يوسف البستنجي (أبوظبي)
قالت ميشيل أيسومي رئيسة الرابطة الأفريقية للأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري إن قطاع الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري في أفريقيا يتسم بالقوة والديناميكية.
وأوضحت في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، على هامش مشاركتها في القمة الأفريقية للاستثمار التي يستضيفها جهاز أبوظبي للاستثمار وانطلقت اليوم في أبوظبي، أن العوامل الرئيسة المحركة للنشاط هي الطبقة الناشئة من المستهلكين والفجوة بين العرض والطلب والنمو السكاني بالإضافة لارتفاع نسبة الشباب بين السكان والنمو الاقتصادي القوي نسبياً وفقاً للمعايير العالمية. كما أن التكنولوجيا تلعب دوراً أكبر من أي وقت مضى في قطاع الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري في إفريقيا.
وأضافت: أنه بين عام 2014 ونهاية النصف الأول من عام 2019، سجلت في أفريقيا 917 صفقة في قطاع الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري بقيمة إجمالية مقدارها 22.5 مليار دولار.
وكانت نسبة 21% من تلك الصفقات خلال الفترة المذكورة في قطاع رأس المال الاستثماري. فنحن نشهد زيادة في صفقات رأس المال الاستثماري. على سبيل المثال، في عام 2018 بلغت نسبة صفقات رأس المال الاستثماري 29% من إجمالي حجم الصفقات، وهي نسبة أكبر من النسبة المسجلة في عام 2017 والبالغة 25% من إجمالي حجم الصفقات.
وأضافت: «من حيث توزيع الصفقات على المناطق، استأثرت منطقة غرب أفريقيا بأكبر حصة من صفقات الأسهم الخاصة من حيث الحجم بنسبة بلغت 24% من صفقات الأسهم الخاصة في أفريقيا خلال الفترة من عام 2014 حتى نهاية النصف الأول من عام 2019».
أما من حيث القيمة، ففي قطاع رأس المال الاستثماري، ما زالت نيجيريا وجنوب أفريقيا ومصر وكينيا (التي تمتلك المنظومات التكنولوجية الأكثر تقدماً وقيمة في القارة) تجذب أكبر قدر من الاستثمارات في أفريقيا.
وقد تفوقت جنوب أفريقيا على البلدان الأخرى وحازت على نسبة 21% من إجمالي حجم صفقات رأس المال الاستثماري خلال الفترة من عام 2014 حتى نهاية النصف الأول من عام 2019، تليها مصر بنسبة 18%.
القطاعات الأكثر جاذبية
وقالت أيسومي: كان القطاع الاستهلاكي هو المهيمن خلال السنوات الخمس الماضية، حيث جاءت غالبية استثمارات الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري في قطاعات ترتبط بالطبقة الوسطى الصاعدة والتحضر السريع في أفريقيا.
فقد شهدت قطاعات السلع والخدمات الاستهلاكية الأساسية وغير الأساسية والصناعية والمالية أكبر حجم من صفقات الأسهم الخاصة بنسبة تجاوزت نصف الحجم الإجمالي للصفقات (53%)، بينما ذهبت أكبر حصة من الصفقات من حيث القيمة لقطاع خدمات التواصل بنسبة بلغت 26%.
وعلى صعيد رأس المال الاستثماري، جذبت قطاعات تكنولوجيا المعلومات والسلع والخدمات الاستهلاكية غير الأساسية وخدمات التواصل أكبر حصة من الاستثمارات في أفريقيا خلال الفترة بنسبة مقدارها 70% من إجمالي حجم صفقات رأس المال الاستثماري.
الشركات الخاصة
وأوضحت أيسومي أن هناك دورا شديد الأهمية للمستثمرين على المدى الطويل في تمكين إنتاج القيمة في الشركات الأفريقية. وقالت: لا بد أن ندرك أن أفريقيا تجذب مستثمرين من فئات متنوعة يبحثون عن العائد والتأثير والتنويع. والمؤسسات الاستثمارية تستكشف القارة وترى إمكاناتها على المدى الطويل، كما أظهرت نتائج استبيان أجريناه في عام 2018، حيث تبين أن نسبة 80% من المؤسسات الاستثمارية التي شاركت في الاستبيان تعتقد أن أفريقيا أكثر جاذبية لاستثمارات الأسهم الخاصة خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة بالمقارنة مع الأسواق الناشئة والصاعدة الأخرى.
وأضافت: بالنظر إلى الفرص الاستثمارية في أفريقيا من حيث جدواها على المدى الطويل فإنها يمكن أن تحقق منافع مالية كبيرة للمستثمرين، ولكنه سيسمح أيضاً بتطبيق أفضل الممارسات الدولية وأخذ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في الاعتبار.
التحديات
وحول التحديات التي تواجه المستثمرين في السوق الأفريقية، قالت: في الماضي، كان خروج الاستثمارات والطرق المتاحة لخروجها من أفريقيا مصدر قلق رئيسا للمؤسسات الاستثمارية الساعية إلى دخول سوق الأسهم الخاصة في أفريقيا.
وأضافت: أشارت غالبية المؤسسات الاستثمارية التي شاركت في استبياننا عام 2018 (وتحديداً نسبة 65% منها) إلى محدودية فرص خروج الاستثمار باعتبارها التحدي الرئيس الذي يواجه مديري صناديق الاستثمار في الأسهم الخاصة خلال السنوات الثلاث القادمة، بينما اعتبرت نسبة 56% منها أن صعوبة جمع الأموال هو التحدي الرئيس.
كما اختار أكثر من نصف المشاركين في الاستبيان ندرة المواهب البشرية لإدارة شركات الأسهم الخاصة وشركات المحافظ ومخاطر الاقتصاد الكلي على المدى القصير باعتبارها التحدي الرئيس، بنسبة 53% و51% على التوالي. واعتبرت نسبة 65% من المؤسسات الاستثمارية التي شاركت في استبياننا مخاطر العملة باعتبارها الحاجز الرئيس في وجه استثمارها في سوق الأسهم الخاصة في أفريقيا.
القطاع الخاص
وأوضحت أن القطاع الخاص يلعب دوراً رئيساً في التنمية الاقتصادية للأسواق الأفريقية. ولكن لا يوجد لدى الشركات الأفريقية بجميع أحجامها رأس مال كافٍ لتحقيق نسب النمو المتوقعة.
وقد أدركت الشركات الأفريقية أنه لا يمكن تمويل كل شيء عن طريق الدين، وراحت تتحول بصورة متزايدة نحو مؤسسات الاستثمار في الأسهم الخاصة. والدعم الذي تقدمه صناديق الاستثمار لا يقتصر على الدعم المالي، بل تساعد أيضاً في هيكلة الشركات وتحسين الحوكمة وإنشاء علاقات تجارية وتحسين الانفتاح وتقديم التدريب. فهي تضيف للمجموعات الأفريقية قيمة «غير مادية» كبيرة.
الحوكمة
وقالت: نظراً لأن العديد من الشركات الأفريقية تتلقى أول دفعة من رأس المال الخاص كشركات خاصة أو عائلية، فإن الشريك العام يلعب دوراً حاسماً في وضع معايير عالية لحوكمة الشركات والشفافية والإفصاح.
وهذا العمل مهم ليس فقط لأعمال هذه الشركات، ولكن أيضاً لحماية مصالح الشركاء فيها. والإدارة السليمة للشركات تؤدي إلى زيادة الأرباح والعوائد وتقليص المخاطر، وبالتالي المساهمة في التنمية الاقتصادية وإيجاد بيئة مستدامة للاستثمار.
البيئة
ولفتت إلى أن هناك زيادة تدريجية في تبني معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في استثمارات الأسهم الخاصة.
وأضافت: ومديرو الصناديق الذين يركزون على الاستثمار في أفريقيا يتبنون بشكل متزايد المبادئ البيئية والاجتماعية والحوكمة ليس فقط كأداة للتخفيف من المخاطر وتوفير الحماية، ولكن كأداة مهمة لإنتاج القيمة داخل شركات المحافظ والبيئة التي يعملون فيها. كما أن مؤسسات تمويل التنمية نفسها تعمل على تطوير متطلباتها المتعلقة بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وبدلاً من الاكتفاء بمراقبة النظم والقدرات البيئية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة للمديري الصناديق، يركزون بشكل متزايد على تحديد المخاطر وفرص الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بشكل أوسع في سياق اقتصادات التحضر في أفريقيا ويشاركون بشكل أكبر في عملية الاستثمار في الصندوق.
مخاطر العملة والتضخم
وقالت أيسومي: أصبحت مخاطر العملة مهمة بشكل متزايد للمستثمرين في أفريقيا، خاصة في ضوء انهيار أسعار السلع بدءاً من عام 2014، وتأثير ذلك على اقتصادات وعملات الدول المصدرة للسلع في القارة، خاصة نيجيريا وجنوب أفريقيا، وهما أكبر اقتصادين في أفريقيا.
ووفقاً لتقرير «التقلب وعدم اليقين»، أكد 90% من المشاركين أن مخاطر العملة مهمة أو مهمة للغاية لشركتهم، وبالإضافة إلى ذلك، رأى 78% منهم أن مخاطر العملة في أفريقيا زادت خلال السنوات الثلاث إلى الخمس الماضية، وأشار 75% منهم إلى أن تقلب العملة له تأثير ضار على استثماراتهم في الأسهم الخاصة.
وكان هناك انقسام بين المشاركين حول ما إذا كانت مخاطر العملة دفعتهم إلى تعديل خطط الخروج.
وأضافت: لقد عانت بعض الدول الأفريقية من تقلب العملة، ولكنها ما تزال جذابة للمستثمرين لأن الشريك العام يمكن أن يتبنى استراتيجيات مختلفة للتغلب على المصاعب قصيرة الأجل وتحقيق نمو جيد على المدى الطويل.
وأوضحت أن الدراسات تؤكد قدرة المستثمرين على التغلب على تقلبات العملات الأجنبية من خلال التركيز على جودة العمليات التجارية، وتوسيع تدفق الإيرادات، وربما نقل الزيادة في التكاليف إلى المستهلكين، وتقليل الحاجة إلى العملة الصعبة من خلال شراء المواد اللازمة من السوق المحلي. وتقلب العملات يمكن أن يساعد المستثمرين الأجانب من خلال إيجاد فرص لشراء أصول عالية الجودة بأسعار مخفضة، حيث تصبح الشركات المحلية العاملة في مجال التصدير أكثر جاذبية في هذه البيئة.
وقالت: أفضل وقت للاستثمار في الأسهم الخاصة على المدى الطويل ليس عندما يكون السوق في أفضل حالاته. انظروا إلى سلسلة الصفقات الناجحة التي قامت بها شركة أكتيس في شمال أفريقيا في أوقات تعتبر محفوفة بالمخاطر. وفي جميع الأحوال، ما زالت زيادة الاستهلاك ومعدل التحضر السريع في أفريقيا يوفران فرص استثمار مقنعة لشركات الاستثمار في الأسهم الخاصة في القطاعات المحصنة نسبياً من التأثر المباشر بالظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن انخفاض أسعار السلع والعملات المحلية.