تخيل أن شركتك قد عرضت عليك العمل من المنزل عبر الإنترنت، من دون القدوم للشركة.. هل توافق؟
تحرص معظم الشركات على تحديد ساعات عمل صارمة للحضور والانصراف لموظفيها، وتجعل من التزامهم بها من مقاييس تقييم الأداء. لكن، ماذا لو كانت طبيعة العمل لا تقتضي وجود الموظف في مبنى الشركة أصلاً؟ هل ستزيد إنتاجيته لو قام بعمله وهو في المنزل، أم ستنخفض؟

التجربة
قامت شركة كبرى بتجربة عملية لمعرفة الإجابة.. وكالة سفريات صينية تدعى (سي تريب)، يعمل لديها نحو 16.000 موظف، قامت باختيار بعض العاملين بقسم الاتصالات وخدمة العملاء.. أي الذين يقومون بحجز وتنسيق مواعيد الفنادق والطيران والرد على العملاء. جعلت الشركة بعضهم يعملون من المنزل، وظل بعضهم الآخر يعملون بشكل طبيعي في مراكز الاتصالات الخاصة بالشركة.

النتيجة
قام باحثون من جامعة ستانفورد بتحليل نتائج هذه التجربة (نشرت في كوارترلي جورنال أوف إيكونوميكس) لأنهم وجدوا مجموعة من النتائج المثيرة حقاً.. وهي:

إنتاجية أعلى: رغم أن بعض الموظفين ساء أداؤهم من المنزل، إلا أن أغلبية الموظفين المنزليين، زادت إنتاجيتهم بنسبة 13% كما زاد عدد المكالمات التي يستقبلونها.
إجازات مرضية أقل: يتغيب الموظف المريض عن العمل كي يستريح في المنزل. لكن حين يمرض الموظف المنزلي، قد لا يطلب إجازة ويستمر في العمل لأنه مستريح في المنزل بالفعل، ولن يتجشم عناء الخروج وهو مريض!
توفير أكثر للوقت: في حالة الموظف المنزلي يتم توفير الوقت الذي يتطلبه الوصول لمقر الشركة. يبدأ الموظف العمل سريعاً بعد الاستيقاظ، كما يستريح عدد مرات أقل خلال اليوم.
مكاسب مالية للشركة: التحسن في الأداء جعل الشركة تكسب حوالي 375 دولاراً إضافياً لكل موظف سنوياً، كما قلص العمل من المنزل التكاليف المكتبية بمقدار 1250 دولاراً لكل موظف سنوياً، بالإضافة لتوفير 400 دولار إضافي لأسباب إدارية..
في نهاية التجربة أعطوا للموظفين الحرية كاملة، العمل في المنزل أو العودة للمكتب.. فكانت الاستجابة غير موقعة..

رفض الموظفين!
بعد انتهاء التجربة، فوجئوا أن أكثر من نصف الموظفين المنزليين، قرروا العودة للعمل في مكاتب الشركة!
لماذا؟ اكتشف الموظفون أن عملهم في المنزل جعلهم «غير مرئيين» بما فيه الكفاية للمديرين في الشركة.. وهو ما جعل معدلات ترقيتهم أقل من أقرانهم العاملين في المكاتب، كما شعر بعضهم بالوحدة.. وهو ما يعني أن العمل من المنزل لا يصلح لجميع الناس. فالبعض يفضل مخالطة الناس، والبعض قد يشعر بالكسل لو لم يلتزم بالحضور في بيئة عمل، والبعض قد يشعر بانعدام التقدير لو لم يكن لديه مكتب ما في شركة ما!

لا يصلح للجميع
ليس العمل في المنزل مناسباً لجميع المهن بالطبع. كما أنه ليس بالسهولة التي قد يتخيلها البعض.. إنْ افترضنا عدم وجود أطفال قادرين ببراعة على استنزاف التركيز وإضاعة وقت العمل، يؤكد الباحث «نيكولاس بلوم» أن هناك ثلاثة مخاطر كفيلة بتدمير إنتاجية الموظف المنزلي وإضاعة وقته، وعليه أن يحاول تجنبها باستماتة.. وهي: السرير والثلاجة والتلفاز!
قد يكون الحل المثالي للبعض هو العمل في المنزل.. أو في مكاتب الشركة.. أو الاعتماد على ساعات العمل المرنة..
لكن الجدير بالذكر، أن الشركة الصينية المذكورة، قررت تمويل حملة دعائية داخلية مكثفة.. لإقناع موظفيها بمزايا العمل من المنزل!