عبدالله الطنيجي (أبوظبي)

إنها زائر «ثقيل الظل».. وبمثابة «الرعب» الذي يطارد اللاعبين فجأة ومن دون سابق إنذار.. وتبعدهم عن «المستطيل الأخضر» طويلاً.. ويحتاج الغالبية منهم إلى وقت طويل لاستعادة بريقهم وتوهجهم.
الحديث هنا عن إصابة الرباط الصليبي، وهي هاجس يؤرق اللاعبين الذين يجدون أنفسهم في دوامة إجراء جراحة عاجلة في الركبة، وبدء مرحلة طويلة من التأهيل قبل الانخراط في التدريبات، والعودة إلى المشاركة في المباريات.
والآثار السلبية لا تقتصر على اللاعب فقط الذي يتعرض للإصابة، ولكنها تربك حسابات الأندية والأجهزة الفنية، لأن المدرب يجد نفسه لا يستفيد من جهود لاعب لفترة ربما لا تقل عن ستة أشهر، وربما أكثر من ذلك.
وإصابات «الرباط الصليبي» تحديداً، في حال مداهمتها الأوراق الأساسية، كفيلة بنسف خطط الأندية وطموحاتها الكبيرة في المنافسة محلياً وقاريا، وتُصيب الأجهزة الفنية بالانزعاج، لأنها تكون سبباً لإبعاد لاعبين متميزين عن الفريق.
في بداية موسم دوري الخليج العربي، تعرض 5 لاعبين مواطنين لـ «شبح» الإصابة بالرباط الصليبي، وهم محمد سيف، وسلطان السويدي «الظفرة»، وحسن المحرمي «بني ياس»، وعبدالرحمن علي «الوصل»، وعلي حسن «خورفكان»، والقائمة قابلة للزيادة، والأسباب مجهولة، والأطقم الطبية تقف في حيرة من كثرة عدد المصابين ويتطلب علاجها عدة شهور، ويجري الأطباء يومياً العديد من الجراحات للاعبي الرياضات المختلفة، ومثل هذا النوع من الإصابات يكبد الأندية تكاليف كبيرة، بداية من الصرف على الجراحة والتأهيل الطويل، في حين يفقد اللاعب ثقته في نفسه، بعد تعرضه للإصابة، ويعيش حالة من القلق والخوف على مستقبله، أو على الأقل استعادة مستواه قبل أن تداهمه الإصابة.
وأكد الدكتور نادر درويش استشاري جراحة الركبة والإصابات الرياضية، في مستشفى برجيل على قيامه بإجراء 35 جراحة شهرياً، و420 جراحة سنوياً في الرباط الصليبي في مختلف الألعاب في الإمارات، وهذا رقم كبير، نظراً لعدد ممارسي الرياضة، وهناك أسباب تؤدي لانتشار وحدوث هذه الإصابات، رغم توافر الخدمات، ومن أبرز الأسباب، ممارسة الرياضة بشكل خاطئ، وعدم التقيد بالمحاذير الطبية، وفقدان الثقافة الرياضية.
وقال: نسبة الإصابة التي تم نشرها عالمياً في أميركا، هي إصابة من كل 3 آلاف نسمة على مستوى العالم، ومن خلال خبرتنا في دول الخليج العربي، فإن الإصابة تتضاعف ثلاث أو أربع مرات، مقارنة بالنسبة العالمية، وهذه الإصابات تحتاج إلى تأهيل طويل، حتى تعود الركبة إلى طبيعتها، وتعتبر إصابات الرباط الصليبي الأمامي الأكثر شيوعاً خلال ممارسة الألعاب الرياضية، خاصة كرة القدم والسلة والطائرة التي تحتاج إلى القفز والدوران.

سيف: الإصابة في التدريب!
أشار محمد سيف، لاعب الظفرة الذي تعرض للإصابة بـ «الرباط الصليبي» مؤخراً إلى أنه لا يوجد وقت محدد يصاب فيه اللاعب بدليل أن الإصابة داهمتني في نهاية التدريب، عندما سمعت «طرقعة» في الركبة على مرات متقطعة، وتوقفت عن التدريب، وتوجهت إلى الطبيب، وتم إسعافي بـ «الثلج»، وبعد ذلك ذهبت إلى أحد المستشفيات، وأجريت أشعة مقطعية للتأكد من الإصابة، ومن هناك عرفت أنها «الرباط الصليبي»، واستسلمت للأمر الواقع، وحالياً في مرحلة البحث عن مستشفى وطبيب متخصص في هذه الإصابات لإجراء الجراحة.
وقال «أشكر شركة الكرة لوقفتها معي للتخفيف من (الصدمة)، وكذلك منحي الضوء الأخضر لاختيار المستشفى الذي أجري الجراحة فيه، وتم الاتفاق على (مركز الفيفا) بدبي، لوجود طبيب فرنسي زائر ومعتمد، وسبق أن أجرى العديد من الجراحات المعقدة في إصابات الرباط الصليبي لعدد من نجوم الكرة العالمية، الأمر الذي شجعني على ذلك، وحالياً أنتظر الموعد المحدد من مركز الفيفا خلال الشهر الحالي».

القبيسي: الظفرة يوفر أفضل العلاج لأبنائه
أكد أحمد عمران القبيسي عضو شركة الظفرة لكرة القدم، والمشرف العام للفريق الأول، أهمية الحفاظ على اللاعبين وتوفير الدعم لهم، من خلال إيجاد أفضل سبل في علاج الإصابات التي لاحقت لاعبي الفريق مؤخراً، في بداية دوري الخليج العربي، وزادت الإصابات بصورة غير طبيعية عن سابقتها، مما يدعونا للتدخل في إيجاد الحلول لها، ولعدم تفاقمها، من خلال الجلوس مع الأطقم الطبية والفنية في النادي.
وقال: نادي الظفرة لا يتخلى عن أبنائه عندما يتعرضون للإصابة، بل يقوم بتحمل نفقات علاجهم، وهذا أقل واجب تجاههم، نظراً لعطائهم في التدريبات والمباريات وخدمة الفريق.

السويدي: ملاعب غير مؤهلة
أكد سلطان السويدي، لاعب الظفرة، أن الإصابات تعود إلى الضغط الزائد والالتحامات أثناء التدريب، وعدم الراحة الكافية، يضاف إلى ذلك أرضية الملاعب غير مؤهلة، لأنها من «العشب الخشن»، الذي تسهم إلى حد كبير في كثرة التعرض للإصابات.
وطالب السويدي، الذي أجرى أمس جراحة ناجحة في «مركز الفيفا»، بضرورة افتتاح مراكز طبية رياضية مؤهلة لعلاج الإصابات، لأن اللاعبين يهدرون الوقت في البحث عن مركز طبي، وأطباء مشهود لهم بالخبرة والسمعة في إجراء هذا النوع من الإصابات، وعدم الاعتماد على مركز واحد فقط، لأنه أصبح يعالج كل فئات المجتمع، وليس الرياضيين فقط.

مشاهير ضحية «الإصابة المنحوسة»
تعتبر إصابة الرباط الصليبي، أسوأ ما يتعرض له اللاعب لأنها تجبره على الغياب اضطرارياً لفترة طويلة، ومن النجوم العالميين، شهدت الفترة الأخيرة إصابة
الدولي الإسباني ماركو أسينسيو، نجم ريال مدريد، ولكن التاريخ يشهد أن نجوماً كباراً عانوا من «الإصابة المنحوسة».
ويأتي في مقدمتهم «الظاهرة» رونالدو، الذي عانى من الإصابة بقميص الإنتر الإيطالي أواخر تسعينيات القرن الماضي، وغياب لمدة عامين، إلا أنه استعاد بريقه، وأسهم في فوز «السامبا» بمونديال 2002.
ولا ينسى أحد الأسطورة الإيطالي روبيرتو باجيو الذي داهمته الإصابة في مقتبل المشوار، وهو في سن 18 عاماً إلا أنه عاد قوياً سواء مع المنتخب أو الأندية التي لعب لها، ومن الغرائب أن الإصابة داهمت
زلتان إبراهيموفيتش وهو في سن الخامسة والثلاثين، عندما كان يلعب
لمانشستر يونايتد الإنجليزي موسم 2017-2018، وضمت القائمة فيكتور فالديز الحارس الشهير لبرشلونة الإسباني، وذلك في المراحل الأخيرة من مشواره مع «البارسا».
الغريب أن النجم الهولندي ماركو فان باستن، عانى من الإصابة في غضروف الركبة أجربته على إجراء عدد من الجراحات آخرها عام 1993، ووجد نفسه مجبراً على الاعتزال قبل الأوان.