محمد إبراهيم (الجزائر)
باتت المسيرات الليلية حدثاً احتجاجياً جديداً للحراك الشعبي الجزائري، رفضا للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 12 ديسمبر المقبل، إذ يتظاهر نشطاء الحراك في عدة ولايات بشكل شبه يومي ليلاً مع اقتراب موعد إجراء الاستحقاق الرئاسي.
ومنذ بداية الحراك الشعبي يتظاهر الجزائريون يوم الجمعة من أكل أسبوع بينما يتظاهر طلبة الجامعات يوم الثلاثاء، عبر 40 أسبوعاً للمطالبة بتنحي رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي، وفي مقدمتهم الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس وزرائه نور الدين بدوي، ومحاسبة المسؤولين الحاليين والسابقين المتورطين في قضايا فساد، ورفض إجراء الانتخابات الرئاسية والمطالبة بمرحلة انتقالية يديرها مجلس توافقي.
ويقول نشطاء الحراك إن السلطات الجزائرية تعتقل يوميا عددا من المشاركين في المظاهرات، إلا أنه لم يصدر بيان عن الشرطة الجزائرية حول تأكيد الأمر أو نفيه. ويشهد الشارع الجزائري انقساماً حاداً بين مؤيدي الانتخابات الرئاسية، باعتبارها المخرج الوحيد للأزمة باختيار رئيس ينفذ مطالب الإصلاح، ومعارضين يطالبون بتأجيلها حيث يرون فيها طريقة فقط لتجديد نظام الرئيس السابق بوتفليقة.
وبخلاف المظاهرات الليلية لا يبدو في الشارع الجزائري أي ملمح لوجود انتخابات رئاسية خلال أقل من شهر، إذ يغيب الاهتمام عن المشاركة في التجمعات الانتخابية لأي من المرشحين الخمسة الذين يخوضون السباق الانتخابي.
وخصصت السلطات الجزائرية مساحات متساوية للمرشحين الخمسة في الشوارع لوضع ملصقاتهم الانتخابية عليها، إلا أن أغلبها مازال فارغا، ويعد المرشح عبد القادر بن قرينة هو الأكثر وضعا لملصقاته، التي تم تمزيق أغلبها.وبن قرينة هو رئيس حزب حركة البناء الوطني، وكان من مؤسسي حزب حركة مجتمع السلم «حمس» الذراع السياسي لجماعة الإخوان بالجزائر، قبل أن ينشق عنهم في 2013، وينظر له كثيرون باعتباره المرشح الخفي لجماعة «الإخوان».
وانعكس الرفض الشعبي لبن قرينة على تجمعاته الانتخابية، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الجزائرية مقاطع فيديو لمظاهرات رافضة لبن قرينة وتتهمه بالسرقة في ولايتي البويرة (شمال شرق)، وتندوف (غرب).
من جهة أخرى، واصل المرشح الرئاسي عبد المجيد تبون، رئيس الوزراء الأسبق، لقاءاته بسفراء أجانب، رغم الانتقادات التي واجهها بسبب تلك اللقاءات الأسبوع الماضي. وأعلن تبون عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي إنه التقى بسفراء كل من ألمانيا، وبلجيكا، وهولندا لدى الجزائر، كل على حدة، حيث بحث مع كل منهم «ما يجمع البلدين من وجهات النظر والمواقف».
وكان تبون قد التقى الأسبوع الماضي، بسفيري أميركا وإسبانيا لدى الجزائر، الأمر الذي جعل صفحته على «فيسبوك» تمتلئ بانتقادات من مواطنين، رأوا فيما يفعله استباقا لنتيجة الانتخابات، فيما علق منافسه علي بن فليس على الأمر، تلميحا، متهما إياه بالاستقواء بالخارج.
السجن 6 أشهر بحق 20 متظاهراً
قالت وسائل إعلام محلية إن محكمة سيدي امحمد في العاصمة الجزائرية أدانت أمس الاثنين 20 متظاهرا بالسجن 6 أشهر نافذة مع تغريم كل واحد منهم 200 دولار، بتهمة «رفع لافتات ومنشورات وشعارات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية». وأوضحت المصادر، أن عدداً من هؤلاء الأشخاص كانوا رهن الحبس المؤقت بعدما جرى اعتقالهم في إحدى مسيرات الحراك الشعبي في سبتمبر الماضي، فيما كان البعض الآخر مطلقي السراح. وأسقطت المحكمة عن المسجونين، تهمة «المساس بالوحدة الوطنية»، على خلفية رفع الراية الأمازيجية. بالمقابل، أفرجت نفس المحكمة على الطالبة ياسمين نور الهدى دحماني، بعد قضائها لأكثر من شهرين في السجن، بعدما أصدرت في حقها حكماً بالحبس 6 أشهر منها 4 غير نافذة، مع تغريمها 200 دولار. وتوبعت دحماني بنفس التهمة التي سجن لأجلها 20 متظاهرا 6 أشهر، بعدما تم إسقاط عنها تهمة « المساس بالوحدة الوطنية».