حمى «أولمبياد لندن» لم تسيطر على البريطانيين بعد
قبل أسبوعين فقط من انطلاق فعاليات دورة الألعاب الأولمبية القادمة (لندن 2012) لم تسيطر حمى الأولمبياد بعد على البريطانيين حسبما أوضح استطلاع للرأي نشرت نتيجته أمس.
وطبقاً للاستطلاع الذي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” قال 61 بالمئة من البريطانيين إنهم لا يشعرون في الوقت الحالي بإثارة أكبر مما كانوا يشعرون في بداية العام.
ورغم ذلك، أكد 40 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع أن مسيرة الشعلة الأولمبية والتي رحب بها الجميع بحماس شديد في كل أنحاء بريطانيا، شحنت اهتماماهم بالأولمبياد الذي تنطلق فعالياته في 27 يوليو الحالي.
وأظهر الاستطلاع أن 55 بالمئة من البريطانيين يرون أن الأولمبياد سيفيد بلدهم ككل، بينما يرى معظمهم، بنسبة 74 بالمئة، أن لندن ستكون المستفيد الرئيسي من هذا الحدث الرياضي الضخم، ومن بين 2000 شخص شاركوا في الاستطلاع، يرى نحو 60 بالمئة أن الأولمبياد تكلف مبالغ ضخمة للغاية.
من جانبها أكدت الحكومة البريطانية أمس الأول أنه سيجري نشر 3500 جندي إضافي لسد ثغرة أمنية في الألعاب الأولمبية، وتعني هذه التغييرات على الخطة الأمنية في اللحظة الأخيرة، أنه سيتم نشر 3500 جندي إضافي في أكثر من 30 ملعبا في الدورة الأولمبية، ما يرفع عدد أفراد الجيش الذين جرى نشرهم لدورة الألعاب إلى 17 ألف جندي.
وستأتي بقية القوة الأمنية البالغ قوامها 23700 جندي في الملاعب من حراس من شركات خاصة ومئات المتطوعين، ما يترك الجيش في وضع مهيمن، وجاءت الخطوة بعدما أقرت شركة الأمن الخاصة “جي 4 اس” بوجود تأخير وصعوبات في معالجة الطلبات في الوقت المحدد عبر إجراءات تدقيق معقدة.
وكان يتعين أن توفر الشركة عشرة آلاف حارس، لكنها على الأرجح لن تفي بنسبة 30% من التزاماتها التعاقدية.
وقال وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند إنه سمح بنشر مزيد من القوات كدعم عسكري إضافي “لتوفير مزيد من الطمأنينة”.
وقالت وزيرة الداخلية تيرزا ماي في بيان طارئ للبرلمان أن التغييرات تعكس “المرونة” في التخطيط المفاجئ من أجل الأمن.
ومع هذا، اعتبر النداء المتأخر بطلب المساعدة من الجيش إحراجاً للحكومة وللجنة لندن لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية للمعاقين ولشركة “جي 4 إس”.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إنه “لأمر مؤسف”، ومع هذا، كان هناك دائماً تصور لتنظيم عملية أمنية مشتركة تضم قوات عسكرية ومدنية، وأضاف: “نحن سعداء لتغيير هذا التوازن”.
ونبهت الحكومة أمس الأول إلى أن “جي 4إس” التي حصلت على 284 مليون جنيه استرليني (438 مليون دولار) مقابل العقد، يجب أن “تواجه عواقب عدم الوفاء بالتزاماتها”.
وذكرت ماي أن الجنود وعائلاتهم سيحصلون على مكافآت تتمثل في مخصصات إضافية من التذاكر لحضور فعاليات الألعاب الأولمبية.
وتستمر دورة الألعاب الأولمبية من 27 يوليو الجاري حتى 12 أغسطس المقبل، وستتبعها دورة الألعاب الأولمبية للمعاقين من 29 أغسطس حتى 9 سبتمبر المقبلين.
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية إنه “لا توجد أخطار أمنية محددة” حالياً على الألعاب الأولمبية.
من جهة أخرى، قال أعضاء في البرلمان البريطاني أمس الأول إن الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية في لندن وضعت أجهزة المخابرات البريطانية تحت ضغط كبير في وقت تجري فيه البلاد أكبر عملية أمنية وقت السلم في تاريخها.
وفي المراجعة السنوية، قالت لجنة المخابرات والأمن في البرلمان، إن تنظيم القاعدة والجماعات المنتمية له إلى جانب الجماعات المسلحة المعارضة للاتفاق السلمي في أيرلندا الشمالية، ما زالت تمثل أكبر قدر من الخطر على بريطانيا، لكن اللجنة التي تقدم نصائح لأجهزة المخابرات، قالت إن المكافحة الناجحة للإرهاب بدأت تؤتي ثمارها.
وقال مالكوم ريفكيند رئيس اللجنة “يرى جهاز المخابرات أن هناك مؤشرات للتفاؤل الحذر فيما يتعلق بتراجع عدد الهجمات التي تستهدف الأمن القومي في 2011”، لكن العمل المكثف المصاحب لاستعدادات أولمبياد لندن الذي يبدأ يوم 27 يوليو زاد من الضغط على عمل جهاز المخابرات الداخلية (ام.آي 5)، ويمثل “تحدياً حيوياً لكل الأطراف المعنية”.
وجاء في تقرير المراجعة أن انتفاضات الربيع العربي في أنحاء العالم العربي طغت على أنشطة أجهزة الأمن في 2011، مضيفاً أن هذه التطورات فاجأت الكثيرين في أجهزة المخابرات.
وقال ريفكيند “من المستحيل غالباً التكهن بمثل هذه الأحداث، لكن يظل هناك سؤال حول ما إذا كان من المفترض أن تتكهن الأجهزة فور بدء تكشف الأحداث بإمكانية انتشار الاضطرابات سريعاً في أنحاء المنطقة”.
وفي الشهر الماضي، حذر جوناثان ايفانز رئيس جهاز المخابرات الداخلية في أول كلمة علنية له منذ عامين من أن مقاتلي القاعدة يستغلون الدول التي أطاحت بزعمائها خلال الانتفاضات العربية كقواعد لتجنيد شبان غربيين لشن هجمات على بريطانيا.
وقال ريفكيند “أعاد جهاز المخابرات ترتيب أولويات عمله، بحيث يتمكن من مواجهة مخاطر محتملة من القاعدة والجماعات المرتبطة لها والمعارضين الجمهوريين (الأيرلنديين) ودول معادية وجهات أخرى في الفترة التي تسبق الأولمبياد أو خلاله”.
وأضاف “وتسبب هذا إلى جانب عبء عملية إصدار التصاريح (للأولمبياد) والأعمال المرتبطة بذلك في وضع جهاز المخابرات تحت ضغط كبير على مدى العام المنصرم”.
وقالت اللجنة أيضاً، إن الهجمات الإلكترونية تمثل خطراً حقيقياً على أمن بريطانيا وتساءلت عما إذا كان قد تم إحراز قدر كاف من التقدم فيما يتعلق ببرنامج للأمن القومي الإلكتروني يتكلف 650 مليون جنيه استرليني (مليار دولار) كان قد أعلن قبل 18 شهراً.
وقال ريفكيند “هناك حاجة لجهد أكبر إذا كان لنا أن نمضي قدما في هذا المجال المتسارع الخطى”.
المصدر: لندن