المشروعات الصغيرة
على غرار التشريعات المعمول بها في البلدان المتقدمة، انتهت وزارة الاقتصاد مؤخراً من مسودة مشروع قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والذي ربما يكون طوق نجاة لهذا القطاع الذي لم يلق الاهتمام الكافي رغم أهميته القصوى لاقتصاد يسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتخفيض مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي.
وأهم ما جاء به التشريع الجديد، أنه يلزم الجهات الحكومية والمحلية في الدولة بتخصيص جزء من عقود الشراء أو الخدمات أو الاستشارات التي تبرمها، للمشروعات الصغيرة والمتوسطة كما هو الحال في الدول المتقدمة، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تصل النسبة المخصصة للمشروعات الصغيرة من إجمالي المناقصات والعقود الحكومية إلى 10%.
وهذا البند من القانون لو التزمت به الجهات الحكومية سيكون بمثابة عملية إحياء للمشروعات الصغيرة ويضمن لها فرصاً هائلة من النمو والتطور ويمكنها من الاستمرار، بعيداً عن مزاحمة الشركات الكبيرة التي تتمتع بإمكانات تؤهلها للمنافسة والفوز بسهولة بأي مناقصات حكومية أو خاصة.
ورغم أن القانون لم يحدد بعد تعريفاً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإنها تمثل وفقاً للإحصائيات الرسمية نحو 94% من إجمالي المشروعات العاملة في الدولة وهي نسبة مرتفعة للغاية وتستحق الاهتمام بها لأن نموها يعني زيادة الناتج المحلي وتوفير المزيد من فرص العمل.
ومن النقاط التي يعالجها القانون مسألة تحفيز المواطنين على تأسيس مشروعات خاصة بهم وعدم انتظار وظيفة في القطاع الحكومي أو الخاص، وذلك عبر تقديم برامج تأهيلية في مجال إدارة المشروعات والتسويق والدعم الفني من خلال إنشاء حضانات رجال الأعمال أسوة بما هو معمول به في الاقتصادات المتقدمة.
وهذه المؤسسات أولاً تحفز الشباب المستثمرين على الانخراط في العمل الحر، وتؤهلهم من خلال برامج فنية وإدارية في المجالات التي يرغبون في العمل بها، وهي خطوة مهمة قبل مساعدتهم في الحصول على التمويل اللازم لإقامة مشروعاتهم.
ومن المشكلات التي يجب أن يعالجها القانون قضية نقص الائتمان الممنوح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووفقاً لأحدث الدراسات تصل حصة القروض المصرفية الموجهة لهذا النوع من المشروعات نحو 11% من إجمالي حجم الائتمان المصرفي للمشروعات الاقتصادية.
بل أن هناك مصارف لا تفضل التعامل مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الرغم من أن التمويل المصرفي لهذا القطاع يعمل على تعزيز عائدات المصارف من خلال عمليات بيع الخدمات والمنتجات المصرفية والحد من إمكانية تعرض هذه المؤسسات للمخاطر.
إن إصدار تشريع خاص للمشروعات الصغيرة والمتوسطة جاء في الوقت المناسب تماماً، فهذا القطاع يحتاج إلى عناية خاصة لأنه يمتلك القدرة على تنمية الاقتصاد بوتيرة أسرع مما عليه الحال في الوقت الراهن، ويقود إلى تعزيز مستويات التعافي الحالية بعد فترة الركود الاقتصادي.
atef.abdullah@admedia.ae