ناصر الجابري (أبوظبي)
نظمت وزارة الدفاع بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس، مناقشة رفيعة المستوى في ورشة عمل كبار الضباط حول القواعد الدولية التي تحكم العمليات العسكرية «سويرمو»، بحضور معالي محمد بن أحمد البواردي وزير دولة لشؤون الدفاع، وعدد من كبار ضباط وزارة الدفاع والقوات المسلحة والخبراء من 80 دولة حول العالم في نادي ضباط القوات المسلحة بأبوظبي.
وتأتي المناقشة ضمن فعاليات الورشة التي تزود المشاركين بفرصة تعزيز فهمهم بالقواعد التي تحكم العمليات العسكرية، وللتحدث عن إدراج المعايير القانونية المعنية في العقيدة العسكرية وأنظمة التعليم والتدريب، كما توفر لهم الخبرة في مجال القانون الدولي الإنساني وتطبيقه في العمليات العسكرية، بينما تقدم معلومات عن مهمة اللجنة الدولية وأهميتها ودورها في النزاعات الدولية.
وأكد المستشار الدكتور محمد محمود الكمالي، مدير عام معهد التدريب والدراسات القضائية، نائب رئيس اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، أن دولة الإمارات تدرك أهمية القانون الدولي الإنساني، وحريصة على تطبيق تشريعات الأمم المتحدة الخاصة بذلك، حيث تتبنى نشر قواعد القانون على جميع الأوساط الوطنية.
وقال: إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تشدد على ضرورة نهوض الدول بالتزاماتها بنشر القانون الدولي الإنساني خاصة في زمن النزاعات المسلحة، حيث أبرزت المؤتمرات الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر مراراً أهمية نشر القانون الدولي الإنساني، وطالبت الدول بتنفيذ التزاماتها في هذا المجال.
وأضاف: إن الجهل بأحكام القانون الدولي الإنساني يؤدي إلى انتهاكات جسيمة تترتب عليها معاناة إنسانية وخسائر في الأرواح البشرية والممتلكات يمكن تفاديها، أو الحد منها إذا ما كان هناك علم مسبق بأحكام هذا القانون.
أوسع نطاق
وتابع الكمالي: أخذت دولة الإمارات على عاتقها نشر مفاهيم القانون الدولي الإنساني على أوسع نطاق حرصاً منها، حيث أعلنت الدولة التزامها باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني، وكفالة الاحترام المنصوص عليه في المادة الأولى له، وهي عضو في اتفاقيات جنيف الـ 4 والبروتوكولين الإضافيين.
وأشار إلى أننا في دولة الإمارات لا نكتفي فقط باحترام هذه القواعد، بل تمتد الجهود من خلال الدبلوماسية الإنسانية التي تقوم بها الدولة، عبر جهود وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة الدفاع، حيث نقوم بنشر ثقافة القانون لدى الدول الأخرى، من خلال دعوتهم للمؤتمرات والندوات وورش العمل التي نعقدها.
ولفت إلى أن دولة الإمارات وقعت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر مذكرة تفاهم أصبحت بموجبها هي المركز الإقليمي لتدريب الدبلوماسيين العرب، حيث يتم تنظيم الدورات في المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية والتعاون الدولي. وبين وجود دورات تعقد لأعضاء السلطة القضائية من أعضاء النيابة العامة والقضاة، حيث يشمل نشر القانون الدولي الإنساني المدنيين من المحامين أيضاً والجامعات والمدارس، لافتاً إلى أن الدولة شاركت في الإعداد لنظام روما الأساسي عام 1988، كما قدمت الدولة إلى جامعة الدول العربية مشروع «قانون الإمارات النموذجي»، إضافة إلى إصدار المرسوم بقانون اتحادي رقم 12 لسنة 2017 في شأن الجرائم الدولية.
وأضاف: يعد القانون مبعث فخر واعتزاز بما وصلت إليه دولة الإمارات من جهود إقليمية ودولية في تعزيز ثقافة القانون الدولي الإنساني، باعتبارها نموذجاً واقعياً في الالتزام بالقانون ومختلف التشريعات، حيث نقدم للعالم النموذج الإماراتي الملتزم بقواعد القانون الدولي الإنساني.
الدور العسكري
وحول دور المؤسسات العسكرية في نشر ثقافة القانون الدولي الإنساني، أوضح الكمالي أن الإمارات أدرجت القانون ضمن برامج التعليم العسكري في التأهيل الأساسي والتأهيل المستمر من خلال ورش العمل والندوات والمؤتمرات، كما تم إدخال مفهوم القانون ضمن مناهج كلية القيادة والأركان المشتركة وكلية زايد العسكرية، ليصبح لدينا ضباط متخصصون في هذا المجال، ودخلوا دورات تدريب المدربين «TOT»، ويقومون بتدريس هذه المادة.
ولفت إلى أن المنهج التدريبي يتضمن على تطبيق الأسلوب الصحيح لقواعد القانون الدولي الإنساني أثناء العمليات العسكرية والالتزام بمبادئه الإنسانية المتمثلة في الضرورة العسكرية، والتناسب وعدم الإفراط، والتمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية ليكون ذلك منهجهم السلوكي أثناء النزاعات المسلحة.
ولفت إلى أن دستور دولة الإمارات حدد نوع عقيدتنا العسكرية، وذلك بالنص على إجراءات الحرب الدفاعية، وتحريم الحرب الهجومية عملاً بأحكام المواثيق الدولية.
وأكد أنه من خلال الدورات التدريبية وفهم الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، أصبحت المعايير القانونية ذات الصلة بالقانون الدولي الإنساني في عقيدة القوات المسلحة الإماراتية، وتم عكس ذلك في تعليماتها وتدريبها وأصبح جزءاً من الثقافة لديها، وبالتالي التزام بقواعد القانون الدولي الإنساني بين منتسبيها.
الصليب الأحمر
من ناحيته، أكد بيتر ماورير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الصعوبة الآتية لتطبيق القانون الدولي الإنساني تكمن في الحروب غير المتناسقة والنزاعات المختلفة، والخروق التي تحدث للقانون خاصة مع وجود أطراف مستحدثة في النزاعات، ومنها الجيوش غير النظامية والجماعات المسلحة.
وأضاف: إن دورنا في الصليب الأحمر يتمثل في العمل على وضع الحدود الموضحة لأهمية تطبيق القانون في النزاعات، والتخفيف من تأثيرها على الدول والمدنيين، حيث من المهم توحيد الجهود لتعزيز مبدأ سيادة القانون، والذي له بالغ الأثر في تقليل الانتهاكات التي تحدث في عالمنا المعاصر.
وأشار إلى أن لجنة الصليب الأحمر انتهت من إعداد دراسة تناولت جذور القيود في الحروب، بهدف فهم مصادر التأثير على سلوكيات الجيوش والجماعات المسلحة خلال الحروب، إضافة إلى تعريف العوامل المحددة التي تساهم في القانون عبر استنباط تفسير سلوكيات المحاربين.
وأضاف: إن الأهم هو حماية المدنيين، حيث نرى ما يحدث حين يتم اختراق القانون الدولي الإنساني، من اعتداء عليهم وتعذيب للمعتقلين في السجون، وعدم حماية للأطقم الطبية، وهو ما نشاهده من انتهاكات تتعلق بعدم تطبيق القانون في عدد من النزاعات العالمية.
وأوضح أن وجود الإرهابيين ممن لا يحترمون القانون، ولا يلتزمون بميثاق، أنتج سؤالاً عن مسؤولية احترام القانون وكيفية معاقبة الأطراف غير الملتزمة، وصولاً للهدف الأشمل وهو تجنيب المدنيين مخاطر الحروب، وبحث تأثيراتها المحتملة عليهم.