شادي صلاح الدين (لندن)

أتاحت القوانين الداخلية للولايات المتحدة، الفرصة للنظام القطري بممارسة عمليات قرصنة ورشوة لمسؤولين في جميع المجالات سواء لمحاولة التقرب من إدارة الرئيس دونالد ترامب والتأثير على سياسته بطريقة غير شرعية، أو لابتزاز آخرين ومحاولة تشويه صورتهم لعدم اتفاقهم مع سياسة الدوحة.
وفي تقرير عبر صحيفة «واشنطن اكساماينر»، طالب الكاتب جاكوب كاماراس، الكونجرس بتحديث القوانين أو تغييرها لمواجهة عمليات القرصنة التي تقوم بها دول أجنبية، خاصة القطريين، الذين يعملون على اختراق رسائل البريد الإلكتروني الشخصية لأميركيين، وتسريبها لوسائل الإعلام بغرض تشويه السمعة.
وألقى الكاتب الضوء على العملية الأخيرة التي فضحتها وسائل الإعلام، حيث قام قراصنة يعملون لصالح نظام الحمدين باختراق حسابات أكثر من 1200 شخصية أميركية، بينهم أصدقاء ترامب، ومسؤولون أوروبيون يعملون في مجال مكافحة الإرهاب، ومسؤولون سابقون في جهاز الاستخبارات الأميركي، وقادة عرب ونجوم كرة قدم وممثلات ونجمات من بوليوود، وفقاً لما ورد في وثائق قانونية وتقارير فنية، إضافة إلى ما ذكره أعضاء سابقون من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
وشدد الكاتب على أن العملية تثير القلق الواسع بسبب امتدادها الجغرافي، والتي تعد أكبر اختراق يتم اكتشافه على الإطلاق، حيث امتدت عبر أربع قارات حول العالم، هي أميركا الشمالية وأوروبا وإفريقيا وآسيا، على مدى 4 سنوات، منذ أن بدأت بالتجسس على الحياة الخاصة لأكثر من 1000 شخص يعتبرون أعداء لقطر عام 2014 وصولاً إلى عام 2018. وأشار إلى الاحتيال الذي قامت به قطر، وقال «يبدو أن هذا الاختراق الهائل وهو هجوم احتيالي استخدم برامج شبيهة بالفيروسات الإلكترونية للإطلاع على المعلومات الشخصية للشخصيات المراد اختراق بريدها وحساباتها الشخصية»، مشدداً على أن هذا الهجوم قامت به قطر.
وأوضح أن الكاتبة إيلي ليك من شبكة «بلومبرج» قدمت بعض الأدلة على إدانة قطر، بقولها «إن المتسللين استخدموا شبكات خاصة افتراضية لإخفاء عناوين بروتوكول الإنترنت الخاصة بهم. لكن في بعض الحالات، لم يفعلوا، والعناوين المرتبطة بمزود خدمة الإنترنت (أوريدو)، أثبتت إضافة إلى أدلة تقنية أخرى أن قطر هي من تقف وراء هذا الاختراق».
ونقل تقرير ليك عن نائب رئيس شركة مجموعة «كريبسيس» للأمن السيبراني سام روبين، إن مدى وحجم المعلومات التي تمكنوا من الحصول عليها في مذكرات الاستدعاء هذه تتجاوز قدرات الفرد. وأضاف «تم إعداده بطريقة منتظمة، ليتم مشاركته من خلال ما يبدو أنه فريق عمل كامل». وأضاف متسائلاً «ما الدافع الذي يمكن أن تمتلكه قطر؟». موضحاً إن عمليات القرصنة يبدو وكأنه تم تصميمها لإعطاء معلومات استخبارية سياسية تهم الحكومة القطرية».
وقال الكاتب كاماراس إن الحكومات الأجنبية تستخدم عمليات القرصنة للتأثير على أميركا منذ ما يقرب من عقد من الزمن، ضارباً المثل بعمليات الأجهزة العسكرية الروسية وما أشيع عن اختراق شركة «دي إن سي» في محاولة للتأثير على انتخابات 2016، أو ما قيل عن القراصنة الكوريين الشماليين الذين اخترقوا شركة «سوني بيكتشرز» بسبب إنتاج فيلم لم يعجبهم، لتصبح عمليات القرصنة حالياً سلاحاً متاحاً للجميع.
ولا يستطيع ضحايا عمليات القرصنة مقاضاة المقرصنين في المحاكم الأميركية عن الأضرار التي لحقت بهم، ذلك لأن المقرصنين المدعومين من الدول، وخاصة قطر، يستغلون ثغرة في قانون الحصانة السيادية الأجنبية، أو «FSIA»، وهو ما يزيد الغموض حول ما إذا كانت الحكومات الأجنبية يمكن أن تواجه عقوبات جنائية أو مدنية على هذا السلوك. وضرب الكاتب مثالاً لذلك بقضية جامع تبرعات الحزب الجمهوري إليوت برويدي، الذي تعرض لاختراق بريده من قبل مقرصنين يعملون لصالح نظام الدوحة، لكن بسبب قانون الحصانة السيادية الأجنبية، تمكن هذا النظام من الإفلات من الإدانة، بعد قرار قاض فدرالي، طالب بتعديل القوانين حتى يمكن للمحاكم مقاضاة دول مثل قطر.
والقانون الحالي المعمول به كان تم تبنيه عام 1976، أي قبل فترة طويلة جداً من اختراع الإنترنت. وكما وجد القاضي في الوقت الحاضر، أن قانون الحصانة السيادية الأجنبية يحول فعلياً من دون دعاوى مدنية في محاكم الولايات المتحدة ضد حكومات أجنبية. إلا أنه أشار إلى أنه في ضوء تزايد انتشار الهجمات في الفضاء السيبراني، قد يكون الوقت مناسباً للكونجرس، النظر في استثناءات في هذا القانون. وما يقصده القاضي، طبقاً للكاتب، هو أن القانون الحالي يسمح لضحايا الإرهاب بمقاضاة الحكومات الأجنبية في المحاكم الفيدرالية، وبالتالي يرغب في وجود استثناء لضحايا الهجمات الإلكترونية ليحصلوا على نفس الحق في مقاضاة الحكومات الأجنبية.
وتلبية لدعوة القاضي الفدرالي، فإن عدداً متزايداً من المشرعين يبحثون بشكل جدي عن تعديل القانون لوضع مثل هذا الاستثناء، ومن ضمنهم النائب تيد بو من تكساس، وستيف تشابوت من ولاية أوهايو. وأكد الكاتب أن إغلاق مثل هذه الثغرة القانونية في الحرب على القرصنة الإلكترونية يجب أن يكون مسعى لكلا الحزبين الرئيسين، مضيفاً أن المقرصنين استهدفوا الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء. وقال إن القلق من أن الحكومات الأجنبية قد تسن قوانين مماثلة، لا يجب أن يكون مدعاة للقلق، ولا يجب أن يكون لدى المقرصنين أي ملجأ، ويجب على حلفاء الولايات المتحدة أن يجعلوا من مثل هذا الهدف قضية مشتركة للتخلص من هذا البلاء الذي يعاني منه العالم. وخلص إلى «أنه حتى يبدأ الكونجرس في العمل والتصرف سيكون لقطر وكوريا الشمالية وإيران مطلق الحرية في تخويف وإسكات الأميركيين، الأمر الذي يعرقل الديمقراطية»، وقال «دعونا لا نسمح لقانون عفا عليه الزمن أن يمنح أعداءنا المهاجمين درعاً أميركياً».