أسماء الحسيني (القاهرة – الخرطوم)

ألغى مجلس الوزراء السوداني قانون «النظام العام» سيئ السمعة، الذي جلدت بموجبه آلاف النساء، وانتهكت خصوصية وحقوق السودانيين، وتم استخدامه كسلاح في معاقبة الخصوم والتشهير بهم بدعوى عدم ارتداء النساء أزياء محتشمة أو الخلوة غير الشرعية للرجال والنساء.
كما أجاز مجلس الوزراء في جلسته أمس برئاسة دكتور عبدالله حمدوك قانوني تفكيك النظام السابق وإزالة التمكين، ومفوضية بناء المنظومة القانونية والعدلية.
وقال وزير الإعلام السوداني والناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح إن وزير العدل نصر الدين عبد الباري قدم مشروع قانون بإلغاء «قانون النظام العام»، وقد أجازه مجلس الوزراء بعد تداول حوله، كما أجاز قانوني تفكيك النظام السابق ومفوضية بناء المنظومة القانونية. وأضاف صالح: أن هذه القوانين سيتم رفعها للاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء.
وأعرب خبراء وناشطون وإعلاميون سودانيون لـ«الاتحاد»عن سعادتهم بالإجراءات التي اتخذها مجلس الوزراء السوداني لتفكيك النظام المعزول والإطاحة بقوانينه التي وصفوها بـ«المهينة» للشعب السوداني رجالا ونساء. وقال الكاتب السوداني حسن أحمد الحسن لـ«الاتحاد» إن إلغاء قانون النظام العام يعني استرداد إنسانية الشعب السوداني من براثن أسوأ نظام عرفه أهل السودان.
ومن جانبه وصف الصحفي والمحلل السياسي السوداني قرار مجلس الوزراء بإلغاء قانون النظام العام بأنه قرار تاريخي. وأضاف في تصريحات لـ«الاتحاد» أن القانون سقط في واقع الأمر بسقوط نظام القمع والفساد الإسلاموي البغيض، وأن التغيير في السودان ستدشن مرحلة جديدة عنوانها كرامة نساء ورجال السودان.
ومن جانبها، قالت الصحفية السودانية لبنى أحمد حسين التي حكم عليها نظام الرئيس السوداني المعزول بالجلد 40 جلدة بتهمة ارتداء بنطال، بموجب قانون النظام العام لـ«الاتحاد» إن «السودانيات خرجن بكثافة لإسقاط نظام عمر البشير، الذي كان قانون (النظام العام) من أكبر جرائمه، حيث كانت تتم محاكمة المواطنين لاسيما النساء بشكل مجحف، والمحكمة هي محكمة إيجازية وليس بها دفاع أو شهود دفاع، إنما مجرد شرطي يلقي القبض على أي فتاة بتقديراته الشخصية، ويكون هو الشاكي والشاهد الوحيد، وبعد هذا لا يعطي المتهم أو المدان ورقة لتثبت ما هي التهمة التي حوكم بموجبها، وهنا كانت المصيبة، فحين تجلد امرأة، وليس لديها مستند يثبت سبب جلدها، يكون قد حكم عليها بالإعدام لا الجلد، لأن المجتمع نفسه لم يكن يرحم، ولذلك تفضل الضحية الصمت بعد أن تجلد، لأن الجميع سيظن أنها جلدت في قضية دعارة».
وتشير لبنى إلى أنه «في عام واحد فقط هو عام 2008، وفي مدينة واحدة فقط هي الخرطوم وليس كل السودان تم القبض على 43 ألف امرأة بسبب ما يعتقد أنه ملابس غير مناسبة باعتراف مدير شرطة الخرطوم، وهكذا أصبح القانون سيفاً مسلطاً ضد الفقيرات البسيطات، خاصة إذا كن مسيحيات ومراهقات».
ومن جانبه طالب ضحية سرير توتو، القيادي بالحركة الشعبية، في تصريحات لـ«الاتحاد» بأن يعقب إلغاء النظام العام تعديل أو إلغاء قوانين أخرى عديدة ما زالت تنال من حقوق السودانيين وحرياتهم. وقال الناشط السوداني موسى خالد: «اليوم نودع 30 عاماً من الكبت والظلم الطويل والجوع والمرض، ونتجه في الطريق الصحيح». يأتي ذلك في وقت، ذكرت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» أن ميزانية العام المقبل في السودان 2020 ستكون ميزانية المواطن السوداني بامتياز. وقالت المصادر إن مخصصات التعليم والصحة ستكون على رأس أولويات ميزانية العام الجديد، في حين ستنخفض النفقات العسكرية والأمنية في الميزانية. لكن المصادر أشارت إلى الصعوبات والتحديات الهائلة التي تواجه مجلس الوزراء في الإعداد لهذه الميزانية، وتفرض عليه تخفيض الإنفاق الحكومي.