أحمد شعبان (القاهرة)

انطلقت في القاهرة أمس، فعاليات المؤتمر العالمي الرابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم المنعقد تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، ورعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والذي تستمر أعماله على مدار ثلاثة أيام حتى 18 أكتوبر الجاري، تحت عنوان «التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق»، وهو المؤتمر الذي تقود مصر من خلاله قاطرة تجديد الفتوى في العالم الإسلامي بحضور أكثر من 73 وفداً من مختلف دول العالم.
وشارك في فعاليات المؤتمر وفد رفيع المستوى من دولة الإمارات العربية المتحدة، ضم كلاً من: معالي الدكتور محمد مطر سالم الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وعلي الهاشمي، مستشار الشؤون الدينية والقضائية بوزارة شؤون الرئاسة، والدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي.
ويهدف المؤتمر للوصول إلى تحديد واضح للمفاهيم والضوابط في ضوء الفتوى الشرعية من ناحية التنظير الذي يبدأ من استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية، ومن ناحية التطبيق الذي يكون شكله النهائي في صورة العلاقة بين المفتي والمستفتي، مع ربط هذه الأمور بالواقع العصري الذي نعيشه حالياً من خلال القضايا الإفتائية المعاصرة التي تناقشها فعاليات المؤتمر وجلساته، كما تأتي أهمية عقد المؤتمر في هذا التوقيت للتصدي لفتاوى الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي لا تعرف أي شيء عن الدين.
وفي تصريح لـ«الاتحاد»، أكد معالي الدكتور محمد مطر سالم الكعبي «إننا بحاجة إلى علماء مجددين وعلماء غير تقليديين، ينظرون إلى المسائل الفقهية بنظرة العالم الذي يحترم النص القرآني والحديث الشريف. وبحيث لا يكون هذا العالم جامداً حافظاً للنصوص القرآنية وغير مُدرك لزمانه وعصره، وغير ملم بعادات وأعراف البلد الذي يفتي فيها واختلاط البلدان».
وثمن الكعبي الجهود التي تقوم بها مصر تجاه كل الدول العربية والإسلامية وتجاه العالم أجمع، متوجهاً لله سبحانه وتعالى أن يُديم هذا الاستقرار وهذا الخير والنماء والبناء في مصر الشقيقة. مؤكداً أن مصر تعني لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة الخير، فهي العمود الفقري للأمة العربية.
وأشار الكعبي إلى أن هذا المؤتمر المهم الذي تحتضنه القاهرة له من الأهمية بمكان، لأن العلماء في أمس الحاجة الآن للتجديد في الفتوى، مؤكداً أننا بحاجة إلى علماء مجددين وعلماء غير تقليديين، ينظرون إلى المسائل الفقهية بنظرة العالم الذي يحترم النص القرآني والحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبحيث لا يكون هذا العالم جامداً حافظاً للنصوص القرآنية وغير مُدرك لزمانه وعصره. وغير مُلم بعادات وأعراف البلد الذي يُفتي فيها واختلاط البلدان.
وأشار إلى أنه مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح العالم جميعاً لا تربطه حدود وتختلف فيه الناس على البقعة الواحدة على اختلاف أعمالهم وما يقومون به، مؤكداً أنه نحن بحاجة الآن إلى تثبيت أركان التعايش السلمي بين جميع البشر على اختلاف أنواعهم وعقائدهم، كما نحن بحاجة إلى تثبيت أركان القيم الإنسانية النبيلة التي حثنا عليها ديننا الحنيف الإسلام، وذلك بالنظر إلى ديننا الحنيف دين الرحمة ودين التعارف والمحبة والإخاء. قائلاً: «نأمل بإذن الله تعالى أن يتبلور مثل هذا المؤتمر فنجدد في فتوانا، ولن نستطيع أن نجدد إذا لم نكن لدينا المرونة الثابتة المتمسكة بالنص القرآني والمنطلقة إلى آفاق أرحب وأوسع».
وطالب الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، رئيس المؤتمر، في كلمته بالجلسة الافتتاحية، جميع المؤسسات بتوحيد الصف وضرورة التكاتف لمحاربة الإرهاب الأسود، وتجفيف منابعه ومواجهته بالوسائل المشروعة كافة، وفي مقدمة هذه الوسائل مشروعات التجديد وتصحيح المفاهيم التي تقوم بها المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في كلمته في الجلسة الافتتاحية والتي ألقاها نيابة عنه الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، أن التجديد في الفتوى أمر حتمي لا مناص منه، وأن مراعاة مقتضيات الزمان والأحكام أمر حتمي في الفتوى، مع تفريقنا الواضح والمهم بين الثابت والمتغير، موضحاً أن «إلباس الثابت ثوب المتغير هدم لثوابت الدين، وإلباس المتغير ثوب الثابت طريق الجمود والتحجر والانغلاق والتخلف عن ركب الحضارة».
يتناول المؤتمر 5 محاور، ويناقش المحور الأول «الأصول المنهجية للتجديد في الفتوى»، ويناقش المحور الثاني: «ضوابط الإفتاء في قضايا حقوق الإنسان»، والمحور الثالث يناقش «ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية»، والإفتاء ومفهوم الحياة والموت وقضايا نقل وزراعة الأعضاء. والإفتاء وحقوق الجنين: «قضايا التلقيح، تأجير الأرحام، الإجهاض، وتنظيم النسل أو منعه»، والإفتاء واستخدام تقنية استخدام الخلايا الجذعية.
ويناقش المحور الرابع ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية، والإفتاء في المعاملات بين الموروث والنوازل الجديدة، والإفتاء في قضايا التسويق الشبكي، ومعاملات أسواق الأوراق المالية. كما يناقش المحور الخامس ضوابط الإفتاء في قضايا الشأن العام والدولة، ومفهوم الدولة في الإسلام تنظيراً وتنظيماً وعلاقات. وفتاوى المتطرفين بخصوص الدولة تحليلاً ونقداً، ودعم الاستقرار في الدولة. ونظرية صدام الحضارات.