شروق عوض (دبي)

أكدت الدكتورة أسمهان الوافي، مدير عام المركز الدولي للزراعة الملحية في دبي «إكبا»، أن دولة الإمارات تستهلك سنوياً مليار متر مكعب من المياه لري مزارع نخيل التمر، وذلك وفقاً لأحدث الإحصائيات الرسمية، كما يعكف المركز حالياً على كل من دراسة التأثيرات طويلة الأجل على جودة الثمار وكميتها في نخيل التمر المروي بالمياه المالحة، وتقيّم 10 من الأصناف الأكثر شيوعاً في الدولة.
وأوضحت الوافي في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد»، أن المركز يمتلك بيانات حول إنتاجية المياه والتي تساعد في تقليص متطلبات ري نخيل التمر بنسبة تصل إلى 35 %، كما طور واختبر العديد من أصناف الأعلاف المعمرة والسنوية في ظل ظروف شديدة الملوحة (تكافئ 60% من ملوحة مياه البحر) في دولة الإمارات، وتشمل الأعلاف السنوية «الذرة الرفيعة» و«الدخن اللؤلؤي» و«الشعير» و«عشبة الديستيكلس» وغيرها.

تطوير ممارسات زراعية
وحول دور المركز للحد من تداعيات التغير المناخي على الزراعة ومنتجاتها؟ قالت الوافي: «لقد وضع «إكبا» نصب عينيه التغير المناخي من خلال النمذجة الحاسوبية والتنبؤ بطبيعة وهيئة المناخ المستقبلي، إلى جانب تأثيراته على الموارد المائية وإنتاجية المحاصيل، وذلك بهدف تطوير حزم من الممارسات الزراعية الجديدة التي تساعد في المحافظة على الإنتاج وزيادته أيضاً، كما قام المركز بتدقيق بيانات نموذج التغير المناخي العالمي، على المستوى الوطني، للمساعدة على تحديد المناطق والقطاعات والمجتمعات المعرضة لتأثيرات التغير المناخي على المياه والزراعة في دولة الإمارات ومصر ولبنان والأردن والمغرب وتونس وغيرها».
وأشارت مدير عام «إكبا» إلى تطوير أكثر من 50 خريطة جديدة تظهر تغيرات متوقعة في مختلف المؤشرات المناخية ذات الصلة بالنشاطات الزراعية في هذه البلدان ومشاركتها مع الحكومات، بالإضافة إلى تدريب أكثر من 150 عالماً محلياً على إجراء تحليل مناخي للتوقعات المستقبلية، بحيث يمكن استخدام تلك الخرائط في دعم وتوجيه عملية تطوير سياسات التكيف مع التغير المناخي.
وحول بقية الجهود الخاصة في هذا الجانب، قالت: «لقد تعاون المركز مع هيئة البيئة -أبوظبي- لإجراء مسح للتربة في الإمارة يغطي مساحة قدرها 59 ألف كيلومتر مربع، وعرضت بيانات التربة المأخوذة والخرائط المعدة على مدى سنوات عديدة، كجزء من مجموعة من المعروضات في متحف الإمارات للتربة الذي يتولى المركز الإشراف عليه».

تحسين التربة
شددت الوافي على أن المركز يعكف حالياً على دراسة التعديلات البيولوجية وغيرها، لتحسين خصوبة التربة والاحتفاظ بالرطوبة والمواد العضوية في دولة الإمارات، وذلك بعد الانتهاء من نتائج الأبحاث التي أظهرت أن الفطريات المصلية الجذرية تعزز نمو أشجار النخيل بنسبة 50% في ظل ظروف منخفضة المغذيات والملوحة، والفحم الحيوي كمحسن للتربة ومغذيات التربة، فضلاً عن التخفيف من انبعاثات غازات البيوت الزراعية المحمية.
وأشارت إلى سبب إجراء المركز للأبحاث على 50 طرزاً وراثياً لنوع من النباتات الملحية يدعى «الساليكورنيا» باعتباره نوعاً ينمو مع مياه شديدة الملوحة ومياه البحر وينتج بذوراً تساهم بنسبة 35% من الوقود الحيوي، يتمثل في إدخال هذا النوع على نطاق واسع في دولة الإمارات ودول الخليج، مشيرة إلى توصل المركز إلى ثمانية طرز وراثية متحملة للملوحة من الدخن اللؤلؤي والذرة الرفيعة والبرسيم والرغل. ولفتت إلى أن المركز طور أيضاً خمسة طرز وراثية من نبات «الكينوا» تنتج ما يصل إلى 3 أطنان من البذور لكل هكتار، كما يعمل أيضاً على كل من إنتاج حبوب هذا النبات ونموذج جديد من البيوت المحمية والبيوت المحمية الشبكية لزيادة الإنتاج وكفاءة المياه والطاقة في منطقة الخليج، حيث يرتكز النموذج الجديد في آلية عمله على نظام الرذاذ، يوفر 95% من الطاقة و75% من المياه، بالمقارنة مع نظام التبريد التقليدي المعتمد على المراوح والوسائد والمستخدم على نطاق واسع في المنطقة.

حلول بديلة
وعما إذا كانت الزراعة التقليدية كافية لتحقيق الأمن الغذائي العالمي؟ قالت الوافي: «وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، سيتعين زيادة الإنتاج الغذائي بنسبة تصل إلى 60% إما من خلال زيادة إنتاجية المحاصيل لكل وحدة مساحة، أو عن طريق التوسع في الأراضي الزراعية لتلية الطلب المستقبلي، كما قد تبلغ الزراعة الصناعية مرحلة تعجز عندها عن إنتاج الغذاء الكافي للتعداد السكاني المتنامي، والأهم من ذلك توقع انخفاض إنتاجية المحاصيل الرئيسية بنسبة 25% وأكثر بحلول العام 2050، بسبب التغير المناخي والتدهور السريع للأراضي في سيناريو العمل المعتاد.
وبسؤالها أيضاً عن دور المركز لحل هذه المشكلة؟ قالت: «تبرز حاجة ملحة إلى تحديد واختبار وإدخال حلول بديلة غير تقليدية، لتحقيق استدامة الإنتاجية الزراعية وزيادتها، إن أمكن، في مناطق تخفض فيها النهج التقليدية الرئيسية وتثبت عدم جدواها اقتصادياً، فمثلاً يمكن زراعة محاصيل بديلة غير تقليدية مثل «الكينوا» و«الدخن اللؤلؤي» في مناطق تتأثر بالملوحة والجفاف، حيث ينتشر شح المياه، يمكن استخدام أنواع بديلة من المياه لأغراض الزراعة بأنواعها المختلفة مثل مياه البحر، في حين تحفظ موارد المياه العذبة للاستهلاك البشري».
وحول جهود المركز في مجال البحوث والتنمية، قالت الوافي: «حقق «إكبا» عدة نجاحات في هذا الجانب، منها زراعة أصناف من الأعلاف غير التقليدية المتحملة للملوحة والجفاف وذات إنتاجية بنسبة تصل إلى 38% بالمقارنة مع الأصناف المحلية التجارية التي تزرع على نطاق واسع، وقد جاءت زراعة هذه الأصناف في أراضٍ متأثرة بالملوحة لتبرهن كفاءتها في تحقيق زيادة في الإنتاجية الزراعية بنسبة تتجاوز 20 %.