عمرو عبيد (القاهرة)

تخضع اختيارات لاعبي كرة القدم منذ مرحلة الناشئين إلى مقاييس بدنية محددة، لكن أصحاب المهارات اعتادوا كسر هذه القواعد مهما بدا الأمر غريباً، ففي لعبة كرة القدم يعتبر طول القامة عاملاً إيجابياً في مركز حراسة المرمى أو الدفاع، في بعض الأحيان وليس كلها، لأن أصحاب الهامات العالية يصعب عليهم في بعض المواقف التحكم في الكرات الأرضية، أو التعامل مع المراوغات السريعة، إلا أن نجوماً برزوا، وكشفوا عن مهارات خاصة تغلبت على طول القامة الذي لم يكن أبداً عائقاً أمام تألقهم.
ويروي التاريخ القديم عن سقراطس البرازيلي، صاحب الـ 192 سنتيمتراً، الذي صال وجال في ملاعب الكرة بين نهاية السبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي، ولم يمنعه طول القامة من اللعب في وسط الملعب، كوسط مهاجم أو صناع ألعاب، والغريب أن سقراطس أبدى موهبة فائقة في التحكم بالكرة والتمرير البيني القاتل، الذي كثيراً ما أهدى الفرق البرازيلية التي لعب لها وكذلك السليساو أهدافاً عديدة، ولم تتوقف موهبة الطبيب سقراطس عند هذا الحد، بل كان أحد هدافي ذلك الجيل بـ 114 هدفاّ أحرزها في 162 مباراة خاضها مع جميع الفرق، ومع راقصي السامبا تمكن من تسجيل 22 هدفاً في 60 مباراة، وتم اختياره ضمن أفضل 100 لاعب في تاريخ اللعبة من قبل الفيفا عام 2004.
العملاق النيجيري الرشيق نوانكو كانو، هو أحد هؤلاء الذين أمتعوا عشاق الكرة بين نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحديث، ورغم اقتراب قامته من المرتين طولاً، 197 سنتيمتراً، إلا أن «النسر الأخضر» امتلك موهبة خارقة للعادة وضعته ضمن صفوة لاعبي القارة السمراء عبر التاريخ، وكانت مهارته وسرعته وقدرته الهائلة على المراوغة ضمن أسباب نجاحه السريع الذي خطف الأضواء في تلك الحقبة، ورغم معاناته من أمراض القلب، إلا أن شيئاً لم يوقف مسيرة كانو على جميع المستويات، فهو صاحب لقب كأس العالم للشباب مع النسور في عام 1993، قبل أن يسجل الظهور الإعجازي الذي حُفِر في تاريخ الألعاب الأوليمبية، عندما انتزع مع رفاقه ميدالية 1996 الذهبية من بين أنياب عمالقة الأرجنتين والبرازيل، وبعدها انطلق كانو نحو المجد ليحصد ألقاب عالمية، مثل البريميرليج والشامبيونزليج، وكأس اليويفا والسوبر الأوروبي، مع فرق كبرى، مثل أياكس وأرسنال وإنترناسيونالي، وسيطر كانو على العديد من الجوائز الفردية الإفريقية في تلك الفترة.
ولا يزال السويدي، زلاتان إبراهيموفيتش الملقب بالسلطان، يبهر الجميع في ملاعب كرة القدم بمهاراته التي فاقت الكثير من الحدود، وتجاوزت أهداف صاحب الـ 195 سنتيمتراً قواعد الطبيعة والجاذبية الأرضية، فهو المهاجم الهداف الطائر القادر دائماً على تقديم لوحات فنية إبداعية تفوق الخيال، ولم يسجل السلطان أهدافاً عادية، بل حملت دائماً لمسة مهارية أكروباتية خاصة لم يؤثر عليها طول قامته، وبالطبع كانت مسيرته حافلة باللعب ليوفنتوس وبرشلونة والإنتر وميلان ويونايتد وبي أس جي، وقبلهم أياكس الذي شهد بداية أسطورته الكروية، وفاز إبرا بالعديد من ألقاب الدوريات الأوروبية الكبرى، وكذلك الدوري الأوروبي وكأس العالم للأندية، وأحرز السويدي الطائر ما يزيد على 500 هدف مع الأندية ومنتخب بلاده خلال 20 عاماً.
ورغم أنه لم يحقق الكثير من الإنجازات التي تتماشى مع موهبته ومهارته التي ظهرت في بداية القرن الحالي، إلا أن التوجولي إيمانويل أديبايور يعد أحد النجوم طوال القامة الذين تميزوا بمهارات خاصة، ويكفيه فخراً قيادة منتخب بلاده إلى مونديال 2006 للمرة الوحيدة في تاريخ الصقور، الذي يمكن سرده في سطور قليلة جداً، لكن أديبايور لم يتمكن من الظهور بمستوى ثابت يمكنه من البقاء في صفوف الفرق الكبرى التي لعب لها، مثل السيتي وريال مدريد وتوتنهام، ولعل مسيرة المهاجم الإنجليزي الشهير، بيتر كراوتش، تقارب خطوات النجم التوجولي، لأن كراوتش لم يحصد ألقاب هامة في تاريخه الكروي المستمر منذ 20 عاماً، صحيح أنه ارتدى قميص ليفربول خلال 3 سنوات، وكذلك دافع عن ألوان توتنهام، إلا أنه لم يتوّج سوى مرتين بكأس الاتحاد الإنجليزي والدرع الخيرية مع الريدز، لكن صاحب الـ 202 سنتيمتراً دخل تاريخ البريميرليج بأهدافه التي طالما أنقذت الفرق التي لعب لها، وبلغ إجمالي أهدافه 108 أهداف منحته المركز الثامن عشر في ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي عبر التاريخ.