أحمد النجار (دبي)
تحف إبداعية وقطع فنية تبهر الزوار وتزين منصات معرض «داون تاون ديزاين»، المقام ضمن أسبوع دبي للتصميم الذي تستمر فعالياته حتى 15 نوفمبر الحالي، عنوانها الجمال والإلهام، نفذها مصممون شباب ومواهب صاعدة، تفتح خطوط التماس مع ثقافات الشعوب وتحتفي بالتراث البشري عبر نفحات التصميم، لتنتج قصصاً وقيماً ورسائل جميلة تسمو بالذوق والذائقة، وتنتج الحلول والمتطلبات لسعادة الإنسان ورفاهية المجتمعات وخدمة الحاضر والمستقبل، وتنوع الأفكار والمشاركات خلال المعرض الذي تلامس معروضاته احتياجات حياتية برؤى ذكية ترتكز على إحداث تأثير إيجابي في البيئة والثقافة والحضارة الإنسانية.
ويشارك في أسبوع دبي للتصميم معرض «داون تاون إديشنز»، ويتخلله معرض رائد الأعمال والمُصمِّم غسان سلامة وعنوانه «مدار» وهو معرض تعليمي يتناول الاتجاهات الحالية لقطاع التصميم في المنطقة والحركات الواعدة في المدن النشطة في مجال التصاميم، ويشمل أعمالاً لمصممين متميزين من المنطقة.
تصوير مرئي للشعر
وفي قلب داون «تاون إديشنز»، الذي يوصف بأنه منصة حاضنة للمواهب الشبابية في مجال التصميم، ويشارك فيه علامات محلية رائدة وشركات إقليمية وعالمية، كان لـ «الاتحاد» وقفة مع أبرز المصممين الشباب التي تتضمن أعمالهم رسائل إبداعية وقيم مجتمعية، فكانت البداية مع المصممة رنيم الحلقي من «1971 – مركز للتصاميم»، التي أبدعت عملاً تركيبياً معاصراً حمل عنوان «أصوات مكبلة»، وقالت رنيم إن «أصوات مكبلة» هو عبارة عن سلسلة أعمال تركيبية شعرية ترتكز على فن الطباعة والتيبوغرافية العربية باستخدام «خط النستعليق»، بهدف ابتكار أشكالٍ مرئية عبر وسائط مختلفة، وتقديم تصوير مرئي لأبيات شعرية بطريقةٍ تجريبية، تشرك الجمهور في تجربة بصرية، كما يهدف العمل إلى تجسيد مجموعةً من التجارب الحسية عبر أساليب فنية متنوعة.
ورنيم هي مصممة جرافيكية، مقيمة في دبي، حائزة جوائز، ومتخصصة في استخدام الأحرف العربية كعنصر مرئي، تتنوع أعمالها وأبحاثها عبر الوسائط والتخصصات المتعددة، بما في ذلك استخدام الطباعة والتركيبات ثلاثية الأبعاد، وتجارب حول المساحة والابتكار في التصميم.
أصوات في قفص
وأوضحت رنيم أن فكرة العمل بدأت منذ عام 2015 منذ أن كانت في الجامعة، فكان جزءا من بحثها وتجاربها بين الخط العربي والشعر في أحد الصفوف مع أستاذها رضا عابديني، ودلالة «أصوات مكبلة» تعبير بصري عن قصيدة «الحاكم والعصفور» لنزار قباني. منذ أن قرأت هذه القصيدة وأنا متمسكة به بأكثر من حالة، فهي إحدى قصائد الشاعر نزار قباني غير المعروفة، ولكنها جميلة وملائمة للأحداث التي تحدث في عالمنا الحالي والوطن العربي تحديداً.
وتابعت: بدأ العمل في معرض رسم العام الماضي، وكان مجرد عمل صامت، لكني قمت بتطويره هذا العام، وامتدت التجارب لتدخل أحاسيس أخرى وهي السمع وفهم الأصوات، فهي ناتجة من فكرة قفص من أحرف، فالأحرف والكلام والأصوات هي التي تحجب الشاعر وبالتالي تبدو مكبلة وغير مسموعة، ويعبر هذا العمل عن شعور مختلف لكل فرد من الجمهور.
الحديد مع «النستعليق»
وأشارت رنيم إلى أن العمل استغرق تنفيذه 5 أشهر، حيث إن الصوت المكبل في العمل الفني يحاول إيصال رسالة للوطن وللعالم، فكل منا له صوت وهذا ما يجعله مختلفاً من غيره، ولكن هذه الأصوات غير مسموعة وبالتالي مكبلة في معظم الأوقات، معتبرة بأن المميز في فكرة عملها التركيبي كونها استخدمت فيه «خط النستعليق العربي» بطريقة معاصرة وجديدة، فالخط أصبح غير واضح للقراءة ولكنه تعبيري، والتميز الآخر هو استخدام المعدن والحديد كمواد لخلق الأصوات المُكبلة، واستخدمت أيضاً الحديد المقطع مع أحرف وكلمات عربية، وهنا أتت التجارب بأنواع الحديد وسماكتها للحصول على الصوت المعني له، كما أن الصوت الناتج من طبيعة العمل والأحرف المقطّعة هو رمز من جمال القطعة، غير أنه يرمز إلى رسالة مهمة للوطن العربي، ومن أهم رموزه هو استخدام الشعر كمحتوى أساسي للعمل.
آلام الأوطان
وقالت رنيم: لدي أفكار لمتابعة هذا المشروع، فأنا أستوحي عملي من أحوال العالم وآلام الوطن العربي في محيطنا، ولا شك أن البيئة الإماراتية لها دور ملهم يكفي بأنها أرض للتعايش والتسامح وتحتضن 200 جنسية بأفكار وثقافات وأصوات مختلفة، وكوني بعيدة عن وطني ومغتربة، فهذه إحدى المصاعب التي أحاول أن أوصلها للجمهور بمفهوم خاص، وهذا ما يزيد من جمال القطعة، وأضافت: رسالتي عبر هذا العمل الفني هي التعبير المرئي البصري والسمعي عن مشاكل وحالات يعيشها كل من الجمهور على اختلاف ثقافاتهم وأعراقهم.
رؤية الفضاء من الخارج
في معرض «داون تاون أديشنز»، التابع لـ «داون تاون ديزاين»، هناك منحوتة حركية أخرى تم تصميمها باستخدام السوائل المعدنية المصنوعة من الجزيئات، خطفت أنظار زوار أسبوع دبي للتصميم، وتحمل عنوان «الفضاء المنعكس»، من إبداع الفنان الألماني المخترع، روبرت سبيلنر، وهي معروضة ضمن «إم بي آند إف ماد غاليري»، ويمثل المجسم الحركي الكروي الذي يصل ارتفاعه إلى مترين، فكرة «الحركة أثناء الحياة»، حيث يعرض أنماط تدفق السوائل المعدنية، والتي تم إنشاؤها باستخدام الجزيئات، بدلاً من الأجزاء الميكانيكية، ويتمثل دافع سبيلنر وراء إبداع هذه التحفة الفنية في مشاركة المشاهدين لرؤية حية لكيفية ظهور الفضاء من الخارج، من خلال تقديم صور تحاكي أسلوب دوران المجرات، مماثلة لتلك التي يتم التقاطها بوساطة الأقمار الصناعية الخاصة بالطقس، بينما تبقى كيفية إنتاج السائل المعدني سر الفنان، الذي يتطلب مدة 8 أسابيع لصياغته، بعد أن أمضى سنوات طويلة في البحث والتطوير.