أبوظبي (الاتحاد)
نظَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، أمس، ندوة «تحالف عاصفة الفكر» في نسختها السابعة، التي حملت عنوان «المستقبل العربي في عصر التكنولوجيا»، والتي تستمر فعالياتها حتى اليوم، وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بمقر المركز في أبوظبي.
حضر الندوة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، ومعالي محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة لشؤون الدفاع، ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، وبمشاركة نخبة من المسؤولين والباحثين والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين، وممثلي مراكز البحوث والدراسات في عدد من الدول العربية.
وافتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، الندوة بكلمة أكد في مستهلها أهمية الموضوع الذي تتناوله، مشدداً على قدرة الدول العربية على المشاركة في تشكيل المستقبل، والإسهام في مسيرة التقدم التكنولوجي على الصعيد العالمي؛ لأن العرب أصحاب حضارة عريقة وأصول راسخة وأفكار متدفقة، تجعلهم قادرين على التعايش الإيجابي مع أي عصر، وبالتأكيد عصر التكنولوجيا.
وأعرب معاليه عن أمله في أن تسهم الندوة في تسليط الضوء على تجربة دولة الإمارات الناجحة في التعامل مع التقنيات الحديثة في الحاضر والمستقبل، والمقومات التي تستند إليها، سواء فيما يتعلق بالاهتمام بالابتكار والإبداع، أو الاستثمار في التعليم وجعله يواكب عصر العلوم والتكنولوجيا الحديثة، أو في إعداد أبناء الوطن للتعامل مع تكنولوجيا المستقبل.
وأشار معاليه إلى أن لدى دولة الإمارات بنية أساسية ومعرفية تعزز من مساهمتها في مسيرة التقدم التكنولوجي، فلديها سياسة عليا في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، كما استحدثت مجموعة من الوزارات التي تعزز دورها في مجال التكنولوجيا والعلوم، ولهذا فإن تجربتها في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة تمثل مصدر إلهام للدول العربية جميعاً.
ثم ألقى معالي محمد بن أحمد البواردي كلمة، أكد في مستهلها أن جميع دول العالم ستكون مجبرة على مسايرة ركب التقدم التكنولوجي خلال السنوات المقبلة. وأشار معاليه إلى أن على العالم العربي التحرك للانخراط في تكنولوجيا العصر، من منطلق علمي وقانوني وأمني، لكي يكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات والصعاب، لتوفير بدائل أفضل لأجيال المستقبل، ولحماية وجودنا واستمرار بقائنا، وإلا فإن المستقبل سيظل مجهولاً.
وألقى معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، كلمة، استهلها بالإشارة إلى أن موضوع الندوة يأتي في وقت مهم للعالم العربي، لإعادة النظر في طبيعة موقعه من التكنولوجيا، وفيما ينبغي أن يتحقق في المستقبل، وأعرب عن أسفه لأن عالمنا العربي قد تعرض لضربات الربيع العربي المشؤوم الذي مزقه ودمر أحلام أبنائه وأعاد عقارب الساعة إلى الوراء عقوداً وأزماناً.
وأعرب معاليه عن ثقته بأن الإمارات، ومعها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، قادرة على قيادة العالم العربي في عصر التكنولوجيا؛ لأنها وضعت رؤى استراتيجية وأهدافاً واضحة للسنوات المقبلة، وتعمل على تحقيقها بكل عزم وإصرار.
وبعد ذلك، ألقى سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كلمة ترحيبيَّة أعرب في مستهلها عن ترحيبه بالحضور والمشاركين في فعاليات هذه الندوة، التي تركز على مجموعة من القضايا المتعلقة بالمستقبل العربي في ظل التأثير المتسارع للتكنولوجيا على مختلف مناحي الحياة، وهو التأثير الذي يستقطب اهتماماً كبيراً ليس من جانب مراكز البحوث والدراسات فحسب، وإنما من جانب الحكومات وصانعي القرار أيضاً، مشيراً إلى أن هذا التطور غير المسبوق الذي أفرزته الثورة الصناعية الرابعة في مختلف المجالات، بات يفرض علينا العمل من أجل استشراف المستقبل العربي، ووضع الخطط المطلوبة.
نمط الحياة في العالم العربي
وبدأت فعاليات الجلسة الأولى، تحت عنوان: (التكنولوجيا ونمط الحياة للمواطنين في العالم العربي)، وترأسها الدكتور سلطان محمد النعيمي، أكاديمي وباحث من الإمارات، وتحدث فيها كل من الدكتور عمار علي حسن، كاتب وباحث في العلوم السياسية من جمهورية مصر العربية، الذي أشار في ورقته البحثية إلى أن التكنولوجيا ليست مسألة منفصلة عن الفلسفة التي تقف وراءها، ففكرة السيطرة على الطبيعة كانت جزءاً من أهداف تطوير التكنولوجيا أو فكرة الاستيلاء على العالم. وأكد أهمية بناء مشروع فكري يحمل تصوراً تكنولوجياً يستهدف الإنتاج بدلاً من الاستهلاك. وتحدث في هذه الجلسة أيضاً، الأستاذ محمد توفيق ملين مدير عام المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بالمملكة المغربية، حيث سلط الضوء في مداخلته على ما تحمله التكنولوجيا الرقمية من إيجابيات وسلبيات على نمط حياة المواطن العربي، مؤكداً أهمية تتبُّع تأثيرات التسارع الهائل للتكنولوجيا، خاصة الرقمية، في نمط الحياة في العالم العربي.
مستقبل التعليم والصحة
وبعد ذلك بدأت الجلسة الثانية، التي حملت عنوان: (التكنولوجيا ومستقبل التعليم والصحة)، وترأسها محمد الحمادي، صحفي وكاتب من الإمارات، وتحدث فيها الدكتور خليفة السويدي، أكاديمي وإعلامي من جامعة الإمارات العربية المتحدة، والذي أشار في ورقته البحثية إلى أنه ومنذ أن بدأت التكنولوجيا بصورها المبدئية في اقتحام الفصول المدرسية، بدأ هذا السؤال يطرح نفسه: هل ستحل هذه الأجهزة مكان المعلم؟ وكانت جل الإجابات نافية لهذا التوقع مع التطور في التقانة ودخولنا عالم تكنولوجيا المعلومات والاتصال ICT، موضحاً أنه لئلا ينقرض المعلم، فنحن بحاجة إلى إعادة النظر في الأدوار التي يضطلع بها في المدرسة، إن بقيت المدارس في محلها.
كما تحدثت في هذه الجلسة الدكتورة حواء المنصوري نائب المدير الطبي، مركز إمبيريال كولدج لندن للسكري، بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أشارت إلى أن التكنولوجيا تعد جزءاً أساسياً من التقدم الإنساني، وأن للابتكار دوراً مهماً في تشكيل مستقبلنا على مختلف الصعد، سواء في مجال الرعاية الصحية أو السفر أو الموارد الطبيعية، بشكل يمكننا من تحقيق أقصى استفادة منها.
وتواصل ندوة تحالف عاصفة الفكر فعالياتها اليوم، حيث ستتطرق الجلسة الثالثة إلى موضوع المستقبل العربي في عصر الذكاء الاصطناعي، أما الجلسة الرابعة فستتناول وظائف المستقبل في ظل التكنولوجيا الجديدة (الإنتاج، والاتصالات، والمواصلات).