الحريري مرتاح لـ «تطمينات نجاد» بشأن المحكمة الدولية
كشفت كتلة “تيار المستقبل” أمس عن أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد حسم خلال محادثاته مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ثلاث نقاط، أولها رفض إيران للفتنة في لبنان لأنها تضر بالمنطقة وتقدم خدمة مجانية لإسرائيل، وثانيها أن الوفاق الوطني اللبناني أهم من أي موضوع آخر، وثالثها دعم الحكومة اللبنانية انطلاقاً من كونها تعبر عن الوفاق الوطني وأي موضوع آخر بما في ذلك المحكمة الدولية، التي يمكن أن يتم بشأنها يناقش بحكمة وروية وحوار هادئ.
ووصف النائب عقاب صقر زيارة نجاد إلى لبنان بأنها “أكثر من ممتازة”، وقال “نحن نعتبر أن هذا الموقف للرئيس الإيراني يلتقي مع التوجه السعودي الذي دعا إلى المحافظة على الوفاق، ونعتبر هذا الكلام مهماً ونعلن التزامنا الكامل به وننتظر من حزب الله موقفاً واضحاً يلتقي مع الطرحين الإيراني والسعودي”.
ونفى صقر خرق زيارة نجاد القرار الدولي 1701، وقال “إذا كانت إسرائيل قلقة من زيارة نجاد إلى جنوب لبنان فهذا يريحنا، فلتقلق إسرائيل .. لسنا معنيين بتهدئة الخواطر الإسرائيلية، فهي لا تدع لبنان يرتاح من خروقاتها البرية والجوية والبحرية ولا من جواسيسها”.
من جهته، أعرب الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل زعيم حزب “الكتائب” عن قلقه بشأن تداعيات زيارة نجاد إلى لبنان، وقال “إننا نرحب بزيارة أي زعيم إلى لبنان، طالما يؤيد السلام والاستقرار..اللبنانيون ليسوا قلقين بسبب الزيارة في حد ذاتها ولكن بسبب التطورات التي تليها”، مشيراً إلى أن “حزب الله” الذي يعارض عمل المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري.
وقال النائب إيلي ماروني عضو تحالف الأغلبية (14 مارس) “إننا نتفق مع إيران وحزب الله لكونهم ضد إسرائيل ولكننا نختلف بشأن وسائل المواجهة”. وأضاف “إن اللبنانيين يهدفون إلى وجود دولة لديها جيش قوي بينما تقوم إيران بتسليح حزب الله”.
وكان نجاد اختتم زيارته إلى لبنان مساء أمس الأول بلقاء مع الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله في مقر السفارة الإيرانية في بيروت تم خلاله استعراض الأوضاع العامة على مختلف الصعد”. وقدم نصر الله للرئيس الإيراني “بندقية أحد الجنود الإسرائيليين كان الحزب قد غنمها في حرب يوليو 2006 كهدية عربون وفاء وشكر”.
ومع انتهاء زيارة نجاد، شرعت رئاستا الجمهورية والحكومة في تبريد الأجواء قبل جلسة مجلس الوزراء المقررة الأربعاء المقبل للشروع في درس تقرير وزير العدل إبراهيم نجار حول ملف “شهود الزور” في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
وترأس رئيس مجلس الوزراء جلسة لكتلة “تيار المستقبل” البرلمانية أمس لكن لم يصدر عنها أي بيان. في وقت لفت وزير الشباب والرياضة علي حسن عبدالله (8 مارس) إلى أن تأجيل البت بملف شهود الزور إلى جلسة الأربعاء كان كفيلاً بإعطاء القيادات السياسية الوقت الكافي ليتفقوا ويتوحدوا على صيغة تحافظ على وحدة الوطن، مشيراً إلى أنه متفائل بأن تؤدي الاتصالات إلى حل يناسب كل الفرقاء.
من جهتها، اعتبرت الولايات المتحدة أن زيارة نجاد إلى جنوب لبنان سيئة لسيادة لبنان وأمن المنطقة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي “إن زيارة الرئيس الإيراني للجنوب هدفت فقط إلى تعزيز الدعم لحزب الله..إذن نعتقد أن وجوده هناك هو تحريض من شأنه انتهاك سيادة لبنان وأمن المنطقة”.
ورأى محللون أن نجاد أراد توجيه رسالة إلى الأميركيين مفادها أن إيران أصبحت لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط لا يمكن تجاهله ولا بد من التفاوض معها لامتلاكها مفاتيح أساسية للاستقرار في المنطقة. وقال الخبير في الشؤون الدولية أمين قمورية “إن هذه المفاتيح موزعة على القضية الفلسطينية عبر الوجود الإيراني في جنوب لبنان وقطاع غزة، وعبر الورقة العراقية والورقة الأفغانية”. وأضاف أن “العالم لن يتصل بإيران إذا لم تكن تملك أوراقاً قوية، وهي تدرك ذلك”.
ورأى قمورية “إن الزيارة وجهت رسالة أساسية إلى الأميركيين وأخرى قوية إلى الإسرائيليين”. وقال “إن الإيرانيين يقولون بوضوح للولايات المتحدة إن محاولات إخراجنا من المنطقة التي بدأت مع بدء الأزمة النووية وحصارنا لن تجدي نفعاً..ويقولون للإسرائيليين أنتم الذين تحاولون تهديدنا كل يوم وكل لحظة اعرفوا أن في إمكاننا أن نكون موجودين في أكثر الأماكن إيلاماً بالنسبة إليكم وهو جنوب لبنان وتحديداً في بنت جبيل ومارون الرأس المحاذيتين للحدود”.
ورأت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط ريم علاف أنه يستحيل التوصل إلى تفاهم في المنطقة من دون أخذ اعتبار القوى العظمى وإيران من بينها، وقالت “من دون اتفاق مع الإيرانيين على لبنان أو العراق وحتى بعض أجزاء باكستان وأفغانستان، لن يتمكن الأميركيون من تحقيق شيء مهم”.
واعتبر محمد صالح صدقيان رئيس المركز العربي للدراسات الإيرانية “إن زيارة نجاد إلى لبنان وجهت رسالة واضحة إلى الإدارة الأميركية مفادها أن لا تسوية أمنية أو سياسية في المنطقة من دون مشاركة إيرانية”، وأضاف “إن إيران تؤثر على الساحة السياسية والأمنية في المنطقة، وفي حال استبعادها فإن مصير التسويات سيكون الفشل”.
المصدر: بيروت، واشنطن