أحمد السعداوي (أبوظبي)
انطلقت أمس الأول، في المسرح الوطني بأبوظبي، فعاليات مهرجان كوريا 2018، الذي يستمر حتى 14 نوفمبر المقبل، وتنظمه وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بالتعاون مع سفارة كوريا الجنوبية في الدولة، بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» «عام زايد»، وتركز فعالياته على الراحل الكبير وإنجازاته، ودوره المحوري في ترسيخ وتوطيد دعائم العلاقات الثنائية بين البلدين.
شهد الافتتاح بارك كانج هو سفير جمهورية كوريا الجنوبية لدى الدولة، وربى الحسن مستشارة وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وعدد من كبار الشخصيات من السلك الدبلوماسي والقيادات الثقافية من كلا البلدين.
ضوء التوافق
وشهدت الأمسية الافتتاحية للمهرجان، مجموعة من العروض المتنوعة، بدأت بعرض فني بعنوان: «إحياء ذكرى زايد.. الضوء في التوافق»، وقدم ذكرى المغفور له الشيخ زايد في تعابير ضوئية فنية راقية، استعرضت قصة المغفور له الشيخ زايد، وعلاقة الصداقة بين الإمارات وكوريا الجنوبية الممتدة لسنوات طويلة، تبعه عرض لخمسة من فناني مركز جيندو الوطني للموسيقا الكورية التقليدية، قدموا خلاله أداءات فنية اعتمدت على آلات الإيقاع، ثم عرض راقص شاركت فيه 7 فنانات يرتدين اللباس التقليدي الكوري، بمعية مقطوعات موسيقية فولكلورية تميزت بسمتها الهادئ الذي يأخذ السامع والرائي إلى آفاق بعيدة في فنون الموسيقا والأداء الحركي المنتشرة في تلك البقعة في قارة آسيا، إضافة إلى عروض فنية أخرى سلطت الضوء على جوانب متعددة في الثقافة الكورية وموروثها الثقافي.
مشتركات تشكيلية
وشهدت الأمسية معرض «الفن الإماراتي الكوري لعام زايد» الذي شارك فيه 10 فنانين تشكيليين من الإمارات وكوريا، قدموا 32 عملاً إبداعياً عبرت عن الشيخ زايد والتراث الإماراتي من جهة، والبيئة والثقافة الكورية من جهة أخرى، واستضافه المركز الثقافي التابع لوزارة الثقافة المجاور للمسرح الوطني، وأبرز هذه الأعمال لوحتا «زايد في عيون فنان» و«مئوية زايد» للفنان الإماراتي محمد مندي،
والعمل التشكيلي «الوالد زايد مساحة اللانهاية» للفنان الكوري آهن موها، وسيستمر المعرض مدة شهر، كجزء من فعاليات المهرجان.
وقال الفنان الإماراتي محمد مندي، إنه يتشرف بالمشاركة في فعالية تحتفي بالشيخ زايد «طيب الله ثراه»، وأضاف: أشارك بـ 6 لوحات تركز على الوالد زايد ومكانته في قلوب أهل الإمارات والعالم، الأولى بعنوان «زايد في عيون فنان» وهي عبارة عن صورة للشيخ زايد رسمتها بكتابة اسمه 200 ألف مرة، وهذه اللوحة استغرقت عاماً كاملاً، وشاركت بنسخة منها لأن الأصل في وزارة شؤون الرئاسة، أما اللوحة الثانية: «زايد العطاء»، فهي لوحة خطية لونية، بأرضية ذات لون بنفسجي وحروف بألوان الأبيض، الأخضر، والأزرق بما تحمله من أبعاد ومعانٍ جميلة للحياة، وكلما ابتعدت عنها تجد حروفاً أو اقتربت ترى حروفاً أخرى. أما اللوحة الثالثة فتضم مقولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة: «علموا أولادكم ما أحبه زايد»، وزينت النقاط المكونة للوحة بقلوب وورد. فيما تناولت اللوحة الرابعة: «سحابة مطر» اسم الشيخ زايد ممتزجاً بسحابة ممطرة لترمز لـ (زايد الخير). فيما تلونت حروف اللوحة الخامسة: «زايد الاتحاد» بألوان علم الدولة، بينما كلمة الاتحاد باللون الذهبي، واللوحة السادسة: «مئوية زايد» التي تصدرت المعرض، وقد عملت عليها 3 شهور، وفي رقم (واحد) كتبت اسم زايد 20 مرة، والصفر الأول كتب فيه اسم زايد 40 مرة، والصفر الأخير 40 مرة، فيكون الإجمالي 100مرة، وقد استخدمت خلفية باللون الأخضر الذي عشقه زايد، فضلاً عن أن هذه اللوحة مخلوطة بماء زمزم وبعض اللوحات مخلوطة بماء المطر، وهي جميعاً رموز للخير والعطاء المعروف عن الشيخ زايد «طيب الله ثراه».
الارتباط بالبيئة
الفنانة التشكيلية الإماراتية نورة الهاشمي، أوضحت أنها شاركت في الدورة السابقة من المهرجان الكوري بـ 15 عملاً فنياً إلى جانب الفنان الكوري الجنوبي كيم تا آون، وهذا العام تشارك بـ 3 لوحات معبرة عن الشيخ زايد، والتراث الإماراتي، وهي جميعاً بألوان الماء، مؤكدة أن هذه المشاركة تؤكد حبنا للشيخ زايد الذي يحظى بتقدير عالمي بين كل شعوب الأرض، وهو ما نراه ونلمسه في مشاركات متنوعة خارج الدولة، حيث يحرص العارضون دوماً على وضع صور الشيخ زايد في أماكن مميزة، كما أوضحت أن السمة المشتركة بين كل من الفنانين الإماراتيين والكوريين ارتباط كل منهم بالبيئة التي نشأوا فيها، حيث ارتبطت أعمالهم بالطبيعة في كوريا الجنوبية مع اتباعهم للمذهب التجريدي في التعبير عن تلك الطبيعة، بينما يهتم الإماراتيون دوماً بتراثهم وتاريخهم وقادتهم وفي مقدمتهم الوالد زايد «طيب الله ثراه».
فيما عبر الفنان الكوري، آهن موها، عن سعادته بعرض أعمال فنية خاصة به عن الشيخ زايد، كونه شخصية عالمية ويعرفه الكثيرون في أنحاء العالم بجهوده في إنشاء دولة الإمارات، وأنه كان سبباً رئيساً في العلاقات الجيدة التي تربط دولة الإمارات بشعوب الأرض، مشيراً إلى أنه شارك بعدة صور للشيخ زايد مستخدماً فيها الأسلاك الفولاذية، في نمط فني حديث يعطي انطباعاً مشابهاً للذي يعطيه الرسم بالقلم الرصاص، نجح من خلالها في التعبير عن ملامح الشيخ زايد رغم صعوبة التحكم في الخامة المستخدمة وهي أسلاك الفولاذ، متمنياً المشاركة في فعاليات أخرى قادمة خاصة بالوالد زايد، بعد التشجيع الذي وجده من جمهور المعرض والإشادة بصور زايد التي قدمها.
زميله كيم تا آون، والذي قدم لوحات للشيخ زايد مصنوعة من تكوينات الملح والضوء، مشيراً إلى أن الضوء يعبر عن جمال النفوس وبينما الملح على الصبر والحفاظ على الأشياء والمكتسبات، أوضح أنه يشارك للمرة الثانية ضمن فعاليات المهرجان الكوري في الإمارات، ويراها فرصة جيدة لإحداث التلاقي بين ثقافات الشعبين، اللذين يكنان لبعضهما كل الود عبر تاريخ من العلاقات القوية يعود لعشرات السنين، أرسى قواعدها الشيخ زايد، رحمه الله.
فعاليات قادمة
يقدم المهرجان خلال الفترة المقبلة عديداً من الفعاليات التراثية والفنية منها: حفل يقدم في السابعة مساء الأربعاء المقبل في المسرح الوطني، ويحتوي على عرض موسيقي، ورقص كوري تقليدي مقدم من أوركسترا نام وون للموسيقا الكورية، وحفل مصغر لمغني الآر أند بي الشهير هوي سونج. أما عشاق الثقافة والسينما الكورية فسيكونون على موعد مع عروض الأفلام الكورية من 7 إلى 10 نوفمبر في فوكس سينما بياس مول من الثانية وحتى العاشرة مساء كل يوم، وسيتم عرض مجموعة متنوعة من الأفلام التاريخية والأكشن والدراما والرسوم المتحركة، كما يعرض الوثائقي الإماراتي «عسل ومطر وغبار» لنجوم الغانم، كما يتضمن المهرجان مجموعة واسعة من الأعمال الحرفية التقليدية في المركز الثقافي الكوري من 17 إلى 25 أكتوبر، حيث تم الإعداد لمهرجان هذا العام بتشكيلة منوعة من الفعاليات والأنشطة تلبي ذائقة مختلف فئات الجمهور.
سفير كوريا الجنوبية لـ "الاتحاد":: الفهم المتبادل يبدأ من تعلم ثقافة الآخر
على هامش افتتاح المهرجات التقت «الاتحاد» السفير الكوري بارك كانج هو، الذي قال إن الهدف الرئيس من إقامة المهرجان منذ عام 2013 وحتى الآن، أنه يمثل رمزاً للعلاقة الودية بين الإمارات العربية المتحدة وكوريا، إذ يجمع المهرجان آلاف الناس سنوياً مما يعزز التفاهم المتبادل بينهم من خلال الثقافة والفنون، موضحاً أن نسخة هذا العام أقيمت تزامناً مع احتفالات الإمارات بعام زايد، طيب الله ثراه، الذي نكن له قدراً كبيراً من الحب والاحترام. وقد أعددنا مهرجان كوريا لهذا العام على نحو يجسد اعتزازنا بذكريات المغفور له الشيخ زايد «طيب الله ثراه»، كما أننا نحرص على التبادل الثقافي مع الإمارات وأن تكون دولة الإمارات وجمهورية كوريا على وفاق. إنني على يقين من أن مهرجان كوريا المتزامن مع «عام زايد» سوف يذكرنا بمدى أهمية الإرث الذي خلفه المغفور له لنا جميعاً؛ شعبي الإمارات وكوريا.
وحول نظرته للعلاقات الثقافية الإماراتية الكورية، أورد السفير بارك كانج هو أن العلاقات بين الإمارات وكوريا شهدت نمواً تدريجياً منذ عام 2009 مع مشروع محطة براكة للطاقة النووية، حيث تطورت علاقة البلدين إلى علاقة شراكة استراتيجية خاصة، وقد التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومون جيه إن، رئيس جمهورية كوريا الجنوبية خلال زيارته الرسمية للإمارات، والتي كانت حدثاً هاماً في علاقة البلدين. التفاهم المتبادل هو أساس التعاون في أي مجال بين دولتين، الفهم المتبادل يبدأ من تعلم ثقافة الآخر. لذلك فإن الأحداث الثقافية تقود وتتابع التعزيز بين علاقة البلدين بشكل طبيعي.
وعن أوجه التشابه الثقافي بين البلدين أكد السفير الكوري أن البلدين يتشاركان في جوانب كثيرة متشابهة، فثقافة كل منهما تقدر العلاقات الأسرية واحترام الكبير وحسن الضيافة. وثمة تشابه في التجربة التنموية حيث تقود كلاهما تطورات كبيرة في مختلف المجالات. وعن أسباب الإقبال على الثقافة الكورية بين شباب الإمارات، بين أن الإمارات وكوريا تجمعهما خلفية ثقافية مشابهة للغاية، مما جعل الثقافة الكورية قريبة إلى قلوب الشباب الإماراتي.