شادي صلاح الدين (لندن)

أكدت مجلة أميركية أن فضيحة القرصنة القطرية كشفت العديد من الأمور للشارع الأميركي، وأهمها وجود بعض وسائل الإعلام الأميركية المصابة بهستيريا معادة الرئيس ترامب اصطفت مع المصالح القطرية، ملقية الضوء بالتفصيل كيف قامت جهات مدفوعة الأجر من قطر باستهداف ترامب مستخدمة وسائل إعلام أميركية معروفة.
وفي تقرير كتبه ديفيد ريابوي، أكد الصحفي الأميركي أن هناك أمرين مثيرين للاهتمام ميزا انحدار الصحافة في الآونة الأخيرة في أعقاب عمليات تسريح العمالة في مواقع «بازفييد»، و«جانيت» و«ياهو»، و«إيه أو إل»، وصحيفة «هافنجتون بوست»: أولها هو التزام صناعة الإعلام بالدعاية لسياسات العدالة الاجتماعية في الآلاف من المقالات الرخيصة والمستهلكة، والثانية هو وجود تقارير خطيرة تكشف عن المدى الذي يسمح فيه للمراسلين والمحررين لعناصر مستقلة ومتلاعبين بوسائل الإعلام في التأثير على الرأي العام وعلى وسائل الإعلام الأخرى وفرض رواياتهم الكاذبة.
وأضاف الصحفي الأميركي أنه عند اصطدام هذين الأمرين معاً في كثير من الأحيان في روايات حول دونالد ترامب وشركائه التي تتلاءم مع سرد مسبق من التواطؤ، والفساد، والخيانة، والغدر. فإن الناتج الإعلامي لذلك غالباً ما يكون تقويض القدرة على تقديم تقارير صحفية سليمة للمشهد السياسي الأميركي، وما تبقى هو مؤامرة تتم إدارتها بشكل أساسي، والتي يتم تقديمها بأسلوب قائم على الذات، وانتقامي.
وأوضح الكاتب أنه في الأسبوع الماضي، وبفضل الدعوى القضائية الجديدة التي رفعها جامع تبرعات الحزب الجمهوري إليوت برويدي ضد «نظام الحمدين»، علم الجميع الخلفية الدرامية لعملية إعلامية ساخرة أخرى شارك فيها جمهوري بارز، وحملة من قرصنة البريد الإلكتروني والدمار، كان الإعلام الأميركي سعيداً. وتقدم إليوت برودي، بشكوى في واشنطن يؤكد فيها أن ثلاثة أميركيين يعملون لحساب إمارة قطر، قد تآمروا لإسكات أحد أبرز منتقدي هذه الدويلة عن طريق اختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة به وتوزيع محتوياتها على وسائل الإعلام في محاولة لتدمير سمعته وقدرته على معارضة رعايتها المستمرة للجماعات الإرهابية.
وتشير الدعوى إلى أن نشطاء يعملون كجماعات ضغط لصالح الدوحة، وهما نيك موزين وجوي اللحام، مع جريج هاوارد من متجر العلاقات العامة البارز ميركوري بابليك آفيرز، نظموا عملية توزيع معلومات سرية في رسائل البريد الإلكتروني الخاصة ببرويدي للصحفيين في صحف نيويورك تايمز، وماكلاتشي، وول ستريت جورنال، وواشنطن بوست.
وأضاف أن هذه الصحف بدأت على الفور في مهاجمة برويدي باستخدام الوثائق المسروقة، حريصة على الاستفادة من علاقة بريودي الذي كان مسؤول اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري مع الرئيس.
وكان دعم إليوت برويدي لترامب أساسا يستخدم ليس فقط لتوليد التغطية في الصحافة السائدة، ولكن لتضييق الخناق على برويدي من خلال قرائها المتحيزين ضد الرئيس في وسائل الإعلام، مما أضر بسمعته.

ما الذي أصبحت عليه وسائل الإعلام الأميركية؟
وفي حين أن الدعوى القضائية لبرودي هي قصة عن جماعات الضغط الأميركية الملتوية من أجل المصالح القطرية، فإن التفاصيل المدهشة تعطي أيضاً تبصراً مهماً لعمليات وسائل الإعلام الحالية في رحلة كاملة، بما في ذلك مستويات مذهلة من التحيز التي تساهم في انهيار الصحافة الصادقة كصناعة، وفقاً للكاتب، الذي أضاف أنه حتى في الوقت الذي أصبح فيه خطر التجسس الإلكتروني حقيقة واقعة في الحياة، فإنه لا يزال غير قانوني.
وكانت وسائل الإعلام متيقظة مرة أخرى حول أخلاقيات نشر محتويات الوثائق المخترقة في صفحاتها الأولى، وكانوا من قبل غير مرتاحين لاستخدام التسريبات من مشغلي المعلومات عديمي الضمير ومنسوبي وسائل الإعلام.
وتساءل الكاتب، كيف وصل إلى وسائل الإعلام بأن هناك قصة تستحق أن تنشر؟.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، ومع ازدياد عدد الصحفيين الذين يواجهون البطالة، سعى مناصرو الإعلام إلى إلقاء اللوم على توحيد الشركات والتغييرات التي طرأت على الصناعة بسبب أزمة إيرادات الإعلانات المتعثرة.
وفي مجلة «تابلت»، كتب لي سميث قصة مقنعة عن الحصيلة التي تتسبب بها اقتصاديات المشهد الإعلامي المتغير على المحتوى الذي ينتجه صحفيو اليوم، بدلاً من مجرد عدد المراسلين أو المحررين، أو مدققي الحسابات أو الأخبار التي تتباهى بها أي صحيفة أو مؤسسة إعلامية. وكما وجدت شركات الإعلام أن مواردها تتقلص، وجدوا أنه أكثر ربحية لمؤسساتهم التخلي عن بعض العمل من المراسلين والمحررين ذوي الأجور العالية لصالح بعض الأشخاص من ضعاف الشخصية والحرفية والعاملين في ثقافة جمع المعلومات من الإنترنت، مشدداً على أن أهمية التحريض على الأولويات السياسية وفرض معايير ثقافية جديدة أعمى الكثيرين في صناعة الصحافة عن واقع نموذج أعمالهم الفاشل.

وسائل الإعلام الأميركية كسلاح للقوى الأجنبية
قال الكاتب ديفيد ريابوي إنه لسوء الحظ، يبدو أن خرق خصوصية برويدي كان نتيجة للمبالغ الهائلة التي أنفقتها قطر على جماعات الضغط، ووسائل الإعلام، ومراكز الفكر والرأي في خدمة عراكها المستمر مع جيرانها الخليجيين بشأن قضية دعم قطر لجماعات إرهابية، وإيران.
وأضاف الكاتب أنه منذ الصعود الكارثي لجماعة «الإخوان» الإرهابية خلال الربيع العربي، وضعت دول الخليج مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة خطر تحركات الجماعات الإرهابية على محمل الجد. وقد حظرت كلتا الدولتين عمليات «الإخوان» على أراضيهما وأوقفتا التمويل للجماعات المتطرفة. وفي هذه الأثناء، تزدهر في قطر جماعة «الإخوان» والعديد من فروعها. ويتطلب الأمر جهداً هائلاً، بما في ذلك إنفاق مبالغ كبيرة من المال لإخفاء هذه الحقائق في الولايات المتحدة.
وقال الكاتب الأميركي إن قطر عملت بجهد أيضاً لتعزيز علاقتها مع اليهود والجالية اليهودية في الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن نيك موزين استثمر علاقاته مع النواب الداعمين لإسرائيل تيموش سكوت وتيد كروز، المحافظين في مجلس الشيوخ، لتجسيد علاقاته كعميل مدفوع في قطر.
وشارك موزين مع جوي اللحام صاحب مطعم «نيويورك» في محاولة لإنفاق الملايين لإقناع الجالية اليهودية المؤيدة لإسرائيل بتعزيز مصالح الإمارة الخليجية الصغيرة. ولحسن الحظ، فشلوا في هذا الجهد المشبوه، ولكن ليس قبل أن يتم جمع رسائل البريد الإلكتروني من برويدي بشكل غير قانوني، وتصنيفها، ثم نشرها على الصحافة من قبل هوارد في ميركوري للشؤون العامة، والذي كان بدوره يعمل أيضاً في جماعة ضغط مسجلة في قطر. وعمل هوارد مع العديد من وسائل الإعلام لنشر مقالات سلبية حول برويدي باستخدام هذه الوثائق.
واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أنه في حالة إذا ما ذهبت دعوى برويدي المدنية للمحكمة، فإنها يمكن أن تلقي ضوءاً جديداً على التقاطع الغامض بين الدول والمتسللين، وشركات الاستخبارات الخاصة، ومحترفي العلاقات العامة التي تدفع الأحداث السياسية بشكل متزايد في الولايات المتحدة وحول العالم.