محمد حامد (دبي)

لم يسبق للبارسا والريال أن التقيا في نهائي دوري أبطال أوروبا، كما أن البرازيل لم تصطدم بعدوها الكروي اللدود منتخب الأرجنتين في نهائي المونديال، ما يجعل الأمر يبدو كما لو أن كرة القدم قررت أن تحتفظ ببريقها وسحرها حتى إشعار آخر لا نعلم له موعداً، وتشهد مدينة جدة الليلة معركة كروية من العيار الثقيل بين التانجو والسامبا، صحيح أنها ليست المواجهة الحلم في النهائي المونديالي، إلا أنها على الرغم من ذلك تظل واعدة بالإثارة والندية كعهدها دائماً على مدار قرن و4 أعوام.
الأرجنتين تبني منتخباً جديداً على أنقاض الجيل الأفضل من حيث الأسماء، والأسوأ بالنظر إلى النتائج والأداء، ويسعى عناصر التشكيلة الحالية إلى إثبات الذات في غياب الكبار بزعامة ليونيل ميسي، فيما يملك منتخب السامبا الاستقرار بمنتخب قد يكون الأوحد في أميركا اللاتينية المكتمل البناء تحت قيادة تيتي، والذي يسعى للفوز بلقب كوبا أميركا 2019، ومونديال 2022، لتتويج مسيرة جيل نيمار الذي لا تنقصه الموهبة، ولكنه لم يعثر بعد على شرارة الإبداع التي تجعله يسير على خطى الأجيال السابقة التي جلبت المجد المونديالي للملايين من أبناء البرازيل 5 مرات.
تيتي المدير الفني للبرازيل تقمص شخصية المشجع الكروي المجنون، وقالها من دون مواربة: «لا توجد مباراة ودية بين البرازيل والأرجنتين»، وهو تصريح واقعي يبدو وكأنه جرى على لسان مشجع برازيلي وربما أرجنتيني يرى أن كرة القدم لا تعني سوى الفوز، ولا تقبل أي احتمالات أخرى حينما يتعلق الأمر بكلاسيكو أميركا اللاتينية، أو السوبر كلاسيكو الذي تحتضنه المملكة العربية السعودية الليلة.
تذاكر المواجهة الواعدة بالإثارة نفدت بالكامل، ما يعني أن الجوهرة المشعة سوف تكون أكثر إشعاعاً وبريقاً بحضور ما يقارب 65 ألف متفرج، فضلاً عن الملايين حول العالم سوف تتجه أنظارهم إلى الشاشات لمتابعة القمة الـ105 بين المنتخبين، حيث تتوافر للمباراة دوافع الندية والإثارة كافة، فالتاريخ يقول إن مواجهاتهما بدأت قبل الـ104 أعوام، وهي تشهد ندية لا مثيل لها، فقد سجل كل منهما 162 هدفاً في شباك الآخر، وحقق منتخب السامبا الفوز في 40 مباراة، مقابل 38 انتصاراً لنجوم التانجو، فيما فرض التعادل نفسه في 26 مباراة.
وعلى مستوى البطولات الرسمية التي حصل عليها كل منهما، فإنهما يتساويان، وهي مفارقة تؤكد أن الندية متوافرة في كل شيء، صحيح أن البرازيل لديها 5 ألقاب مونديالية مقابل ثنائية للأرجنتين، إلا أن الأخيرة حصلت على كوبا أميركا 14 مرة، مقابل 8 مرات للبرازيل، فيما ذهب لقب كأس العالم للقارات للسامبا 4 مرات، مقابل مرة واحدة لمنتخب بلاد الفضة، والمحصلة أن لكل منهما 17 بطولة رسمية.
ويخوض تانجو الموهوب ديبالا والهداف إيكاردي موقعة الليلة بعقلية البحث عن الفوز في غياب القائد ليونيل ميسي، والذي ثار جدل كبير حوله في الفترة الماضية، فقد تعرض لانتقادات حادة من الأسطورة الكروية دييجو أرماندو مارادونا، والذي قال إنه لا يصلح لقيادة المنتخب، ويتسابق نجوم التشكيلة الحالية لمنتخب الأرجنتين إلى إثبات الذات في غياب ليو الذي حجب شمس النجومية عن الجميع في السنوات الماضية، وتردد أنه يختار التشكيلة التي يريدها، ويفرض سطوته على جميع الأجهزة الفنية، والمحصلة لم تكن جيدة على المستويات كافة.
الأرجنتين تعتمد على مزيج من الأسماء التي تسعى إلى إثبات الذات، وعلى رأسهم كوريا، ومجموعة من الأسماء الأكثر شهرة وبريقاً بقيادة الحارس المخضرم روميرو، والمدافع أوتاميندي، وفي الهجوم ديبالا وإيكاردي، يقودهم مدير فني شاب لم يتجاوز 40 عاماً، وهو ليونيل سكالوني يقوم بهذه المهمة مؤقتاً على حد تأكيدات الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، وقد نجح منتخب التانجو في تحقيق الفوز برباعية نظيفة على نظيره العراقي في المباراة الأولى بالدورة الرباعية الدولية.
وفي المقابل، تبدو البرازيل أكثر نضجاً واستقراراً بتشكيلتها التي شاركت في مونديال روسيا، والتي تتكون من أليسون حامياً لعرينها، ورباعي دفاعي يمزج بين الخبرة والشباب، ويتكون من دانيلو، وماركينيوس، وميراندا، ولويز، فيما يظهر في منتصف الملعب ثنائي البارسا والريال آرثر، وكاسيميرو، ومعهما ريناتو، وفي الهجوم الثلاثي الناري كوتينيو، وفرمينو، ونيمار، وهو خط برازيلي كلاسيكي يعتمد في المقام الأول على المهارات الفردية، من دون النظر إلى تشابه طريقة الأداء بين عناصره في بعض الأحيان، وفي حال قدم نيمار وكوتينيو وفرمينو أفضل ما لديهم، فإنهم يجلبون الفوز لمنتخب السامبا من دون النظر إلى هوية المنافس.

موقعة الـ2.2 مليار دولار تجذب الأنظار
نيمار هو الأعلى قيمة في صفوف البرازيل بما يقارب 215 مليون دولار، وفي ظل غياب ميسي، فإن ديبالا هو ممثل التانجو في قائمة الأعلى قيمة مالية وسوقية في موقعة السوبر كلاسيكو الليلة، بما يقارب 130 مليون دولار، وبالنظر إلى هذه الأرقام الكبيرة، ومع الاعتراف بأن فنيات كرة القدم أصبحت تخضع للمعيار المالي، فإن الإثارة المتوقعة في موقعة الليلة تبدو مضمونة.
القيمة السوقية والمالية لنجوم السامبا في مباراة الجوهرة المشعة تبلغ ملياراً و282 مليون دولار، فيما تساوي تشكيلة التانجو 730 مليوناً، أي أننا أمام مباراة تبلغ قيمة نجومها ما يقارب 2.2 مليار دولار، وهما من بين الأعلى مقارنة مع جميع منتخبات العالم، ووفقاً للتصنيف الأحدث للفيفا، يحتل المنتخب البرازيلي المركز الثالث عالمياً، فيما يستقر منتخب الأرجنتين في المركز الـ11، في مشهد بات معتاداً، على الرغم من أنه لا يليق ببلد المواهب التي تغزو ملاعب القارة العجوز، وتصنع مجد أنديتها الكبيرة.
مقارنة أخرى بين المنتخبين على مستوى معدل الأعمار، تشير إلى أن المتوسط في البرازيل يبلغ 25.9، فيما لا يتجاوز في صفوف التانجو 25.6 عام، أما معيار الاعتماد على اللاعب المحلي واللاعب المحترف خارجياً، فإنه يشهد فجوة كبيرة بين المنتخبين، حيث يعتمد البرازيليون على العناصر المحترفة خارجياً بنسبة 96%، ولا تتجاوز نسبتهم في قائمة الأرجنتين الحالية حاجز الـ70%، ويبدو أن الجهاز الفني الجديد يستجيب لصوت الشارع الأرجنتيني الذي أصبح لا يثق في نجوم التانجو بأوروبا.

اوتاميندي: مباراة تحمل طابعاً مختلفاً
أكد مدافع المنتخب الأرجنتيني «التانجو»، نيكولاس اوتاميندي، أن فريقه سيسعى للفوز على البرازيل اليوم، رغم أن المباراة التي ستجمع بينهما تحمل الصفة الودية. وقال اوتاميندي: «جميعنا يرى قميص البرازيل الأصفر، ولدينا رغبة في الفوز، المباراة أمام البرازيل تختلف عن بقية المباريات الأخرى، أتمنى أن تسير الأمور على أفضل نحو». وعاد مدافع مانشستر سيتي الإنجليزي لصفوف المنتخب الأرجنتيني، بعد الخروج المبكر للفريق من بطولة كأس العالم 2018 بروسيا.
وقام المدرب المؤقت لمنتخب التانجو، ليونيل سكالوني، باستدعاء اوتاميندي (30 عاماً)، وذلك للمرة الأولى منذ توليه المسؤولية الفنية للفريق، من أجل أن يكون بين صفوف الفريق خلال جولته الحالية في المملكة العربية السعودية.
وكان اوتاميندي ضمن البدلاء خلال المباراة التي فاز بها المنتخب الأرجنتيني برباعية نظيفة على العراق الخميس الماضي، في أول لقاءاته الودية في السعودية. وأضاف اوتاميندي قائلاً: «أتمنى أن نقدم مباراة جيدة أمام البرازيل، من أجل أن يكتسب اللاعبون الجدد خبرة دولية». وتحدث نجم المنتخب الأرجنتيني باولو ديبالا عن غياب القائد ليونيل ميسي، قائلاً: «كلنا نعلم ما الذي يعنيه وجود ميسي داخل الملعب، وقدر المساعدة الذي يمكنه أن يقدمه لنا، ولكن هذا قرار يخصه وحده، نحن ننتظره».