صوفيا جواد تحلم بنجومية جولي .. وتعيش في ثوب العاشقة الخرساء
كانت تترقب بشيء من القلق انطباعات الجمهور الذي بدأ يتوافد إلى مكان عرض فيلمها السينمائي الروائي الأول «ثوب الشمس» للمخرج الإماراتي سعيد سالمين، ضمن أفلام الآفاق الجديدة في مهرجان أبوظبي السينمائي 2010 ، وبدت مع كلماتها وابتسامتها الواثقة وكأنها تقرأ ردود أفعال جمهورها في أروقة المهرجان بقصر الإمارات في أبوظبي قبيل العرض، وهي التي وجدت نفسها وهي تقدم أوراق اعتمادها كممثلة سينمائية واعدة من خلال دور «حليمة» العاشقة الخرساء. وعندما حاولت أن أنبش معها تفاصيل هذه البداية «المؤرقة»، توقفت أمام كلماتها الأكثر ثقة واتزاناً ونضجاً وهي تقول: «اخترت، بل وجدت نفسي ممثلة رغم حبي وعشقي للإخراج.. أنا أشعر دائماً أنني أمثل لأحيا.. التمثيل بالنسبة لي ليس مجرد هواية أو عشق.. إنني أجد نفسي أسيرة إحساس من نوع آخر.. وشعرت أنني لا أستطيع فهم العالم من حولي أو التفاعل بإيجابية معه إلا من خلال التمثيل.. ومن خلال استمتاعي بالحياة لمجرد أنني أمثل».
إنها صوفيا جواد.. فتاة عراقية يسكنها الحماس والطموح وعشق الفن. من مواليد بابل عام 1986 من أب يعمل مهندساً وأم مدرسة، وترتيبها الثانية بين خمس شقيقات.. لا تتذكر جيداً كيف ولد حب التمثيل والفن بدواخلها وهي التي عاشت طفولتها المبكرة سنوات الحروب والاضطرابات والقلق وعدم الاستقرار.
تقول عن بدايتها: «عندما دخلت ثانوية الفنون والإعلام في ليبيا حيث انتقلت أسرتي للإقامة هناك.. وجدت نفسي أحب وأجيد الرسم والفنون التشكيلية، وكان من الممكن أن أستمر في هذا الاتجاه، لكنني كنت شغوفة بالأفلام والمسلسلات العربية التي تعرض في الفضائيات، وبمشاهدة الأفلام العالمية، وكثيراً ما كنت أخلد إلى نفسي وحيدة وتراودني حكايات وقصص وسيناريوهات جميلة في خيالي، وأعيش أحلم بهذه التفاصيل، وكنت كلما أشاهد رواية جذابة أدخل عليها تفاصيل وتغييرات ونهايات من خيالي أنا.. ومع نهاية المرحلة الثانوية قررت أن أختار ما أجد نفسي فيه وهو التمثيل».
دراسة السينما
تضيف صوفيا: «في البداية.. عارض الأهل هذا الاختيار، ولم يشجعونني.. وأمام رغبتي وحبي الكبير للتمثيل ومحاولاتي معهم نجحت في البداية في إقناعهم بدراسة الإخراج، وعندما عادت الأسرة إلى العراق عام 2004 لم أتمكن من مواصلة دراستي هناك للأسباب المعروفة من عدم الاستقرار، لكن مع انتقال الأسرة للإقامة في الإمارات عام 2007 لم أتردد في الالتحاق بأكاديمية نيويورك للسينما في أبوظبي، واخترت دراسة التمثيل رغم حبي للإخراج السينمائي ومن ثم نميت ثقافتي السينمائية الخاصة، وقرأت كثيراً عن السينما والمسرح ولا أتردد من الاستفادة والتزود بأي ثقافة فنية تضيف إليَّ أي معارف أو فائدة أو خبرة، ولا أتردد من اكتساب الخبرات من الذين سبقوني في هذا المجال كلما كان ذلك ممكناً».
حلم النجومية
تشير صوفيا جواد إلى حقيقة مهمة تعيشها منذ الصغر، وهي رغم أنها لاتنكر حلمها الدائم بالنجومية، لكنها تقول: «ما من شك أن هذا هو حلمي المشروع.. إنه أمر طبيعي أن تراودني النجومية.. لما لا وأنا أشعر أنني أمثل لأحيا وأعيش.. التمثيل كالهواء والماء والوجود بالنسبة لي، لكنني لم أسع إليها، ستأتي بالعمل في الوقت المناسب».
وعن اتجاهها السينمائي، وميلها لأي نوع من الأفلام أكثر من غيرها، تقول صوفيا: «إنني أحب التمثيل، وأظن أنني أستطيع تجسيد أي دور، لكنني بشكل عام أحب وأميل إلى أفلام الرعب والإثارة.. وأفلام الحزن والألم والمعاناة.. شغوفة باللون «التراجيدي» والأدوار النفسية المركبة التي تمس حالات إنسانية بعينها.. لا أميل إلى الأدوار التي تعالج أو تجسد شخصيات بسيطة.. أجد نفسي في الأدوار المركبة التي تحتاج جهد ودراسة وفهم ومعايشة حتى أستطيع أن أستوعب الأبعاد السيكولوجية للشخصية.. وقد تكون بدايتي لتمثيل دور الفتاة العاشقة الخرساء «حليمة» في فيلم «ثوب الشمس» الذي ينتجه عامر سالمين ويخرجه الفنان سعيد سالمين خطوة صحيحة في هذا الاتجاه».
وتكمل: «لا أنس أن أضيف أنني حلمت كثيراً بالنجمة العالمية أنجلينا جولي.. وكثيراً ما وجدتها المثل الأعلى لي.. وأتمنى بالطبع أن أصل إلى هذا المستوى من العالمية.. ولما لا»؟ فالكاميرا لم ترهبني، ووجدت بيننا عشق قديم غير معلن.. وكانت تجربتي في التصوير مع أول فيلم جيدة ورائعة.. فالدور صعب ومركب.. لكنني استمتعت به جداً.. المرور لم يكن سهلاً.. فقد عشقت كل تفاصيل حياة الصم والبكم.. وتعلمت لغة الإثارة وعشت الدور تماماً.. وعانيت الاكتئاب والحزن والألم حتى أستطيع أن أجسد دور «حليمة» البائسة الخرساء والعاشقة.. إن التمثيل بالنسبة لي رسالة، وأريد وأتمنى أن أقول للعالم إنني موجودة من خلال تجسيد أدوار معينة من الحياة.. هذه هي حياتنا.. هذه قصصنا.. وهذا هو حالنا».
أما عن اتجاهها في الإخراج وهو المجال الذي أحبته وتخلّت عنه، تقول: «إنني عاشقة جداً للفانتازيا في الإخراج السينمائي.. وإذا فكرت يوماً في الإخراج سأسعى لذلك، ولابد أن يحمل أي عمل فني رسالة ما للناس والجمهور.. لابد أن يحتوي ويتضمن العمل أبعاداً أخرى خيالية، فالناس تحب الإثارة والخيال والفانتازيا السينمائية مع وجود «رسالة»، ما، ولن أتردد في الإخراج إن كان العمل يحمل «بصمة» مميزة ومؤثرة».
.. أما عن قلقها الذي يسبق عرض فيلمها الأول، تقول صوفيا: «إنه قلق طبيعي.. من المؤكد أن رأي الجمهور يهمني جداً.. فما أهمية ما تقدم للناس إن لم نكن نهتم بآرائهم.. إن الجمهور هو الثروة والرصيد الحقيقي لأي فنان، وإن شاء الله يكون الفيلم بداية انطلاقة حقيقية بالنسبة لي، بعدها سأقرر ماذا يمكن أن أقدمه في وقت لاحق».
«ثوب الشمس»
«ثوب الشمس» فيلم روائي إماراتي سوري مشترك جديد، يشارك به المنتج سعيد سالمين أفلام «آفاق جديدة» وعرض للجمهور للمرة الأولى ضمن مهرجان أبوظبي السينمائي 2010، ومن إخراج سعيد سالمين، وبطولة كل من حبيب غلوم، وصوفيا جواد،وميراى الحليان، ونيفين ماضي، وأحمد عبد الله، وحمد الحمادي. وفيه يسعى المخرج إلى استثمار البيئة الطبيعية في ريف دمشق، وفي «الجزيرة الحمراء « في إمارة رأس الخيمة، التي تعد من أكثر المناطق التراثية في المنطقة، من حيث الحفاظ على أنماط العمارة التقليدية، ليروي قصة تمزج بين الحس الحكائي الشعبي، والزمن الراهن، ويطرح واحدة من أهم القضايا الإنسانية التي تتعلق بالإعاقة الجسدية من خلال «حليمة» الفتاة الحسناء الجميلة الخرساء. وتحاول كسائر الفتيات في مثل سنها أن تعيش وتحلم بالزواج من شاب تحبه، لكن حالتها الخاصة، ونظرة المجتمع القاسية من حولها تحرمها هذه الفرصة. فهي تحب ابن خالها أحمد، لكن والده يرفض أن يزوجه من فتاة صماء وبكماء خوفاً من أن تلد له وللأسرة أطفالاً معاقين مثلها. وفي هذه البيئة القروية الضيقة تعاني حليمة نظرة المجتمع، ورغم ذلك تحلم ولا تفقد الأمل، حتى تتقابل والشاب القادم للعمل في قريتها»على»،ويبدي اعجابه بها، وقبل أن يكتشف مشكلتها يهجرها، أما «صالح» ابن التاجر الثري الذي يحب حليمة تمنعه القيود نفسها من الزواج منها، وكلاهما يضطر إلى مواجهة هذا الرفض الاجتماعي في زمن كان ينظر فيه إلى الإعاقة الجسدية نظرة يحكمها الجهل والخرافات والأحكام المسبقة الجاهلة، وفي خط مواز نرى فتى سوري يكتب سيرة حليمة ويرافقها في خيباتها وأفراحها .
المصدر: أبوظبي