عمر سمرة يخطط لتسلق قمم العالم السبع متحدياً قلة الأكسجين والبرودة
حقق المصري عمر سمرة مؤخراً إنجازاً جديداً بتسلق جبل كليمنجارو أعلى جبل في قارة أفريقيا يضاف إلى إنجازه الذي حققه في عام 2007 باعتباره أول عربي يصعد قمة إيفرست الأعلى في العالم. ويبلغ سمرة من العمر 32 عاماً، وولد في إنجلترا من أب وأم مصريين، وعمل في عدة شركات استثمارية، ولكنه ترك عمله ووقع في غرام تسلق الجبال في عمر 20 سنة لاكتشاف هذا العالم المجهول.
تسلق عمر سمرة في مغامرته الأخيرة جبل كليمنجارو في رحلة كانت تحمل شعار “دمج المغامرة مع العمل الخيري” بهدف لفت أنظار العالم تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة وجمع التبرعات لمساعدتهم، ورافقه خلال تسلق الجبل فريق من 26 شاباً وشابة، منهم 20 مصرياً، وأميركيان ونيباليان ولبناني، واستغرقت الرحلة 7 أيام.
أبرز المخاطر
حول مغامراته في تسلق الجبال الوعرة وأبرز المصاعب والمخاطر التي تعرض لها، يقول سمرة: “واجهتنا خلال هذه الرحلة صعوبات كثيرة منها وعورة الجبل نظراً لطبيعته الصخرية وارتفاعه الشاهق الذي يبلغ 5895 متراً، وهو أعلى جبل في أفريقيا، فضلاً عن رهبة ووحشة المكان والبرد القارس ونقص الأكسجين”.
وعن رحلة صعوده قمة إيفرست، يوضح: “كنت في لندن أعد رسالة الماجستير عندما تلقيت رسالة إلكترونية تسأل عن أشخاص يرغبون في تسلق إيفرست، وتغيرت كل أولوياتي ووافقت على المشاركة في هذه المغامرة، وبدأت التدريبات التي استمرت عامين كاملين”. ويضيف: “استغرقت الرحلة نحو خمسة أشهر، حيث يبلغ أول جزء من قمة الجبل 8500 متر، وتكون فيها مدة التسلق من 6 إلى 8 ساعات، ورغم أن المتسلق مربوط بحبل فإنه مع أي خطأ معرض للموت؛ لأنه كلما ارتفع أكثر من اللازم تقل نسبة الأكسجين، وبالتالي لا يستطيع التفكير بطريقة سليمة.
رغم الصعوبات والخوف لدرجة أنني فكرت كثيراً في العودة فإنني أردت أن أحقق هدفي وأرفع علم مصر على سقف العالم قمة إيفرست، وقد تسلقت أعلى ثلاثة جبال قبل ذلك في كل قارة”.
ويتابع سمرة: “أكبر مشكلة واجهتني كانت انخفاض درجة الحرارة، حيث تتراوح بين 50- 60 درجة تحت الصفر، فضلاً عن أن تضاريس الجبل تتميز بالوعورة، وهناك فراغات في الجبل تفصل بين أجزائه ونضطر لعبورها باستخدام السلالم ما يجعل لحظة عبورها صعبة وهذه الفراغات تتميز بالعمق الشديد لدرجة أن النيباليين يبالغون فيقولون إن من يسقط هناك يصل إلى أميركا”.
آليات المواجهة
حول الآليات التي يتبعها سمرة ورفاقه لمواجهة تلك الصعاب، يقول: “كنا نضع ضمادات تتفاعل مع الأكسجين على أكفنا لتوليد الحرارة محاطة بثلاثة قفازات ثقيلة ومع هذا كنت أحس بالبرودة، فضلاً عن نقص المياه، حيث لم نكن نحمل ماءً من أجل تخفيف الأثقال، فكنا نضطر لإذابة الجليد باستخدام سخانات، ولكي نحصل على لتر واحد نستغرق حوالي 45 دقيقة، ويحتاج الإنسان إلى 4 لترات يومياً في مثل هذه الارتفاعات، وكنا 4 في الفريق وكمية الأكسجين تتناقص كلما ارتفعنا حتى تصل إلى ثلث ما على الأرض، وهو ما كان يصيبني بالدوار والصداع والتشتت، بجانب الإرهاق والتعب من أي عملية وخلال رحلة تسلق إيفرست لم أستحم سوى مرتين خلال تسعة أسابيع مما جعلني أتوق إلى حمام مياه دافئ وفراش وأكسجين”.
ويقول: “من أصعب المواقف خلال رحلة تسلق إيفرست أنه عندما كنا في طريقنا إلى القمة سقط مرشد نيبالي صريعاً من فرقة أخرى من فوق مرتفع صخري، ولمحت أثناء تسلقي جسداً متجمداً، كما تعرضت للدغة عقرب مرتين وكدت أفقد حياتي ولم يكن هذا مشجعاً على الإطلاق على مواصلة المسيرة، ولكن كان لا بد من التغلب على الصعاب، ولم يكن هناك مجال للتراجع والتفكير في الصعود للقمة ليس هينا؛ ولذلك كنت أقسم الهدف إلى مراحل وعندما أصل لمرحلة منه كنت أشعر بالحماس وفي مرة أثناء التحضير للرحلة أصابني فيروس أقعدني لمدة شهرين ونصف الشهر، وكنت أشعر بالرغبة الشديدة في التخلص من المرض حتى أواصل الرحلة، حيث كانت الحركة ممنوعة وأنا أعرف مسبقاً الأخطار والعواقب، فإيفرست كان مقبرة من قبل لمائتي مغامر داعبهم حلم الوصول للقمة، وهناك أكثر بكثير لم نعلم عنهم شيئاً. فعند ارتفاعات 8 آلاف متر فأكثر يفقد المتسلقون القدرة على الحياة”.
صفاء وتأمل
يضيف سمرة: “لا أستطيع وصف إحساسي بعد الصعود إلى قمة إيفرست، فهو فريد من نوعه فأنت فوق سقف العالم في مكان تعجز المروحيات عن الوصول إليه وأنت قد وصلت إليه بمخالبك، كما أن المشهد من فوق القمة لا يمكن وصفه ويومها كان اليوم صافياً، حيث رأيت قمة جبلية في باكستان، ويتيح الوقوف على القمة رؤية حواف الكرة الأرضية، والتأكد من نظرية أن الأرض كروية وهبطت من الجبل بعد أن تذكرت أن معظم ضحايا إيفرست لقوا حتفهم وهم في طريقهم للنزول”.
وعن عشقه لهواية تسلق الجبال رغم مخاطرها الكبيرة، يقول: “أنا فضولي، وأعشق السفر والترحال، إلى جانب حبي للتعرف إلى ثقافات الشعوب الأخرى، وإتيان كل ما هو غريب وغير مألوف. ولا أعد متسلق جبال بل مغامراً، فقد طفت إسبانيا على دراجة لمدة أسبوعين، وقمت برحلة في ديسمبر 2002 ولمدة عام وتحديداً 370 يوماً إلى 14 دولة في آسيا وأميركا اللاتينية”.
ويوضح أن “الجبال تتميز بالرحابة والسعة، فهي هادئة مما يعطيك القدرة على التأمل في صنع الخالق، وأعتبر الجبال أفضل مكان للروحانيات فأستلهم الأفكار خلال تسلقي للجبال، حيث يغلب على الإنسان السكينة والصفاء العقلي. ويكتسب متسلق الجبال قوة التحمل بشكل أكبر من أي رياضة أخرى، حيث إنها عملية شاقة للغاية وتتطلب الكثير من المجهود وتعود بالإنسان إلى أبسط حالات المعيشة، بجانب حسن تقديره للأمور”.
بداية العشق
يقول سمرة: “في صغري، سافرت إلى أماكن كثيرة حول مصر، ولكن المتعة في التعرف إلى ثقافات وشعوب جديدة لن تتأتى إلا بالسفر إلى دول أخرى خاصة شعوب آسيا وأميركا اللاتينية، وهذه الشعوب لا نعرف عنها شيئاً؛ ولذلك لم أعمد إلى الترحال في أوروبا أو أميركا. فمثلاً منغوليا عبارة عن مساحات شاسعة من الصحارى وسكانها يعيشون بطرق قبلية بدائية جداً، فقط العاصمة أولان باتور هي التي تتمتع بقدر من التحضر”.
ويضيف: “حبي للجبال بدأ في السادسة عشرة من عمري حينما كنت في رحلة إلى جبال الألب في سويسرا، كانت أول مرة أرى فيها جليداً وجبالاً. أسرتني الجبال وحينها قررت أن أتسلق الجبال، وأن يكون هدفي هو تسلق إيفرست ومن هنا بدأ الحلم”.
ويعرب سمرة عن تمنياته بأن تولي وزارة السياحة المصرية أهمية لرياضة تسلق الجبال ونشرها في مصر لفوائدها العديدة التي يمكن أن تسهم في زيادة الدخل القومي، منوهاً بأنه رفض عرضاً خارجياً مغرياً لتبني موهبته ورعايته؛ لأنه يعشق مصر رغم كل المتاعب الكثيرة التي يواجهها بها.
ويكشف عن أنه يستعد حالياً لخوض مغامرة جديدة في يناير المقبل بتسلق جبل أكونكاجوا في أميركا الجنوبية في إطار خطة وضعها لتسلق أعلى قمة جبلية في كل قارة أو ما يسمى بـ«القمم السبع» بالتعاون مع متسلقي جبال مصريين وأجانب.
مواصفات متسلقي الجبال
عن مواصفات متسلق الجبال، يقول عمر سمرة يجب أن يكون المتسلق مقتنعاً بالعمل الذي يقوم به، وأن تكون لديه دراية كاملة بتضاريس الجبل المراد تسلقه والمنطقة المحيطة به، وأن يتمتع بلياقة بدنية وذهنية عالية وشجاعة، ولديه قوة تحمل غير عادية للتغلب على الصعاب التي قد يواجهها مثل انخفاض ضغط الهواء والأكسجين والعواصف.
المصدر: القاهرة