أحمد شعبان (القاهرة)
واصل المؤتمر العالمي للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، المنعقد تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، فعالياته بالجلسة النقاشية الثانية، تحت عنوان «ضوابط الإفتاء تأصيلاً وتطبيقاً»، وترأس الجلسة الدكتور سعيد مكرم عبدالقادر زاده، مفتي طاجيكستان.
واستهل السيد علي الهاشمي مستشار الشؤون الدينية والقضائية بوزارة شؤون الرئاسة بأبوظبي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، كلمته، ببيان أهمية ملاحظة الواقع كضابط من ضوابط الإفتاء، مؤكداً أن العلماء في فتاواهم يراعون اللغة والأعراف والعوائد، وأن الفتوى تقدر الزمان، والمكان، والأشخاص.
فما يفتى به للمريض، لا يفتى به للصحيح، وما يفتى به في زمان قد لا يفتى به في زمان آخر. ويسمي الفقهاء هذا مراعاة محل النازلة.
وأكد الهاشمي أن ملاحظة الواقع تتطلب أن يتصف بالفطنة والتيقظ، إذ على المفتي أن يكون على الدوام متيقظاً، يعلم حيل بعض الناس ودسائسهم، لأن لبعض الناس مهارة في الحيل والتزوير، وقلب الكلام وتصوير الباطل في صورة الحق، مؤكداً أن غفلة المفتي يلزم منها ضرر كبير في كل زمان. وختم الهاشمي كلمته بقوله: «إن تحقيق المناط هو تسعة أعشار النظر الفقهي، كما قال به حجة الإسلام الإمام الغزالي، ولهذا قال الإمام العلامة القرافي (إن الجمود على المنقولات أبدا ضلالٌ في الدين)، فتحقيق المناط هو اجتهاد لا ينقطع إلى قيام الساعة، لتجري أحكام الشريعة على نظام واحد، تنتظم فيه الفروع أصولها، لأن مثار التخبط في الفروع ينتج عن التخبط في الأصول»، ومن مظاهر تحقيق المناط، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقطع الأيدي في الغزو»، ومن هنا كان نهي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تقام الحدود في الغزو لكي لا تحمله حمية الشيطان أن يلتحق بغير المسلمين.
وشهد اليوم الأول للمؤتمر العالمي لدار الإفتاء المصرية انعقاد الورشة الأولى بعنوان «نحو ميثاق عالمي جامع للفتوى»، والتي عقدت برئاسة الدكتور محمد كمال الدين إمام، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأمانة سر الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.
وناقشت الورشة الأصول النظرية للميثاق العالمي للإفتاء، وكذلك الميثاق العالمي للإفتاء «الإجراءات وطرق الإفادة». وقال الدكتور محمد كمال إمام: «إنه يجب ترشيد عملية الفتوى لتكوين صف واحد في مواجهة فوضى الفتاوى الموجودة الآن».
وأشار إلى أن هناك عدداً من المصطلحات بحاجة إلى الإيضاح والتفصيل كفكرة الإلزام، وأن الإلزام ليس قانونياً فقط بل أخلاقي كذلك، لافتاً إلى أن الميثاق ليس عامّاً ولكنه يلزم المشتركين فيه فقط، فهناك من الأشياء غير المتنازع عليها، وهناك أرضية مشتركة تصلح منهجاً عاماً للتعامل مع الوقائع وتنزيل النصوص.
وأشار الشيخ خالد عمران إلى عدد من المعايير التي يجب الالتزام بها «أخلاقية وقانونية وغيرهما»، لذلك يجب وضع مشروع قانون أو ميثاق شرف عالمي، وفي ضوء ذلك تم إصدار الميثاق العالمي للإفتاء بثلاث لغات. ومن ناحيته، أشار الدكتور محمد منسي إلى أن المواقف كافة تحتاج إلى توصيات ورؤى، تجعل الفتوى مدعمة بشكل موحد، وهذا التوحيد يتم من خلال الجوانب الأخلاقية، مشدداً على أهمية تدعيم الفتوى بميثاق أخلاقي.