اتجهت بوصلة الأندية السعودية صوب المدرسة الأوروبية هذه المرة للتعاقد مع مدربين جدد لتولي مسؤولية الإدارة الفنية لفرقها لكرة القدم في الدوري الموسم المقبل 2011-2012. وتختلف الحال هذه المرة عن سابقاتها، لأن الأندية السعودية استقرت على أسماء ذائعة الصيت في القارة العجوز، وابتعدت عن الأسماء المغمورة على عكس ما كان متبعاً في المواسم السابقة. الفريق الوحيد من ضمن الأندية صاحبة الشعبية الكبيرة الذي انحرفت بوصلته عن التعاقد مع مدرب أوروبي، كان النصر، حيث اتجه مؤشر البحث لدى مسؤولية إلى التنقيب عن مدرب في أميركا الجنوبية طمعاً في العودة إلى منصات التتويج، حيث استقر على الأرجنتيني جوستافو كوستاس مدرب اليانزا ليما البيروفي بعدما رفض البارجوياني دييجو أجويري والأرجنتيني الآخر خوسيه بيكرمان تحمل مسؤولية تدريب الفريق. وكانت آخر التعاقدات الأوروبية هي التي قام بها الهلال بطل الدوري مع المدرب الألماني توماس، بينما وحده الأهلي لم يتوصل إلى اتفاق مع أي مدرب حتى الآن، فيما عدا ذلك اكتمل نصاب مدربي الأندية السعودية للموسم الجديد. بداية تعاقدات المدربين جاءت بإعلان الشباب ارتباطه مع البلجيكي ميشال برودوم (52 عاماً) لمدة ثلاثة مواسم سيتقاضى خلالها مليوني يورو في الموسم مع احتمال زيادة المبلغ الذي سيتقاضاه إلى 3 ملايين يورو في الموسم الثالث. وفضل برودوم العمل مع الشباب على تدريب ليون الفرنسي، ووصف في وقت سابق تدريب الشباب بـ”فرصة العمر” التي لا تأتي سوى مرة واحدة، ويجب استغلالها لتأمين مستقبل عائلته، لأنه لم يجن الكثير من الأموال عندما كان لاعباً. وقاد برودوم ستاندار لياج في موسم 2007-2008 إلى لقب الدوري البلجيكي للمرة الأولى منذ 25 عاماً وأصبح أول من يتوج معه لاعباً ومدرباً، وانتقل بعدها إلى مواطنه جنت وفاز معه بكأس بلجيكا 2010. وفي الموسم المنصرم أشرف على تدريب فريق تونتس أنشكيدة الهولندي وقاده إلى إحراز الكأس السوبر (2010) والكأس المحلية (2011)، وحل ثانياً خلف أياكس أمستردام في الدوري، كما شارك معه في الموسم الماضي بدوري أبطال أوروبا. يذكر أن الشباب كان تعاقد في بداية الموسم الماضي مع الأوروجوياني خورخي فوساتي الذي أقصي من منصبه ورحل لتدريب السد القطري ليخلفه الأرجنتيني أنزو هيكتور الذي أقيل من منصبه هو الآخر لسوء النتائج لتغلق بذلك الإدارة الشبابية ملف المدرسة اللاتينية. وأبقى الاتحاد على مدربه “الداهية” البلجيكي ديمتري الذي تعاقد معه في نهاية الموسم المنصرم بعدما ألغى التعاقد مع مدربه السابق البرتغالي توني أوليفيرا والذي حل بديلاً لمواطنه مانويل جوزيه عقب المستوى المتواضع الذي ظهر عليه الفريق في مباراته أمام بونيودكور الأوزبكي في آخر مبارياته بدور المجموعات في مسابقة دوري أبطال آسيا. وسبق لديمتري أن درب الاتحاد ثلاث مرات أحرز معه خلالها 15 بطولة، كما أنه أشرف على تدريب الأهلي مرة واحدة، وتجمع جماهير الاتحاد بالمدرب البلجيكي علاقة خاصة، إذ إنه في المرات الأربع التي تولى فيها قيادة الفريق كان بناء على طلبهم حيث يطلقون عليه لقب “صائد البطولات الاتحادية”. ونجح ديمتري في العبور بالاتحاد إلى ربع نهائي مسابقة دوري أبطال آسيا على حساب الغريم التقليدي الهلال، لكنه خسر نهائي الكأس أمام الأهلي بركلات الترجيح، ومع ذلك تم تجديد عقده رغم تغير الأوضاع الإدارية بتولي اللواء محمد بن داخل الجهني رئاسة النادي خلفاً لإبراهيم علوان. وعاد الاتفاق مرة أخرى إلى المدرسة الأوروبية بعدما نجح مسؤولوه في التعاقد مع المدرب الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش، وبدأ ايفانكوفيتش (57 عاماً) مشواره التدريبي عام 1991 مع فارتيكس ثم انتقل إلى سيجيستا (1995-1996) ورييكا (1996-1997) قبل أن يتولى مهام مساعد المدرب في المنتخب الكرواتي (1997-1999) والمدرب في هانوفر الألماني (1999-2000)، انتقل بعدها إلى إيران وعمل مساعداً لمدرب المنتخب (2001-2002) ومدرباً لمنتخب دون 23 عاماً (2002-2003) قبل تسلم المنتخب الأول (2003-2006) وأحرز معه المركز الثالث في كأس آسيا 2004 وقاده إلى مونديال ألمانيا 2006، ثم درب دينامو زغرب (2006-2008) وتوج معه بالدوري والكأس المحليين، قبل الإشراف على شاندونج لونينج الصيني (2010-2011). وكان الاتفاق قد استغنى عن مدربه الروماني إيوان مارين في الأمتار الأخيرة من الموسم الماضي على الرغم من النتائج المميزة التي حققها مع الفريق لعدم اقتناع جماهيره بمستوى الفريق ليتعاقد مع المدرب التونسي يوسف الزواوي الذي انتهت مهمته بنهاية الموسم. واستمر القادسية على نهجه السابق بالتعاقد مع المدرب البرتغالي ماريانو مورتو ليقود الفريق خلفا للبلغاري ديمتار ديمتروف. بدورها أنهت إدارة نادي نجران وبشكل رسمي التعاقد مع المدرب المقدوني جويكو حاجيفسكي لخلافة البرتغالي جوزيه راشاو والذي لم يستمر مع الفريق لأكثر من نصف موسم، ويملك حاجيفسكي سجلاً تدريبياً جيداً، حيث سبق له أن قاد فريق فاردير المقدوني إلى اللقب المحلي أعوام 1993 و1995 و2001 و2002 ودرب سسكا صوفيا البلغاري وحقق معه بطولة الدوري عام 1994، كما درب فريق باكو الأذربيجاني وقاده إلى اللقب عام 2009. واتجه الأنصار الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء إلى المدرب البوسني بلازا سليسكوفيتش. ويعد هجر الفريق الثاني بعد النصر الذي لجأ إلى المدرسة اللاتينية بالتعاقد مع المدرب البرازيلي أدونالد باتريسيو لقيادة الفريق العائد حديثاً إلى دوري الأضواء، بعد غياب استمر 13 عاماً. وفضلت 4 أندية أخرى إلى جانب الاتحاد من بين 14 نادياً في الدوري السعودي الاحتفاظ بمدربيها في مناصبهم، حيث أبقى الفتح مدربه التونسي فتحي الجبال على رأس الإدارة الفنية للفريق للموسم الرابع على التوالي، والفيصلي مدربه الكرواتي زلاتكو للموسم الثاني على التوالي، والتعاون مدربه الروماني فلورين متروك، والرائد على مدربه البرتغالي بوريكو جوميز الذي قدم للإشراف على تدريب الفريق منتصف الموسم الماضي. وسبق لغوميز ان خاض تجربة سابقة في السعودية مع الوحدة. وبلغت خسائر الأندية من عملية استبدال مدربيها في الموسم الماضي ما يقارب 40 مليون ريال، حيث وصلت قيمة التعاقد مع المدربين الذين قادوا الفرق في بداية الموسم نحو 37 مليون ريال، بينما بلغت عقود المدربين الذين قدموا في منتصف ونهاية الموسم كمدرين بدلاء ما يقرب 17 مليون تمثل قيمة عقود 19 مدرباً، تم استقطابهم كبدلاء لأولئك الذين تم التعاقد معهم بداية الموسم وتم تسريح بعضهم ووصل العدد الإجمالي إلى 30 مدرباً. كثرة تغيير الأندية للمدربين تطرح أسئلة عدة في الوسط الرياضي السعودي بينها: إلى متى ستواصل الأندية تحطيم هذه الأرقام، وإلى متى ستظل العشوائية في الاختيارات، وإلى متى سيكون المدرب السعودي خارج نطاق الخدمة؟