بسام عبد السميع (أبوظبي)

يعمل مفاعل «براكة» عند اكتمال تشغيل محطاته الأربع على مدار الساعة لمدة 18 شهراً دون انقطاع وبقدرة إنتاجية 90%، وتشهد المحطات النووية فترة تشغيل تجريبية تتراوح بين 3 إلى 4 أشهر يتبعها التشغيل التجاري، واكتملت جميع الأعمال المؤهلة لتشغيل المحطة الأولى «بنية تحتية وفنية»، فيما بلغت نسبة الإنجاز في المحطة الثانية 94% مطلع الشهر الحالي، وتختص النسبة الباقية بعدد من العمليات الفنية والإجراءات التشغيلية، و85% للمحطة الثالثة و76% للمحطة الرابعة، بحسب «نواة للطاقة» المشغل للمشروع.
قبل البدء بتشغيل أي محطة نووية، توجد عملية صارمة يجب اتباعها وتُعرف بمرحلة «الاستعداد للتشغيل»، ويعمل فريق مشترك من شركة نواة للطاقة ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» خلال مرحلة الاستعداد للتشغيل على فحص كل محطة وإجراء عدة اختبارات عليها، وعقب إتمام الفحص الشامل والاختبارات على المحطة وبعد الإعلان عن جاهزيتها، سيتم تسليمها إلى شركة نواة للطاقة للبدء بتشغيلها رسمياً.
واستعرضت «نواة» في موقعها ببراكة، عبر مركز المحاكاة، آليات تشغيل المحطة الأولى وباقي محطات المشروع عند الاكتمال، مشيرة إلى أنه يتم تشغيل كل محطة عبر غرفة تشغيل وتحكم مخصصة للمحطة، فضلاً عن غرفة تحكم يدوية يتم استخدامها حال الطوارئ، وغرفة إغلاق المفاعل، منوهة بأن غرفة التحكم يتوفر بها ضغط عالي.
واستعداداً لتشغيل محطات مفاعل براكة، أصدرت شركة «نواة للطاقة» التابعة لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات الطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بأبوظبي، مطلع الأسبوع الحالي، أول معايير لغوية خاصة بعمليات المحطات والمرافق النووية باللغة الإنجليزية، والتي تعد الأولى من نوعها في العالم.
ويأتي إصدار المعايير في إطار التزام «نواة» بترسيخ ثقافة السلامة النووية وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا الإطار، حيث ستلعب دوراً مهماً في تحقيق أعلى مستويات التواصل الفعال بمجال السلامة بين موظفي الشركة الذين يأتون من 43 جنسية، بما ينعكس بشكل إيجابي على عمليات تشغيل المحطات النووية الأربع ضمن المشروع.
وتسعى «نواة» إلى أن تكون شركة نووية معترفاً بها عالياً من حيث الامتثال لأعلى المعايير الدولية للسلامة والجودة، وستتمكن نواة من استخدام الطاقة النووية لتوفير مصدرٍ للكهرباء يتسم بأنه وفير وموثوق ومنخفض الانبعاثات الكربونية، فالكهرباء ضرورية لدعم التنمية في الدولة.
وأكدت «نواة» تطبيقها جميع السيناريوهات للتعامل مع مختلف المخاطر، وتحقيق أعلى معايير السلامة، مضيفة أنه تم تأسيس برنامج التأهب للطوارئ لضمان إعداد الأنشطة الخاصة بالتأهب للطوارئ وتنفيذها ودعمها في حال وقوع أي حدث إشعاعي محتمل في محطة براكة للطاقة للنووية.
وقالت «نواة»:«يجري تنفيذ منظومات الاستجابة لحالات الطوارئ داخل الموقع وخارجه الإجراءات والتوجيهات اللازمة للحد من عواقب أي حالة طارئة، وضمان الصحة والسلامة لدى الموظفين وعامة الناس».
وتشمل أهداف برنامج التأهب للطوارئ الحفاظ على خطط الاستجابة لحالات الطوارئ داخل الموقع وخارجه، بما في ذلك الإجراءات التنفيذية المرتبطة بها، والتأكد من الجاهزية التشغيلية للأنظمة والمعدات والمرافق ذات الصلة بالاستجابة لحالات الطوارئ في براكة، وتدريب منظومات الاستجابة لحالات لطوارئ داخل الموقع وخارجه، ومساعدة الشركاء المتواجدين خارج الموقع في تطوير برامج التأهب للطوارئ وتنفيذها، وإعداد تدريبات التأهب لحالات الطوارئ ذات الصلة بخطط الاستجابة لحالات الطوارئ داخل الموقع وخارجه، وتنفيذها ثم تقويمها.
وفي عام 2009، وجهت حكومة دولة الإمارات بتأسيس مؤسسة الإمارات للطاقة النووية لتنفيذ المشروع النووي السلمي الإماراتي وإتمام محطة براكة للطاقة النووية.
وبدأت العمليات الإنشائية للمحطة الأولى في عام 2012، وللمحطة الثانية في 2013، وللمحطة الثالثة في 2014 وللمحطة الرابعة في 2015.
أشارت التوقعات إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد من الدول التي تواجه نمواً هائلاً في الطلب على الطاقة على مستوى العالم، وبمعدل يصل إلى ثلاثة أضعاف متوسط المعدل العالمي لنمو الطلب، ما يعني أن دولة الإمارات تحتاج للكهرباء للحفاظ على التطور الاقتصادي والصناعي لديها.
وتتولى نواة للطاقة التي تأسست عام 2016، مسؤولية تشغيل أربع محطات وصيانتها في محطة براكة للطاقة النووية، الواقعة في منطقة الظفرة في أبوظبي، والتي تعتبر أول محطة للطاقة النووية في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة.
وبصفتها المشغل لأحدث برنامج نووي في العالم، فإن «نواة» تعمل على استخدام الطاقة النووية لتوفير إمدادات آمنة وموثوقة ومستدامة وصديقة للبيئة لتوليد كهرباء ذات انبعاثات كربونية منخفضة، ما أسهم في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي الارتقاء بجودة الحياة للأجيال القادمة.
وباعتماد أعلى المعايير الدولية التي تتماشى مع حرصها على وضع السلامة ضمن أقصى أولوياتها، تولد نواة ما يصل إلى 5600 ميجاواط من الطاقة من المحطات الأربع بعد تشغيلها، وتوفر ما يعادل 25% من احتياجات دولة الإمارات العربية المتحدة من الكهرباء.
وتعمل «نواة» وفق ثقافة السلامة في جميع أعمالها، فقد وضعت في الأولوية أهمية ضمان سلامة المجتمع والموظفين والبيئة، وستتبع «نواة» النهج الذي وضعته مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والخاص بتبادل الخبرات والتعلم من المشغلين النوويين حول العالم وتطبيق أفضل الممارسات.
وتتولى «نواة» تشغيل محطة براكة للطاقة النووية وصيانتها والإشراف على المقاولين والجهات الداعمة في مراحل التشغيل والصيانة في المشروع، وبناء خبرات ومهارات نووية ذات كفاءة والحفاظ عليها، والعمل على نحوٍ وثيق مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والجهات المعنية المحلية لضمان التوافق بين البرنامج النووي السلمي الإماراتي وخطط البنية التحتية للمشاريع الصناعية في الدولة، والعمل على تأسيس قوى عاملة إماراتية نووية ذات خبرة بالتعاون مع قطاع التعليم في الدولة.
يذكر أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية منحت أكثر من 1500 شركة محلية عقوداً لتقديم المنتجات والخدمات اللازمة لمشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، تزيد قيمتها الإجمالية على 14 مليار درهم.
ويسهم البرنامج النووي السلمي الإماراتي في تحفيز العديد من القطاعات الاستراتيجية عن طريق دعم الشركات المحلية، وتطوير القطاعات والصناعات الجديدة، وتوفير الوظائف المجزية.
وبحسب أحدث التقارير العالمية في قطاع الطاقة النووية والصادر عن معهد ماساتشوستس ونشرته «الاتحاد»، فإن مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية في الإمارات أبرز الأمثلة الحديثة على نهج العمل المرتبط بالنجاح، والذي أسهم في خفض تكاليف العمالة بنسبة 40% بالمقارنة بين عمليات بناء المحطة الأولى والمحطة الرابعة بالمشروع المكون من أربع محطات تجري العمليات الإنشائية فيها بشكل متزامن.
وفي سياق متصل، أشار الدكتور لاسينا زيربو، رئيس منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBTO)، التابعة للأمم المتحدة ومقرها فيينا، إلى أن البرنامج النووي الإماراتي السلمي، يخدم أغراض التنمية المستدامة، ويوفر مصادر للطاقة النظيفة، مضيفاً في تصريحات على هامش المؤتمر العالمي لمكافحة التجارب النووية، والذي عقد مؤخراً بالآستانة أغسطس الماضي، بالجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في المحافظة على السلام والاستقرار العالمي، ودعمها للجهود الساعية لوقف التسلح النووي.