غدير عبد المجيد (العين)- أكد الفنان التشكيلي خليفة الشامسي أنه يرسم الواقع في لوحاته ويبرز معالمه وتفاصيله على صفحة بيضاء، لكنه ينثر عبر كل لوحة يرسمها ألغازا وأحاجي ليجبر الجمهور على الوقوف أمام كل لوحة لثوان ودقائق محاولين البحث عن حلول لها أو فهم ما تخفيه بين ثناياها من حكايا وقصص وأسرار. خليفة الشامسي شاب لم يتجاوز 25 سنة من عمره، أحب فن الرسم منذ صغره حتى كبر معه ولازمه في مختلف مراحله العمرية، ولأنه لم يشأ أن يمزج بين موهبته ودراسته الجامعية ارتأى أن يدرس هندسة الكمبيوتر في جامعة الامارات، وبعد تخرجه التحق بقسم تكنولوجيا المعلومات في مستشفى العين الحكومي للعمل فيه بوظيفة «مطور ويب» . صقل الموهبة يحدثنا خليفة الشامسي عن بداياته مع الرسم وأول من اكتشف موهبته وشجعه على الاستمرار: أذكر أنني بدأت أحب الرسم وأنجذب إليه عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، حيث كنت حينها أحب رسم الأسماك وأحاكي صورا مرسومة وملونة محاولا تقليدها، وبما أن أخي الذي يكبرني بعشر سنوات يمتلك موهبة كبيرة في الرسم فتنبه لي ذات يوم عمدت فيه إلى الجلوس على مكتبه مستغلا غيابه، وعبثت بأوراقه ودفاتره، وشدني كتاب عليه صورة هتلر ، فقمت برسمها، وعندما عاد أخي شاهدها وسألني من رسمها وعندما عرف أنني رسمتها استغرب وظنني طبعتها، فأكدت له أنني رسمتها ولم أطبعها، حينها قرر أن يعلمني أساسيات الرسم وكيفية استخدام الألوان وتوزيع الظلال وما إلى ذلك. ويستطرد خليفة: لم يكن للمدرسة ذاك الدور المؤثر في صقل موهبتي، وذلك لأننا لم نكن ندرس الفن حتى الصف الثاني الاعدادي حيث كانت حصة الفن تستبدل بمواد دراسية أخرى، لكن ذلك لم يمنعني من الاستمرار بالرسم وتغذية موهبتي بالمهارات التي تحتاجها مستعينا بالإنترنت والكتب لمعرفة ما يساعدني في تطوير قدراتي الفنية والحسية، من دون أن ألتحق بدورات متخصصة في فن الرسم لأنني ربما لم أجد مكانا يجذبني لذلك، فارتأيت إلى تطوير نفسي بنفسي. وأشار الشامسي إلى أنه اختار دراسة هندسة الكمبيوتر في الجامعة لعشقه للكمبيوتر نفسه، بالإضافة إلى أنه خلال فترة الجامعة تلك كان من الطلبة المميزين وذلك عبر مشاركاته في الأنشطة الطلابية بما فيها من معارض ومؤتمرات، دون أن يفكر في تلك الآونة أن يقيم معرضا للوحاته الفنية التي صار عددها يزداد يوما بعد يوم، وبعدما عمل في مستشفى العين الحكومي أخذ يرسم صور أصدقائه ويهديها لهم فانتشر الخبر في المستشفى عن امتلاكه موهبة الرسم، فما كان من إدارة المستشفى إلا أن شجعته كما تفعل مع أي موظف آخر لديه موهبة من أي نوع، حيث تسعى إلى تشجيع الموظفين على إبراز مواهبهم ومساعدتهم في إظهارها، وأقام له المستشفى معرضا في أحد مبانيه. وعن اللوحات التي عرضها في هذا المعرض يخبرنا خليفة، عرضت 20 لوحة تندرج ضمن 3 مواضيع مختلفة، الموضوع الأول عبارة عن لوحات بورتريهات رسمت فيها صورا لشخصيات حقيقية كالأطفال وغيرهم، والموضوع الثاني شمل لوحات تعبر عن التراث والثقافة والعادات والتقاليد الأصيلة مثل القهوة والتمر أو الضيافة العربية، والألعاب الشعبية التي كان يمارسها الأولاد، بالإضافة إلى لوحات تعكس الملابس التراثية القديمة للرجال والنساء والأطفال، وأخرى تعبر عن الصيد في البحر والأدوات التي كانت تستخدم فيه ولوحات عن الخيول والصقور والنوق والمباني القديمة، أما الموضوع الثالث الذي دارت حوله لوحاتي فهو منوع ما بين مواضيع تخص الصحة كالحديث عن تعاطي الحبوب المخدرة وآثارها، وعن العلاقات الانسانية كالرومانسية والحب سواء رآها على شاشة التلفاز ضمن مسلسل أو فيلم ما أو سمع عنها ممن حوله أو قرأ عنها في قصة ، بالإضافة إلى لوحات تعبر عن الطبيعة الصامتة وأخرى سريالية غامضة. رسم الشخصيات وبين خليفة الشامسي أن لوحاته تعتمد على أمرين أساسيين يتمثلان في رسم الأشياء والشخصيات بالاعتماد على صور فوتوغرافية لها، حيث يستعين بموهبته في التصوير بالتقاط صور للطبيعة والوجوه وغيرها ويقوم برسمها من دون أن يستنسخها بل يضيف إليها لمسته وروحه التي تفاعلت مع تلك الصورة وأفرزت إحساسا فنيا عبر عنه بالريشة والألوان، ولعل التصوير يساعده كما أفاد على رسم تفاصيل الأشياء بدقة متناهية عبر التركيز فيها خصوصا إذا كانت وجوها ولها ملامح وتقاسيم ليس من السهل رسمها، والأمر الثاني أن معظم لوحات الشامسي وإن لم تكن جميعها رسمت بقلم الرصاص والفحم والحبر الأسود وذلك لأنه شعر بأنها الأقرب إلى نفسه ومن الممكن توافرها معه في كل مكان، ولا يعني ذلك أنه لم يستخدم الألوان الأخرى بل عرج في عدد قليل من لوحاته الى ألوان الباستيل والألوان الزيتية والخشبية. ويعتقد خليفة الشامسي أن معيار نجاحه في رسم لوحة فنية يكمن في قدرته على إبراز احساس وحركة في اللوحة، فتبدو الصورة المرسومة على لوحاته وكأنها شيء ديناميكي حي يتحرك وينبض، ويشعر من يراها وكأنه يرى مشهدا من فيلم وينتظر المشهد الذي يليه بشغف وفضول، حيث يسعى خليفة حاليا إلى تأليف قصة ذات مشاهد وشخصيات ورسالة معينة ليس بالكلمات ولكن بالخطوط والألوان.