هدى جاسم ووكالات (بغداد)
شهدت بغداد، فجر أمس، انفجار عبوة ناسفة محلية الصنع تحت خزان وقود إحدى السيارات في ساحة التحرير، و3 قنابل صوتية قرب محطة وقود، وأدت الانفجارات إلى مقتل شخص وإصابة 20 آخرين، فيما أشارت أصابع الاتهام إلى وجود «طرف ثالث» وراء التفجيرات.
ومن جانبه، قال الإعلام الأمني في بيان: «إن القوات الأمنية تجري تحقيقاً لمعرفة ملابسات الحادثة». وأشارت تقارير إلى أن فرق الدفاع المدني والمحتجين هرعوا لإطفاء حريق الانفجار وإنقاذ الضحايا، مشيرة إلى استمرار توافد المتظاهرين إلى الساحة رغم التفجير.
وعلى الرغم من استمرار المظاهرات المطالبة برحيل النظام، وتدهور الأوضاع الأمنية في أنحاء البلاد، إلا أن مصادر سياسية رفيعة أكدت لـ«الاتحاد» أن القوى السياسية متمسكة ببقاء رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في منصبه، وسيتم الإعلان عن تغيير وزاري في غضون الأسبوع الجاري، يشمل 8 وزارات.
وأشارت المصادر إلى أنه سيتم إقرار قانون الانتخابات وقانون مفوضية الانتخابات خلال أيام، فيما سيُعلن القضاء عن أسماء متهمة بالفساد بينهم وزراء ومسؤولون كبار سابقون وحاليون بعد محاكمتهم في المحكمة الخاصة بالفساد التي أنشئت مؤخراً لملاحقة كبار الفاسدين.
في السياق ذاته، رشحت كتلة تحالف سائرون النيابية، مجموعة من نوابها لاستجواب رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي عن أحداث التظاهرات والاحتجاجات الشعبية الأخيرة في بغداد والمحافظات.
عودة الطرف الثالث
وعاد الحديث مرة أخرى، فجر أمس، عن «الطرف الثالث» الذي كان وزير الدفاع العراقي أشار إليه في حديثه يوم الخميس الماضي، عن جهات استوردت القنابل التي اخترقت رؤوس المتظاهرين السلميين والأسلحة التي طالت أجسادهم.
واعتبرت لجنة حقوق الإنسان النيابية في العراق تفجير ساحة التحرير، الذي ضرب وسط بغداد أمس، تطوراً خطيراً لسلامة المتظاهرين.
وأشارت إلى أن ما حدث يثبت وجود طرف يعمل على زعزعة الأمن في البلاد، الأمر الذي يخالف القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان والعهود الدولية لحقوق الإنسان.
كما حذرت القوات الأمنية ومنسقي المظاهرات من دخول «طرف ثالث» على العمليات، مطالبةً بتفتيش الداخلين إلى الساحات والكشف عن الجهات التي نفذت التفجير الإرهابي الذي استهدف الاحتجاجات السلمية.
من جهة أخرى، أكد شهود عيان أن أطرافاً حاولت استهداف المتظاهرين في الناصرية، وأن متظاهرين أحرقوا بيوت مسؤولين في منطقة الغراف جنوب العراق.
وأفاد مسؤولون أمنيون، أمس، أن المحتجين في العاصمة العراقية سيطروا على ساحة الخلاني الاستراتيجية وجزء من جسر السنك المؤدي إلى المنطقة الخضراء، التي تضم البرلمان والعديد من السفارات الأجنبية. وأضافوا أن قوات الأمن لا تزال منتشرة على جزء من الجسر لمنع المتظاهرين من دخول المنطقة الخضراء.
قرب «المنطقة الخضراء»
كما أوضح المسؤولون أن المحتجين اقتربوا من المنطقة الخضراء، بعد أن انسحبت قوات الأمن إثر ليلة من الاشتباكات العنيفة.
وكانت قيادة عمليات بغداد، أعلنت في وقت سابق أمس، فتح طريق ساحة الطيران الخلاني باتجاه شارع الجمهورية في العاصمة العراقية.
وأفادت تقارير بأن أعداداً كبيرة من المحتجين أجبروا قوات مكافحة الشغب على الانسحاب إلى منتصف جسر السنك، بعد السيطرة عليه.
وفتحت المحال التجارية في ساحتي الخلاني والسنك مجدداً أبوابها، أمس، بعد سيطرة المتظاهرين، وتراجع قوات مكافحة الشغب.
وقال متظاهر بفخر: «إن القوات الأمنية انسحبت إلى خلف الخط الثاني من الجدران الخرسانية على جسر السنك».
بدورها، قالت امرأة طاعنة بالسن أتت من مدينة البصرة في جنوب البلاد للانضمام إلى التظاهرات، متوجهة إلى رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي: «خسرتم كل العراق، ليس نحن فحسب».
وأضافت وهي تشير إلى المنطقة الخضراء: «اطلع برا، لا مكان لك هنا، وإن شاء الله سنكون الليلة في الخضراء».
وتسلق العشرات من المتظاهرين جدران مرآب كبير للسيارات يطل على نهر دجلة إلى جانب جسر السنك، ورفعوا لافتات مساندة للتظاهرات.
وبدأ المتظاهرون، أمس، بتفتيش جميع الداخلين إلى ساحة التحرير، تخوفاً من وقوع حادثة مماثلة.
وقال أبو كرار الآتي من البصرة أيضاً: «وقع انفجار إثر خرق أمني، لكن اليوم كثفنا من الحواجز وهذه المشكلة لن تتكرر».
وقُتل أكثر من 320 شخصاً خلال الاضطرابات الحاشدة المستمرة منذ أسابيع في بغداد وجنوب العراق.
وتزايدت حدة الاحتجاجات التي بدأت في أكتوبر، بسبب نقص الوظائف والخدمات العامة. ويطالب المحتجون حالياً برحيل الطبقة الحاكمة بالعراق وإصلاح نظام الحكم الذي أذكى الفساد منذ الإطاحة بصدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003.
وطبقاً لإحصاء أجرته وكالة «رويترز»، استناداً إلى مصادر بالشرطة وأخرى طبية، فإن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت للتعامل مع متظاهرين أغلبهم من العزل، وهو ما أدى إلى مقتل نحو 50 شخصاً خلال أسبوع منذ أول أكتوبر. ولقي أكثر من 12 فرداً من قوات الأمن حتفهم.
إغلاق ميناء أم قصر
وأغلق محتجون في البصرة ميناء أم قصر جنوبي البلاد. وأفادت مصادر أمنية أمس، بأن المتظاهرين يمنعون الشاحنات من الدخول إلى الميناء.
وكان ميناء أم قصر، المطل على الخليج العربي ويستقبل شحنات الحبوب والزيوت النباتية والسكر، مسرحاً لاحتجاجات خلال الأيام الماضية. وتوقفت العمليات في الميناء لنحو 10 أيام بعدما أغلق محتجون مدخله، واندلعت اشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين الذين قالوا إن إغلاق الميناء يأتي كورقة ضغط من أجل تحقيق مطالبهم التي خرجوا من أجلها.
وحذرت حكومة عبد المهدي من أي احتجاجات تتسم بالعنف. وتتعرض الحكومة لضغوط من السلطات الدينية ذات النفوذ لضمان عدم تصاعد حدة العنف ولإجراء إصلاحات حقيقية لتحسين حياة العراقيين.
مسلحون يغتالون ناشطاً عراقياً
أفاد متظاهرون عراقيون، أمس، بمقتل ناشط مدني يشارك في المظاهرات الاحتجاجية في ساحة التحرير برصاص مسلحين مجهولين في أحد أحياء شمالي بغداد.
وقال المتظاهرون في ساحة التحرير: «إن مسلحين مجهولين أطلقوا النار على الناشط المدني عدنان رستم في حي الحرية شمالي بغداد، وهو ما أدى إلى مقتله في الحال ولاذوا بالفرار». وعبر المتظاهرون عن حزنهم العميق لمقتل الناشط لينضم إلى قوافل القتلى الذين سقطوا برصاص القوات الأمنية خلال المظاهرات الاحتجاجية التي تجتاح البلاد.