليد. وبناء أشكال من الرمل وهدمها والحفر فيه وإخفاء الأشياء فيه والبحث عنها، وملاحظة الرمل الجاف وكيفية انسيابه وما يحدث له من تغير عند البلل.
من جهتها، تشير أخصائية العلاج الطبيعي نجوى فضل، إلى أن اللعب بالتراب والرمل من أفضل الوسائل التي تستخدم في علاج بعض الحالات التي تعاني إعاقات حركية وشللاً جزئياً، حيث يتمكن الطفل بفضلها من تحريك أصابع يديه ما يؤدي إلى تفعيلها وتنشيطها، فهي تدريبات حركية من شأنها أن تخفف من الحالة المرضية التي يعانيها المصاب، لافتة إلى أن أفضل أماكن اللعب بالتراب والرمل هي شواطئ البحار، حيث يقل الغبار، ويكون التراب نقياً لكثرة احتكاكه بالماء أثناء عمليتي المد والجزر، فهنالك يمكن للطفل خلط الرمل بالماء والذي يحبه الأولاد.
ربيع الصبيان
تروي حكايات الصحابة في زمن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أنهم كانوا ينهون أبناءهم عن اللعب في التراب والرمل، وروى الطبراني أنه -صلى الله عليه وسلم- مرّ بصبية يلعبون في التراب، فنهاهم عن ذلك بعض الصحابة ممن كانوا يرافقونه، لكنه -صلّى الله عليه وسلم- صحّح أفكارهم تجاه هذا الأمر وعلّمهم أن له من الفوائد ما يجهلونه، وذلك بقوله: «دعهم فإن التراب ربيع الصبيان».
إلى ذلك، فقد روي عن الإمام أبو حنيفة، رضي الله عنه، أنه مرّ بصبي يلعب بالطين، فقال له: يا غلام إياك والسقوط فيه، فردّ عليه الغلام قائلاً: إياك أنت من السقوط؛ لأن سقوط العالم سقوط العلم، فصار أبوحنيفة، بعد سماعه لهذه الكلمة، لا يفتي في مسألة إلا عقب مدارستها مع تلاميذه شهراً كاملاً. وفي هذه القصة، إشارة إلى أن للعب الأولاد في التراب فوائد عديدة من أهمها أنها تنمي العقل وتصقل الفكر، وتمنح الثقة بالنفس.
المصدر: أبوظبي