أكد الدكتور سلطان فيصل الرميثي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين أن كلمة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، التي وجهها اليوم بمناسبة زيارته التاريخية إلى دولة الإمارات في الثالث من فبراير المقبل، تحمل في مضمونها دلالات عميقة ورسالة محبة وسلام للعالم أجمع وتؤكد على النموذج المتسامح لدولة الإمارات، الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، والذي تتبناه الدولة في قوانينها ومبادراتها ومشروعاتها.
وقال الدكتور سلطان فيصل الرميثي، إن الزيارة التاريخية المشتركة لقداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر تتزامن مع المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي يجمع مختلف الديانات والعقائد والطوائف على أرض الإمارات في "عام التسامح"، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 700 ضيف من قيادات دينية وفكرية وثقافية مختلفة و75 متحدثاً يشاركون في المؤتمر لمناقشة مفهوم الأخوة الإنسانية وبلورته لتقديمه للعالم إضافة إلى التركيز على القواسم المشتركة التي تجمع بين البشر وحقهم في العيش بسلام وتآخ ومحبة.
وأضاف أن الزيارة التاريخية لإثنين من رموز التسامح والسلام على مستوى العالم لدولة الإمارات تؤكد مصداقية الرسالة التي يحملها هذا المؤتمر العالمي، موضحاً أن مفهوم الأخوة الإنسانية سينطلق من دولة الإمارات إلى دول العالم كونه مشروعاً مكتمل الأركان يحمل قيم ومبادئ التسامح والسلام.
وحول استضافة الإمارات لهذه الزيارة التاريخية، قال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين إنه ليست مصادفة أن يلتقي نخبة من الرموز والقيادات الدينية في العالم على أرض دولة الإمارات للتباحث بشأن كيفية تعزيز السلم العالمي والأخوة الإنسانية، فهي صاحبة إرث طويل وتجربة حاضرة في التعايش والتفاهم بين الشعوب والأديان والأعراق، مشيراً إلى أن زيارة قداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر إلى الإمارات تسهم في تعزيز السلام العالمي وترسيخ مبادئ الحوار الحضاري الإنساني والتصدي لدعوات التعصب والانعزال والكراهية القائمة على عصبيات العرق أو الدين أو الفئة أو الانتماء الثقافي.
وأضاف أن دولة الإمارات مؤهلة بما تمتلكه من رصيد وتجربة ناجحة في التعايش والتناغم بين مختلف الجنسيات بأن تصبح عاصمة للأخوة الإنسانية ومنصة لإطلاق المبادرات الرامية إلى نشر قيم التسامح.
وقال إن هذا اللقاء التاريخي، الذي يقام على أرض دولة الإمارات، يستهدف نفع العالم بأسره عبر تعزيزه قيم التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر وتغليب لغة الحوار والتواصل الفكري وذلك من خلال لقاء عقلاء وحكماء وأخيار العالم من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية على مبادئ إنسانية مشتركة تعلي من قيم الاحترام المتبادل والتلاقح الفكري والتمازج الحضاري لما فيه خير الإنسانية وتغليب لغة العقل والحكمة والإيمان بالمصير المشترك للإنسانية جمعاء، مؤكداً أنه لا بديل عن التحالف بين العقلاء والحكماء من كل الأديان والمشارب الفكرية لتحقيق الوئام ونبذ الخلاف.
وحول أهمية الزيارة التاريخية، التي تتزامن مع عام التسامح، قال الدكتور سلطان فيصل الرميثي تعتز دولة الإمارات، وشعبها من المواطنين والمقيمين على حد سواء، بكونها مجتمعاً متنوعاً ومنسجماً يحتضن جميع الأديان والخلفيات العرقية. ولطالما قدمت الإمارات نموذجاً حقيقياً لممارسات التسامح والسلام والتعايش التي توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل، مؤكداً أن اللقاء يعكس المنظومة القيمية لمبادرة "عام التسامح" في الإمارات، الذي جاء ليكرس منظومة متكاملة حرصت الدولة منذ تأسيسها على إرساء دعائمها وعملت خلال السنوات الماضية على ترجمتها عملياً إلى مبادرات وبرامج قل نظيرها في دول العالم.
ونوه إلى أن هذا اللقاء التاريخي، الذي يتم على أرض دولة الإمارات، سيسهم بشكل جوهري في بلورة رسائل عام التسامح، التي تحرص دولة الإمارات على ترسيخها محلياً وإقليمياً وعالمياً من موقعها نموذجاً مضيئاً للتعايش الديني والتعددية والانفتاح على العالم ومثالاً حقيقياً على التفاهم والانسجام والتعايش الديني وقبول الآخر.
ورداً على سؤال حول دور الإمارات بوصفها حلقة وصل بين الشرق والغرب، قال إن دولة الإمارات التي تضم على أرضها أكثر من 200 جنسية من مختلف الأعراق والأديان والخلفيات الثقافية يعيشون معاً في تناغم ووئام واحترام متبادل هي مشروع حضاري إنساني متكامل الأبعاد لأنها تمتلك وتطبق وتواصل تطوير نهج قيمي شامل يقوم على مبادئ إنسانية عالمية جامعة تؤهلها لتكون جسراً ثقافياً عابراً للخلافات وهمزة وصل بين مختلف المجتمعات والحضارات الإنسانية الساعية للسلام والتنمية والتعاون والبناء.
وأضاف أن دولة الإمارات تؤمن بأن الأخوة الإنسانية مبدأ واحد وقيمه العليا واحدة لذلك حرص القادة المؤسسون لدولة الإمارات على ترسيخ قيم التسامح واحترام كرامة الإنسان في أي عرق أو دين أو جنسية، مشيراً إلى أن اللقاء التاريخي على أرض الإمارات يسهم في تعزيز أواصر الأخوة الإنسانية بين البشر من مختلف المشارب والعقائد والخلفيات الثقافية كونه يمثل نموذجاً يحتذى لإمكانية التواصل المستمر حتى لو وجد الاختلاف في وجهات النظر.
ورداً على سؤال عن دور الأديان في الدعوة إلى التسامح ونبذ الكراهية بين الشعوب، قال إن للأديان دوراً مركزياً في الدعوة إلى التسامح فهي تحرك الملايين من المؤمنين برسائلها والحريصين على الالتزام بتعاليمها وفي عصر المعلومة الفورية ومنصات التواصل الإلكترونية والعولمة الثقافية أصبح بمقدور الشخصيات الدينية المرموقة الاستفادة من الإعلام الرقمي للتواصل مع الشباب والتذكير بالقيم الإنسانية العليا التي تدعو إليها الأديان من التسامح والصدق.
وأضاف أن الأديان حجر الأساس في التصدي للعنف بين المجتمعات الإنسانية ونبذ الكراهية بين الشعوب ونزع فتيل التعصب للنزعات الفئوية والعرقية والعقائدية لأنها منبع القيم ومنبت الأخلاق ومنشأ التسامح ومصنع المؤمنين بعمارة الأرض وإشاعة الأمان وإسعاد الإنسان.
وعن العوامل المشتركة بين الديانتين الإسلامية والمسيحية وإمكانية البناء عليها للمستقبل، قال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين تدعو الديانتان الإسلامية والمسيحية إلى قيم إنسانية مشتركة هي حسن الخلق واحترام الحقوق والتسامح والرفق بالكائنات كافة، وطيب المعاملة وحسن الجوار وإغاثة الملهوف ومد يد العون للمحتاج، وإطعام الجائع، وإيواء الخائف، والعطف على الصغير، وتوقير الكبير، وحفظ الأسرة وفعل الخير، ونبذ الشر، وترك الظلم، وحرمة الدم، والترفع عن التعصب وتقبل الآخر المختلف، مشيراً إلى أن احترام كرامة الإنسان جزء لا يتجزأ من الحرمة الدينية في كل الأديان والحوار هو أساس العلاقات السليمة بين البشر وتعليم قيم الفضيلة للنشء يكون أجيالا متسامحة.
وأضاف الدكتور سلطان فيصل الرميثي، أنه يمكن للإسلام والمسيحية تفعيل القواسم المشتركة فيما بينهما للمساهمة في فتح آفاق أرحب لحوار حضاري عقلاني هادئ بين المجتمعات الإنسانية. ولا شك أن التمثيل الإنساني الكبير، الذي تتمتع به الديانتان والحضارتان الإسلامية والمسيحية هو رصيد إيجابي يساعد القيادات المتنورة في كل منهما على ترسيخ القيم الإنسانية الداعية إلى التسامح والتحاور والتلاقي.